حسين حسن ابراهيم الخرطوم - 21 - 1 (كونا) -- انهارت المفاوضات بين دولتي السودان وجنوب السودان حول قضايا فك الارتباط بين الدولتين بسبب خلافات عميقة حول تسوية ملف النفط وسارعت جوبا للاعلان عن ايقاف انتاجها واغلاق كافة الابار لترد الخرطوم بأنها قادرة على ادارة اقتصادها اذا اوقف الجنوب التصدير. ومنذ انفصال دولة جنوب السودان في التاسع من يوليو الماضي تعثرت كل جولات التفاوض التي يرعاها الاتحاد الافريقي للوصول الى تسوية للقضايا محل الخلاف بين البلدين ومن ابرزها ترسيم الحدود والديون الخارجية واصول الدولة السودانية والنزاع حول تبعية منطقة (ابيي) الغنية بالنفط. ودعا الاتحاد الافريقي الى جولة تفاوض جديدة انطلقت يوم الثلاثاء الماضي في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا وتصدر جدول اعمالها ملف النفط. وعلى مدى اربعة ايام من التفاوض لم يتمكن الوسطاء من جمع الطرفين على مائدة تفاوض مشتركة. وأجرت الوساطة مفاوضات غير مباشرة بالاستماع لكل طرف على حدة وجاءت المحصلة بإصرار الخرطوم على أخذ نصيبها من نفط الجنوب مقابل مروره عبر الاراضي السودانية واستخدامه للمنشآت والموانئ السودانية بواقع 36 دولارا للبرميل فيما رفضت بشكل قاطع مقترح الخرطوم واصرت ان تدفع دولارا واحدا للبرميل. واتهمت جوبا جارتها الشمالية الخرطوم بمصادرة نفط قيمته 350 مليون دولار في ميناء بورسودان ومنع بيع نفط قيمته اكثر من 400 مليون دولار بمنع السفن من دخول الميناء او مغادرته. وعقد مجلس وزراء حكومة الجنوب اجتماعا طارئا يوم امس قرر فيه ايقاف انتاج النفط واغلاق الابار وابلغ الشركات العاملة بالقرار لتنفيذه على ارض الواقع. وفور صدور القرار اصدرت الخارجية السودانية بيانا رسميا اعتبرت فيه ان إيقاف تصدير نفط الجنوب فيه ضرر للطرفين ولكن ضرر دولة جنوب السودان أكثر من ضرر السودان. واشار البيان الى ان السودان ظل معتمدا بالكامل على إنتاجية نفطه منذ 10 يوليو 2011 حتى 30 نوفمبر 2011 ولم يأخذ من نفط دولة الجنوب برميلا واحدا كما لم يأخذ أي مقابل لتصدير نفطها عبر الاراضي السودانية وهو يؤكد أنه قادر على إدارة اقتصاده حتى لو أوقفت دولة الجنوب تصدير نفطها. ولفت الى ان حكومة السودان اضطرت الى أن تأخذ حقها وحق شعبها من النفط الجنوبي المصدر عبر اراضيها بعد ما بدا لها أن دولة الجنوب غير جادة في التفاوض والوصول لحل متفق عليه. وشدد البيان على انه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن استخدام البنيات الأساسية للنفط للتصدير عبر الاراضي السودانية أو لم يتم التوصل لاتفاق مؤقت سيواصل السودان أخذ نصيبه من نفط دولة الجنوب ما دام النفط يمر عبر أراضيه وتستخدم منشآته في تصديره دون أن يؤثر ذلك في تصدير حصة دولة الجنوب من النفط. وتضخ جوبا نحو 350 ألف برميل يوميا في حين ينتج السودان 115 ألف برميل في حقول النفط المتبقية له. وقال الخبير الاقتصادي السوداني الدكتور ابراهيم صالح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) ان" دولة جنوب السودان الوليدة تواجه صعوبات جمة في ايجاد أي بديل لتصدير نفطها غير الشمال حيث اكدت مجموعة من الدراسات بشأن منافذ التصدير وانشاء خط انابيب بديل في القرن الافريقي عبر كينيا واوغندا وجيبوتي ان انجاز أي خط جديد يتطلب عامين على اقل تقدير". واضاف "لا يمكن ان تصمد دولة الجنوب لمدة عامين دون عوائد النفط التي تعادل نحو 98 في المئة من ميزانيتها". واشار الى ان الشمال ايضا بحاجة ماسة لحصته في عوائد نفط الجنوب لاسيما امام الازمة الاقتصادية الطاحنة بجانب انه يريد تجاوز التفاوض حول النفط لملفات اقتصادية اخرى مهمة جدا بالنسبة له ومن بينها تقاسم الديون الخارجية التي تصل الى نحو 39 مليار دولار. ورأى صالح ان هذه العوامل قد تساعد في احداث اختراق في القريب العاجل للخلافات حول هذا الملف مرجحا ان يحدث الاجتماع المرتقب بين الرئيسين عمر البشير وسلفاكير ميارديت في ال27 من يناير الجاري الاختراق المطلوب لتسوية الخلافات حول ملف النفط. وانفصل جنوب السودان عن الشمال وفق نتائج الاستفتاء على تقرير المصير الذي اجري بمقتضى اتفاق السلام الشامل المبرم بين الجانبين في عام 2005 بعد عقدين من الحرب الاهلية الطاحنة