لقي سبعة وخمسون شخصا مصرعهم في صدامات عرقية (قبيلة) وقعت في جنوب السودان الأسبوع الماضي. وكان عدة آلاف من المواطنين قد قتلوا في نفس المنطقة خلال أسابيع من الصدامات الدامية في يناير وفبراير على خلفية عداء قديم بين قبيلتين متنازعتين بالمنطقة. وقد بدا القتال بسبب نزاع حول أبقار مسروقة. ويحذر باحث هولندي زار المنطقة مؤخرا من أن العنف المتصاعد يهدد الاستقرار في جنوب السودان. اعد الباحث الهولندي هانز راو الذي يعمل مع منظمة باكسا كريستي IKV تقريرا بحثا مطولا حول نزع السلاح في جنوب السودان بعد زيارة مطولة للمنطقة. وعقب أحاديث مطولة مع قادة من قبيلتي النوير والمورلي المتنازعتين في إقليم جونقلي في دولة جنوب السودان يحذر الباحث من أن النزاع قد يتطور وأن الأوضاع في المنطقة قد تخرج من اليد مرة أخرى . "شباب النوير لا يزالون يرون أن الحل يكمن في السلاح والعنف والقضاء على المورلي وان ذلك هو الحل الجذري الوحيد للمشكلة، وأنهم لن ينعموا بالسلام إلا بإنجاز ذلك الهدف." اتهامات متبادلة يقول راو "ينظر النوير للمورلي باعتبارهم جماعة شريرة وعدوانية ويزعمون ان للمورلي قوي خارقة" ويضيف "يزعم النوير أن المورلي لا هم لهم سوى نهب الأبقار واختطاف الأطفال ولا يمكن التفاوض معهم أبدا." يشكل المورلي أقلية صغيرة وتعاني من الاستبعاد من القبائل الأخرى و ليس لديهم تمثيل في حكومة جنوب السودان. ويشكو المورلي من أنهم يتعرضون للتمييز، فيما لا يطالبون بشيء سوى تركهم وشأنهم للرحيل خلف أبقارهم. يقول الباحث أن القبيلتين رعويتين وتنشطان في النهب المتبادل للأبقار منذ زمن سحيق. وللأبقار أهمية كبري لدى الطرفين ليس فقط كمورد اقتصادي بل للدلالة على علو المكانة الاجتماعية وتستخدم الأبقار في دفع المهور لعقد الزيجات. انتشرت الأسلحة النارية بين القبائل بسبب الحرب الأهلية بين جنوب وشمال السودان لعقود وأدى انتشار الأسلحة النارية لتزايد عد الضحايا الذي يسقطون في في النزاعات بين الطرفين. الانتقام يقول الباحث " يتجدد النزاع بين النوير والمورلي مرة بعد الأخرى. خلال الأسابيع القليلة الماضية قتل المئات من المورلي على يد النوير. الضحايا السبعة والخمسين الذي سقطوا الأسبوع الماضي كانوا من النوير وقد قتلوا في هجمات انتقامية قام بها المورلي، ما يحدث هو العين بالعين والسن بالسن حرفيا." تصاعد العنف منذ استقلال جنوب السودان في الصيف الماضي. ويرى الباحث الهولندي راو أن من أسباب ذلك الشائعات التي راجت حول حصول المورلي على أسلحة من حكومة شمال السودان. إذا صحت الشائعات فإننا نتحدث حول حرب بالوكالة. وعلى حكومة جنوب السودان أن تتخذ إجراءات فعالة حتى لا يتصاعد النزاع ويتحول لحرب بين شمال السودان وجنوبه. تدخل لكن قدرات جيش جنوب السودان للتدخل الفعال محدودة للغاية كما ان الجيش ليس متجانسا تماما لأنه يتكون أساسا من فصائل المتمردين السابقين، وكل القدرات المتاحة لجيش جنوب السودان مخصصة بالدرجة الأولي لحماية جنوب السودان من المخاطر القادمة من شمال السودان، لذلك فإن التدخل لفض النزاع بين النوير والمورلي ليس من أولويات جيش الجنوب. "يضاف إلى ذلك فإن النوير يشكلون جزءا مهما من جنود جيش جنوب السودان ويصعب عليهم أن يوفروا الحماية للمورلي في الوقت الذي تتعرض فيه أسرهم للهجمات." هنالك أيضا مشكلة عدم الثقة في حكومة جنوب السودان ويوضح هانس راو "هنالك مزاعم كثيرة من قبل المواطنين بان الجيش والشرطة مستفيدان من النزاع وأنهم يقتسمون ما يتم نهبه من الأبقار. ومن الصعب أن تتحقق من صحة مثل هذه الروايات لكنها تشير أجمالا إلى افتقاد الثقة في قوات الجيش والشرطة في الجنوب. ولهذا السبب يصر النوير بوضوح على أنهم لن يتفاوضوا مع حكومتهم بشان حل نزاعهم مع المورلي. البديل يري الباحث هانس راو ان هنالك وسيلة واحدة لوضع حد للعنف وهي وضع قوة مشتركة من الجيش والشرطة والأمم المتحدث لحماية الناس وضمان سلامتهم. بعد ذلك يمكن بدء عملية سلام تتعلم بموجبها القبيلتان التعايش مع بعضهما البعض. بتشييد الطرق والمدارس والمستشفيات يمكن للطرفين أن يطورا وسائل بديلة للكسب بدلا عن النهب المتبادل للمواشي. اذاعة هولندا العالمية