المرشحة الرئاسية عن اليمين مارين لوبن تزج بقطر في اللّعبة الانتخابية وتزايد على الحزب الحاكم. حمي وطيس معركة الانتخابات الرّئاسية الفرنسية وأصبحت قطر، المتّهمة ب"شراء فرنسا بالبترودولارات الوهابية"، مادّة مفضّلة لليمين المتطرّف، وتزايد على وزير الدّاخلية بخصوص تصريحه عن عدم تساوي الحضارات. فقد شنّت زعيمته المرشحة للانتخابات، مارين لوبان، هجوما عنيفا على قطر، متّهمة إياها ب"استثمار مبالغ كبيرة" في الضّواحي الفرنسية الفقيرة التى يتكاثر فيها المهاجرون العرب، لا سيما من المغرب العربي. وقالت لوبن في مؤتمر صحافي ان "الاستثمارات الكبيرة التي توظّفها قطر في الضّواحي وجدت بسبب الحجم الكبير للمسلمين. إنه امر قابل للنقد لأننا نسمح للبد اجنبي اختيار استثماراته بحسب ديانة هذا الجزء او ذاك من السكان او الارض الفرنسية". وأضافت ان قطر "تمارس لعبة مزدوجة" حيال المجموعات الاسلامية. وفي مقابلة مع تلفزيون "م6"، قالت لوبن أن "قطر تهدّد استقلال فرنسا وتدعم الأصولية الإسلامية، بعد أن اخترقت هذه الإمارة الغنية جدّا بفضل النفط والغاز في الاشهر الاخيرة عالم الأعمال التجارية والرياضة، خاصة من خلال الإستحواذ على نادي باريس سان جيرمان" لكرة القدم. وانتقدت لوبن بشدّة النظام الضريبي الفرنسي الذي يمنح امتيازات للمستثمرين والمقيمين القطريين، من خلال اتفاق اقترحه الرئيس نيكولا ساركوزي، زعيم الحزب الحاكم، "الاتحاد من أجل الحركة الشعبية"، ووافق على المعاهدة كل من مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية بداية 2008. وقد منح الإتفاق للقطريين وضعا ضريبيا مميزا لاستثماراتهم العقارية التي لم تعد تخضع للضريبة على أرباح الرأسمال ولا يدفعون ضريبة التضامن على الثروة خلال السنوات الخمس الأولى لوجودهم في فرنسا. ورغم أن العلاقات الاقتصادية بين باريس والدوحة تبقى متواضعة، حيث تحتل الإمارة المرتبة المائة في قائمة المزودين والمرتبة 45 بالنسبة لعملاء فرنسا في عام 2009، إلا أن النفوذ المالي القطري في تزايد في مجالات عدة. فعلاوة على الاستحواذ على نادي "باريس سان جيرمان" والذي جعل قطر من أكبر المنفقين في سوق الانتقالات، أصبحت الدوحة أكبر مساهم في مجموعة "لاغردير" الفرنسية ذات الأنشطة المتنوعة خاصة الدفاع والإعلام. كما أن قناة "الجزيرة" القطرية أحدثت رجّة في المشهد السمعي البصري الرياضي الفرنسي بعد حصولها على أربع من أصل خمس حصص لحقوق البث التلفزيوني لدوري أبطال أوروبا في فرنسا على امتداد الفترة بين 2012 و2015. ولكن اطلاق صندوق لتمويل مشاريع اقتصادية في الضواحي بقيمة 50 مليون يورو قابلة للزيادة لسكان الضواحي كان القطرة التي أفاضت الكأس بالنسبة إلى شريحة واسعة من المجتمع الفرنسي. فلا تكاد تخلو الصحف اليومية من المقالات التي تتحدث عن قلق الفرنسيين وسخطهم على "الغزو القطري" لفرنسا. ليس من المستغرب إذن أن تقطف زعيمة اليمين "الرّعب" الذي تثيره قطر في فرنسا، وكذلك بسبب رعايتها للإسلام السياسي في العالم العربي، في حملتها الإنتخابية. ولم تلق تصريحات لوبان نفس الصدى الذي أثارته تهجّمات وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان، المنضوي تحت راية الحزب الحاكم، والذي قال في خطاب أمام جمع من الطلبة في باريس السبت بأن "الحضارات ليست متساوية". ودعا غيان إلى حماية حضارة بلاده من المهاجرين المنتمين إلى حضارات تدعو إلى 'الطغيان وإضعاف النساء والكراهية الاجتماعية او الاثنية". وسببت هذه التصريحات قبل ثلاثة اشهر من موعد الاقتراع استنكار "الحزب الاشتراكي الفرنسي" و"حزب دعاة حماية البيئة" اليساريين. إلا أن الوزير غيان أصرّ وعاد ليؤكّد الأحد في حوار مع صحيفة "لوفيغارو" بأنه "غير آسف" على تصريحاته بخصوص عدم تساوي الحضارات. وأوضح الوزير قائلا "لقد تحدثت بمنطقية وعلى أساس أدلّة"، مذكرا بأن "الحضارات ليست جميعها متساوية من حيث القيم الإنسانية التي نؤمن بها". وأضاف "لكنني آسف لأن بعض اليساريين يواصلون إخراج جمل صغيرة من سياقها مما يزيح عن النقاش الديمقراطي نزاهته".