دق هاتف الموسيقار المسيحي هاني شنودة، لم يكن يتصور على الإطلاق أنه سيتلقى دعوة من جماعة الإخوان المسلمين لحضور إفطارها السنوي، العام الماضي، لكن شنودة طلب من محدثه أن يراجع اسمه جيدا ويتصل به مجددا في اليوم التالي، مشددا على أنه هاني شنودة الموسيقار المسيحي، لكن هاتفه دق مجددا في اليوم التالي، حيث كرر محدثه سيد درويش، منسق اللجنة الفنية ب«الإخوان»، دعوته، قبل أن يصبح رسميا المسؤول عن تدريب فريق شباب «الإخوان» للغناء الجماعي. ويمثل الموسيقار هاني شنودة نقطة تقاطع قطاعين يمثلان التحدي الأهم أمام جماعة الإخوان المسلمين، وهما الأقلية المسيحية والمبدعون. ويعكس اختيار «الإخوان» لشنودة إدراكا منهم لهذه الحقيقة. وكانت هناك حالة من القلق المرتبطة بصعود التيارات الإسلامية وهيمنتها على البرلمان، وهو ما حاولت الجماعة تجاوزه عبر زيارة لجنتها الفنية لنقابة المهن التمثيلية وعدد من الموسيقيين، وكذا حضور قيادات الجماعة وحزبها السياسي لمراسم أعياد الميلاد بالكاتدرائية المصرية. وحضر وفد من قياديي جماعة الإخوان المسلمين قداس عيد الميلاد المجيد، لأول مرة في تاريخ الجماعة، ضم محمود عزت نائب المرشد العام ومحمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة، اللذين وجها التحية للبابا شنودة، وهو ما اعتبره مراقبون بادرة حسنة من الجماعة. وطوال العام الماضي، خرجت عدة تصريحات متشددة من شخصيات منتمية للتيارات الإسلامية بحق قطاعات واسعة شملت فرض الجزية على المسيحيين وتحريم الفن وفرض النقاب على المرأة وإبقاءها بالمنزل، بالإضافة لأفعال أكثر تشددا شملت تغطية تمثال لحورية البحر بالإسكندرية أثناء مؤتمر لحزب النور السلفي، والتعدي على كنائس في محافظات مصرية مختلفة، وهو ما دفع بعض الفنانين للتصريح بأنهم سيغادرون البلاد متى وصل «الإخوان» أو الإسلاميون بشكل عام لسدة الحكم، كما كشفت تقارير صحافية عن أن عددا كبيرا من المسيحيين تقدموا بطلبات للهجرة. وكشف الموسيقار هاني شنودة، الذي قامت اللجنة الفنية ب«الإخوان» بزيارته قبل أسبوع، عن أن زيارة «الإخوان» جعلته أقل قلقا بشكل كبير، وقال شنودة ل«الشرق الأوسط»: «المعادلة بسيطة للغاية.. لما تخوفني أخاف، لما تطمئني أطمئن»، وأوضح شنودة أن كل ما كان يعرفه عن «الإخوان» قبل الزيارة «كان يجعل ركبي تخبط في بعض»، وفق تعبيره الذي أصر على أن يذكر حرفيا، لكنه تابع وهو يلتقط البرنامج الانتخابي ل«الإخوان» ملوحا به «اكتشفت أنهم ناس ودودون ومتفاهمون، وهو ما أزال الكثير من القلق عني». وفيما كان عنوانا بالخط الأحمر على جريدة محلية يقول «سلفيون يقتحمون موقف ميكروباص (حافلات صغيرة) لمنع ركوب النساء مع الرجال»، قال شنودة في كلية الفنون الجميلة، ناس تجتهد للعمل في مجال نحت التماثيل، بينما هناك من يخزن الشمع لتغطية تلك التماثيل، لكن شنودة استدرك قائلا «السلفيون لا يقلقونني على الإطلاق لأنهم من المفترض أن يتبعوا السلف الصالح، فعمرو بن العاص عندما فتح مصر لم يأمر بهدم كنيسة أو تغطية تمثال بالشمع»، مضيفا «أوصي الجميع بالتفكير قبل الحديث».