الدكتور حسن الترابي .. زوايا وأبعاد    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    راشد عبد الرحيم: الجنسية والقبيلة    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث: المدنيون في الفاشر يكافحون بالفعل من أجل البقاء على قيد الحياة    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هالة محمد عبد الحليم ومقولة «المرة لو بقت فاس، مابتكسر الرأس!»
نشر في الراكوبة يوم 14 - 08 - 2010

استطاعت بكل عزيمة أن تتجاوز الموروث الشفاهي المتأصل في أدبيات المجتمع السوداني: «المرة لو بقت فاس، مابتكسر الرأس!»، وفي مجتمع يوصف بالذكوري، ومتهم على الدوام بممارسة الاستعلاء وفقاً لتصنيفات الجندر، نحتت ضيفتنا بعزيمة وصبر سيرتها التي يحق لنا أن نختصرها في العبارة (أنثي ولا دستة رجال!).
هالة محمد عبد الحليم المحامي، رئيسة حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق)، (الأهرام اليوم) التقت بها وطرحت عليها عدداً من الأسئلة، منها المتعلق بتوحيد حركة حق عقب عمليات الانشطار المتتالية في صفوف الحزب، استنطقناها حول حصاد برنامج الحركة، وعن انتخابها وما شابَهُ من تشكيك في مقدراتها ومؤهلاتها السياسية، ما وصف يومها بأنه انتصار ل (موازنات النوع).
سألناها كذلك عن علاقتهم مع الجمهوريين والليبراليين، قطاع الشمال والحركة الشعبية نفسها، ومجمل تحالفات الحركة، خصوصاً في ظل ما يثار عن تحلل الحركة من البرنامج الفكري، والتزامهم بما يسميه البعض ب(الآيديولوجيا اللايت) مقابل غايتهم السياسية المتمثلة في إسقاط النظام، ما جعل حبل تحالفاتهم يمتد وصولاً إلى القوى الطائفية، الأعداء التقليديين لقوى اليسار التقدمي!
حول الانتقادات التي ظلّ يقدمها الحزب الشيوعي لحركة حق في محور العمل الطلابي؛ كانت لنا بعض الوقفات معها، علاوة على استفهامات حول مساعي وإمكانية وحدة اليسار السوداني، ترتيبات الاستفتاء والمخاطر التي تواجهه، قضية دارفور، حال المعارضة وأحوال تحالف جوبا، نظرتهم إلى مستقبل السودان ما بعد يناير المقبل، رؤيتهم لمعالجة القضايا السودانية الراهنة.. كل هذه المحاور وغيرها استمعت إليها مضيفتنا وقامت بالرد عليها بكل أريحية، معاً نطالع حصيلة ردودها عبر هذا الحوار في حلقته الأولى.
إلى أين وصلت مساعي توحيد حركتيْ (حق) الجديدة والحديثة؟
- (حق) الحديثة والجديدة توحدتا في يوم مشهود، واندمجتا في حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق)، ومنذ إعلان الوحدة نحن أصبحنا تنظيماً واحداً.
هل اكتملت الوحدة بشكل رسمي وتنظيمي؟
- نعم، الوحدة اكتملت منذ إعلانها، وأصبحنا تنظيماً واحداً، والآن نحن في انتظار المؤتمر العام لحركة (حق) الجديدة، الذي سينعقد في الشهور القادمة، وسوف نخرج بصيغة موحدة من المؤتمر، وأعتقد أن هذه الرؤية لا تمثل (حق) الحديثة و(حق) الجديدة، بل تمثل رؤية كل (الحقانيين) لمستقبل قادم.
حسناً: لكن هناك أصواتاً من (حق الحديثة) كانت ترفض الوحدة، ماذا حدث بشأن رافضي الوحدة؟
- هذه الأصوات ليس لها وجود، هي أصلاً لم تكن منضوية تحت لواء حركة (حق الحديثة)، إذا كنت تقصد الأصوات التي تحدثت باسم حركة (حق الحديثة)، نحن نسمع برفض بعض الأصوات للوحدة، لكن لم نواجه بصوتٍ رفض الوحدة أبداً.
