ما زالت الاتهامات بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان والمعارضة تتوالي بشأن الهدف من دعوة الرئيس البشير لمؤتمر دعا إليه القوى السياسية لبحث استفتاء الجنوب، وإمكانية العمل لجهة تثبيت وحدة البلاد. ويبدو أن شروط المعارضة لقبول الدعوة قد دفعت إلى اتهامها بتنفيذ أجندتها الخاصة بدلا من الاتجاه نحو قضايا الوطن الحقيقية. لكن المعارضة التي رفضت الاتهام، اعتبرت الدعوة في أساسها مجرد مناورة، وقالت إنها محاولة من الحزب الحاكم من أجل أن يشرك الآخرين في تحمل "وزر" انفصال الجنوب، مما يشير إلى أن الأمور بين الفريقين ما تزال تسير في خطين متوازيين. فقد اتهم الحزب الحاكم المعارضة بالانطلاق من منافع حزبية ضيقة، واعتبر شروطها للاجتماع مع شريكي السلطة (الحزب الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان) حول الاستفتاء بغير المنطقية. في المقابل، تمسكت أحزاب المعارضة هي الأخرى بموقفها الرافض للاجتماع دون تحقيق مطالبها. منافع خاصة فقد قال أمين المنظمات بالمؤتمر الوطني قطبي المهدي إن حزبه يمد يده للقوى السياسية المختلفة منذ فترة طويلة "بهدف أن يصبح العمل السياسي مشتركا" مضيفا أن حزبه ظل يلاحظ أن دوافع ومبررات الأحزاب دائما تنطوي على منافع خاصة وبافتعال قضايا لا معنى لها على المستوى الوطني. وذكر في تصريحات صحفية أن الشكوك التي عبرت عنها القوى السياسية حول الاجتماعات "تجعل القوى السياسية المعارضة تساهم بصورة مباشرة في نسف الوحدة السودانية المنشودة". في الجهة المقابلة، قال الحزب الشيوعي السوداني إنه ليس بالإمكان مناقشة الوحدة أو الاستفتاء بين المعارضة والحكومة في ظل غياب الحريات، متسائلا عن كيفية التواصل مع الآخر وإقناعه بالوحدة في ظل كبت قائم. وقال مسؤوله السياسي صديق يوسف إن الجميع ينادي بضرورة مناقشة أسباب المشكلة في الجنوب والغرب والشرق "وهذا ما لا يروق للمؤتمر الوطني بأي حال من الأحوال". واستبعد صديق يوسف في حديثه للجزيرة نت المشاركة في لقاءات مع حزب المؤتمر قائلا "لأننا لا يمكن أن نشارك في جريمة الانفصال التي بدت واضحة للعيان". جريمة الانفصال على صعيد آخر، اعتبر حزب الأمة القومي أن إجماع القوى السياسية هو المخرج لأزمات السودان، مشيرا إلى أن اقتصار قضايا البلاد على المؤتمر الوطني والحركة الشعبية أضر ويضر بالوحدة المرجوة. ضمن هذا الإطار، قال نائب الأمين العام للحزب إن معالجة قضايا السودان تتطلب كثيرا من التواضع والاعتراف بالآخر، معتبرا أن حل الأزمة القائمة لا يتم إلا عبر رؤى قومية متفق عليها. وأكد عبد الرحمن الغالي للجزيرة نت أن مطالب المعارضة تمثل جل الهموم الوطنية، راهنا مشاركة المعارضة بالاستجابة لتلك المطالب والرؤى القومية. وأضاف المسؤول الحزبي "إذا أراد المؤتمر الوطني أن يقود تعبئة سياسية لتقوية موقفه للمرحلة المقبلة فإن ذلك لن يحل القضية القائمة في الجنوب وفي دارفور والتعقيدات الأخرى في أطراف البلاد الأخرى". تعبئة سياسية غير أن حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه حسن الترابي، اعتبر دعوة الحكومة مجرد حشد محدد العضوية والأجندة والبنود، مشيرا إلى أن ذلك لن يكون مؤتمرا تتساوى فيه القوى السياسية بالبلاد. وقال، عبر أمين العلاقات الإسلامية والخارجية بالحزب أبو بكر عبد الرازق، إن ما يدعو له المؤتمر الوطني "هو مهرجان خطابي يتلو فيه رئيسه خطابا يصبح موضوعا للتداول دون غيره". وأكد أن حزبه قد قرر مقاطعة المؤتمر وعدم قبول دعوة المشاركة "لأنه لا يقدم ولا يؤخر في عملية الوحدة أو الانفصال" مشيرا إلى أن ما يجري بين الطرفين الحاكمين ما هو إلا مجرد ترتيبات شكلية وقانونية لاستكمال عملية الانفصال.