ما إن أعلن وزير الخارجية السوداني علي أحمد كرتي إمكانية لجوء الحكومة السودانية إلى استخدام خطتها الثانية المسماة بالحرف "ب" في تعاملها مع دولة الجنوب، حتى بدأت التساؤلات تتدافع عن هذه الخطة ونوعيتها، وما إذا كانت سلمية أم خطة حرب. ولم يخطر على بال كثير من المراقبين أن يجد السودان نفسه مضطرا للدخول في مواجهة جديدة مع دولة كانت إلى وقت قريب ضمن أقاليمه الممتدة، أو أن يلجأ الطرفان في جوباوالخرطوم إلى الحرب لأجل حسم خلافات كان الانفصال ثمنا لوقفها وتجاوزها. لكن ظهور بعض جوانب تلك الخطة واستعداد الخرطوم للتعامل مع جوبا بالمثل -كما تقول- بدعم المتمردين الجنوبيين أسوة بما تفعله حكومة الرئيس سلفاكير ميارديت، دعا كثيرا من المراقبين إلى الاعتقاد بإمكانية وقوع الحرب بين الجارتين إذا نفذ كل منهما وعيده وتهديده. غير أن تلك التهديدات المتبادلة مرتبطة عند الخرطوم بمواصلة الحكومة الجنوبية لمخططها الرامي إلى إسقاط نظام الحكم في السودان، كما تقول. تهديدات وخيارات وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية السودانية إن الخطة "أ" كان هدفها إقامة علاقات حسن الجوار وتعاون وتبادل بين الدولتين "لأنها مبنية على كونهما كانتا دولة واحدة". وأضاف العبيد أحمد مروح أن سلوك حكومة جنوب السودان "أدى إلى تراجع الأمل في أن تصبح العلاقات طبيعية". وتابع أن العلاقات الطبيعية "نفسها يشوبها شيء من الكدر بدعم الجنوب لمتمردي النيل الأزرق ودارفور وجنوب كردفان، بجانب وضعه خطة للإطاحة بنظام الحكم في الخرطوم". وهدد مروح بأنه إذا ما استمرت دولة الجنوب في نهجها بدعم المتمردين السودانيين ومحاولة التضييق على البلاد، "فإننا ومن باب الدفاع سنستخدم ذات الأسلوب ونفس الوسائل الموجودة في الخطة الثانية ب". لكنه أكد في حديثه للجزيرة نت أن السودان "قبل أن يقدم على استخدام تلك الخطة سيشهد دول الجوار والمجتمع الدولي بالأعمال العدوانية لدولة الجنوب"، مشيرا إلى أن تفسير الخطة "ب" هو أن يلجأ السودان لدعم المتمردين الجنوبيين ويضيق على جوبا اقتصاديا كما تفعل هي مع الخرطوم". عشوائية وعنترية المحلل السياسي فيصل محمد صالح أشار من جهته إلى عدم إدارة المعركة بين الطرفين وفق خطة مدروسة أو عبر جهات تضع خيارات المرحلة. وقال صالح للجزيرة نت إن الطرفين يديران معركتهما "بشكل عشوائي وعنتري يفتقد الدبلوماسية"، معتبرا أن أسلوب إدارة القضية بهذه العقلية "لا يمكن التنبؤ بمآلاته ومعرفة نتائجه النهائية". وأكد أن القرار الفردي يعلو على الخطط والبدائل الموضوعية، مشيرا إلى تبادل الطرفين القرارات الانفرادية والانفعالية، ومستبعدا إمكانية انتقال الحكومة السودانية إلى الخطة البديلة "لأنها لم تعمل بالخطة الأولى بكاملها حتى تنتقل إلى غيرها"، متوقعا في الوقت ذاته عدم انتهاء التوتر في الفترة القريبة المقبلة. حرب اقتصادية غير أن المحلل السياسي محمد علي سعيد أكد استطاعة الخرطوم الانتقال إلى الخطة الثانية "بشن حرب اقتصادية على دولة الجنوب". وأشار إلى صعوبة التوصل إلى حل للمشاكل القائمة التي لا تتوقف عند حدود خلافات البترول فحسب. ورأى سعيد في حديثه للجزيرة نت أن بإمكان السودان غلق حدوده ومنع البضائع من دخول الحدود الجنوبية "لأنه لا يستورد من الجنوب". وتوقع عدم لجوء الطرفين إلى "تطبيق سياسة حافة الهاوية، بل سيكتفي كل منهما بدعم المعارضة والمتمردين ضد الآخر، وهو ما يحدث الآن". كما استبعد سعيد أي حرب بين الطرفين "رغم توقعات الرئيس السوداني عمر البشير باندلاعها"، مؤكدا تأثر الدولتين بأي قرارات أحادية أو جماعية للطرفين معا. المصدر: الجزيرة