من قبل طرحتم برنامجكم المسمى (1800) يوم.. ما هو حصاد ذلك البرنامج؟
- نعم، حركة (حق) خرجت من مؤتمرها الثالث بورقة سياسية أسمتها العد التنازلي للوطن (1800) يوم، وهي كانت الفترة المتبقية للانتخابات منذ ذلك الوقت، الورقة تحدثت وقدمت قراءة للمستقبل وقراءة لكل ما حدث في فترة الانتخابات، الأيام ال (1800)، نحن كنا تحدثنا فيها عن وحدة قوية لمجابهة المؤتمر الوطني وإسقاطه في الانتخابات العامة، وتحدثنا في هذه الورقة عن أن هذا لن يتم إلا بوحدة كل القوى الحادبة على وحدة السودان، والحادبة على مصلحة السودان في التوحد خلف مرشح واحد، هذا المرشح هو صمام الأمان لوحدة السودان والمستقبل السياسي والتنمية والرخاء التي ينشدها الشعب السوداني، وتحدثنا عن أن المؤتمر الوطني ليس حزباً بل هو دولة بكل إمكانيات الدولة بأجهزتها الإعلامية وبأجهزتها الأمنية، بمؤسساتها بقضِّها وقضيضها، المؤتمر الوطني ليس حزباً كي يواجه أحد الأحزاب أو حزبين أو ثلاثة، وكان لا بد من التوحد، وكانت الورقة قد تحدثت عن وحدة كل القوى لإسقاط المؤتمر الوطني في الانتخابات، وهذا ما لم يحدث لأن هذه القوى أعلت من أجندتها الحزبية على حساب الأجندة الوطنية والمصلحة الوطنية، وقامت بالدخول في مناورات ترشيحات، ولم يلتزموا بالمرشح الواحد والمبادرة التي أطلقناها في مؤتمر جوبا، مبادرة المرشح الواحد للوطن الواحد، وهذه المبادرة أطلقتها حركة (حق) في مؤتمر جوبا.
في ما يتعلق بانتخاب هالة عبد الحليم لرئاسة حركة (حق)، هناك اعتقاد بأنه جاء نتيجة لموازنة النوع (الجندر) وليس للمؤهلات السياسية، كيف تردين على ذلك الحديث؟
- طبعاً هذا الحديث كان يقال، وكان يمكن أن يجد أرضية، أو نتحاور فيه، أو أن أرد عليه، وهكذا. كان هذا الأمر عقب المؤتمر مباشرة، لكن الآن أنا منتخبة أربع سنوات، أعتقد أن الناس يستطيعون أن يعرفوا بناءً على كل ما قمنا به نحن والتيم الموجود على رئاسة (حق)؛ هل كان انتخاب القيادة كاملة، بما فيها هالة عبد الحليم، هل كان موازنات أم أنه كان اختياراً له ما بعده، وأنتج واستطاع وضع بصمة مختلفة في السياسة السودانية، واستطعنا أن نحقق مقولة إن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة؟ وكانت هذه هي الخطوة التي فتحت الطريق أمام النساء للمشاركة في القيادة السياسية.
حسناً: هل أنت راضية عن العمل الذي قمت به وقدمته لحركة (حق) خلال وجودك في رئاسة الحركة؟
- والله طبعاً.. أبداً، الرضا هذا لن يحدث، لكن أنا أعتقد أنها كانت تجربة مليئة بالأشياء الجميلة والمفيدة، ومليئة بالأشياء الضارة والسلبية، تجربة كانت فيها معاناة، وبقدر ما كان فيها نجاح وتحقيق نجاحات بقدر ما كانت فيها معاناة، تجربة وسط جو ضبابي، وسط مجتمع جميعه يؤمن بدونية النساء، وبأنهن يأتين في مؤخرة الركب دائماً.
هناك حديث عن تحالف سري بين حركة (حق) والجمهوريين والحزب الليبرالي، ما صحة هذا الحديث؟
- نحن من خلال عملنا عقدنا كثيراً من التحالفات، أنا لا أذكر أنه كان هناك تحالف سري، كل التحالفات التي عملت فيها (حق) حتى تحالفاتها ضد النظام وتحالفاتها في مواجهة الطغمة الشمولية؛ كانت تحالفات علنية وواضحة، والعمل السياسي أصلاً هو عمل يمكن أن يختفي فيه أشخاص ويمارسون السياسة، لكن لا يمكن أن تخفي برنامجك، ولا يمكن أن تخفي تحالفاتك، وكيف ستعمل، عظم العمل يقوم على إعلان هذه التحالفات، وعلى إعلان خطك السياسي، وبرنامج عملك للفترات القادمة، أما عن الحزب الليبرالي والجمهوريين فلا أدري من أين يأتي الحديث عن التحالف مع الجمهوريين ككيان غير سياسي، وظل موجوداً ويمارس عمله، وشخصياته موجودة، وهم جمهوريون وليسوا (حق)، أنا لا أعتقد أن هناك تحالفاً مثل هذا قائم وموجود.
حركة (حق) متّهمة بالتناقض في مواقفها التحالفية، باعتبارها من قوى السودان الجديد فإن برنامجها الفكري مناهض للقوى الطائفية والتقليدية، ورغم ذلك نجدها تحالفت مع الأحزاب الطائفية والتقليدية مثل حزب الأمة والمؤتمر الشعبي، أليس هذا تنازلاً عن البرنامج الفكري للحركة؟
- أبداً، نحن في برنامجنا لدينا إستراتيجية، و(حق) تعتمد على برنامج سياسي تقوم بتنفيذه بين المؤتمريْن اللذين يتم انعقادهما، البرنامج السياسي لحركة (حق) كانت مهمته الأولى والواضحة والأساسية هي إسقاط المؤتمر الوطني في الانتخابات الماضية، هذه المهمة لإنجازها رأينا أن بإمكاننا أن نتحالف مع كل من له مصلحة في إسقاط المؤتمر الوطني، تحالفاتنا نحن كانت قائمة على خوض الانتخابات، وتحالف المعارضة كان تحالفاً من أجل خوض الانتخابات، في هذه الجزئية يلتقي معنا أي شخص رغبته الحقيقية إنهاء النظام الشمولي، إنهاء النظام القمعي، إنهاء النظام القائم، نحن سنعمل معه، سنعمل، وعملنا، وسنعمل مع أي شخص له مصلحة في إزالة هذا النظام، وحدتنا لم تكن وحدة حقيقية مبنية على أن أفكارنا متوحدة، هذا لم يحدث، بل كانت وحدة على أساس سياسي، على أساس برامج وخطط سياسية مرهونة بفترات زمنية محددة، نحن لم نتحد معهم على أساس فكري إطلاقاً، ولم نقل إننا متحدون فكرياً حتى مع القوى الحديثة والقوى الجديدة وقوى السودان الجديد.
هناك انتقاد لحركة (حق) دائماً من قبل الحزب الشيوعي السوداني الذي ظل دائماً يشكِّك في نضالات حركة (حق) ويتهمها بشق صف المعارضة، كيف تفسرين هذا الأمر؟
- أنا لم أسمع أي اتهام رسمي من أيٍّ من قيادات الحزب الشيوعي السوداني ضد (حق)، بل العكس، الحزب الشيوعي معنا في معسكر واحد، معسكر القوى الجديدة، معنا في المعسكر الساعي إلى الديمقراطية، المعسكر الساعي إلى قيام السودان على أسس جديدة، ظللنا نعمل نحن في (حق) مع الحزب الشيوعي كواحد من حلفائنا الرئيسيين، وفي مؤتمرنا الأخير نحن وجهنا نداء إلى كل الأحزاب للمشاركة في إسقاط المؤتمر الوطني، والمشاركة في تحقيق برنامج النهضة الشاملة في السودان، ولكن توجهنا بدعوة خاصة للحزب الشيوعي السوداني، الحزب الشيوعي ظللنا نعمل معه، وهم زملاء ورفاق درب، وبيننا كل الاحترام، ونحن تحدثنا كثيراً في حركة (حق) عن أن حركة (حق) ليست انشقاقاً عن الحزب الشيوعي السوداني، بل هي حركة قامت ولها أهدافها ولها برامجها، نعم يمكن أن يكون مؤسسوها من الأشخاص الذين كانوا قيادات في الحزب الشيوعي السوداني، وهذا من ما جعل كثيراً من الناس يعتقدون أن الحركة هي انشقاق، ولكن حركة (حق) أتت ببرامج ليست برامج الحزب الشيوعي السوداني، أتت بأهداف غير أهداف الحزب الشيوعي، كان لها خطها ونهجها المختلف أيضاً عن خط الحزب الشيوعي، وأعتقد أن زملاءنا في الحزب الشيوعي فهموا وتفهموا هذا الأمر تماماً، ولم تعد بيننا أي خلافات أو احتكاكات، بل العكس، نحن بيننا كل التعاون والعمل المشترك.
حسناً: لكن هذه الاتهامات برزت في اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، وظلت حركة (حق) متهمة بالانقلاب على الديمقراطية في الاتحاد، كيف تردين على هذا الاتهام؟
- الحقيقة هي أن في قطاع الطلاب ليس هناك حزب شيوعي، بل هي الجبهة الديمقراطية للطلاب، فيها شيوعيون وفيها ديمقراطيون، خاضوا الانتخابات وخاضوا معركة طلابية، ونحن دائماً نعرف قطاع الطلاب في أي تنظيم عنده تفلتّاته وعنده منطقه المختلف، وحتى الاختلاف لم يكن اختلافاً حقيقياً بين (حق) والجبهة الديمقراطية، بل كان اختلافاً بين ثلاثة تنظيمات مع بقية التنظيمات الممثلة للاتحاد، وهي عشرة تنظيمات، من بين التنظيمات العشرة كانت هناك ثلاثة تنظيمات عندها رأي مختلف، وأعتقد أننا أدرنا معهم حواراً راقياً، الاختلاف نفسه كان اختلافاً راقياً لم يصل إلى مرحلة انشقاق أو تفتت الاتحاد، بل كان خلافاً في إطار الشفافية وفي إطار إدارة الخلافات على أسس ديمقراطية وشفافة وعلنية، وأعتقد أن الأغلبية بشكل ديمقراطي جداً داخل الاتحاد حسمت هذا الخلاف، وتقبله الإخوة في الجبهة الديمقراطية وفي بقية الأحزاب، بدليل أنهم استمروا في العمل داخل الاتحاد إلى نهاية فترة دورة الاتحاد.
إذا قمنا بتصنيف الاتجاهات الفكرية في السودان إلى يمين ويسار، حركة (حق) هل يمكن أن نحسبها من قوى اليسار السوداني؟
- نعم، إن حركة (حق) هي من قوى اليسار، باعتبار أن حركة (حق) تنادي بشكل واضح وصريح بفصل الدين عن الدولة، وتنادي بشكل واضح وصريح بعدم زجّ أي دين في العمل السياسي للدولة، حركة (حق) تنادي بقيام الحقوق في الدولة السودانية على أساس حق المواطنة بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العرق أو الإثنية أو اللغة، وفي هذا الأمر حركة (حق) كان عندها خط واضح جداً، وهي منذ أن قامت، قامت كحركة من قوى اليسار.
حسناً: لكن هذه الأفكار ألا يمكن لها أن تتعارض مع واقع المجتمع السوداني الذي يعتبر مجتمعاً تقليدياً ولا يتقبل مثل هذه الأفكار؟ كيف ستتعامل حركة (حق) مع واقع المجتمع السوداني في طرح أفكارها؟
- طبعاً أي أفكار جديدة تقابل بالرفض، وتجد المعوقات، ولكن عجلة الزمن أبداً لا تدور إلى الخلف، عجلة الزمن تسير، وحركات تحرر الشعوب تسير، مهما كانت المعاناة ومهما كانت المشاكل، يمكن للأفكار المجتمعية والمفاهيم المجتمعية أن تعوق أو تعطل عمل الأفكار الجديدة، لكنها أبداً لن توقف هذا المد، ولن توقف مسيرتها للوصول إلى نهاياتها، يمكن أن تتأخر بهذه المشاكل، ويمكن أن تتعرقل، لكن لا يمكن أبداً أن تقف.
هل هناك مساعٍ وإمكانية لوحدة اليسار السوداني؟
- أعتقد أننا في السودان ما زلنا بعيدين من الممارسات الديمقراطية كممارسات مجتمعية وكممارسات فردية وكممارسة تخص المؤسسات وهكذا، لذلك نحن بعيدون من مرحلة أن يكون هناك حزبان أو ثلاثة تمثل كل ألوان الطيف المختلفة في الواقع السياسي السوداني، والمسألة هذه نحن ما زلنا نحتاج فيها إلى صبر حتى تكتمل، فلا بد أن تحدث هذه المراحل، والذي يحدث في السودان هو مراحل طبيعية، مراحل منطقية لا بد للسودان أن يمر بها في العمل السياسي، مثل وجود أحزاب كثيرة ومتفرقة تعبر عن الأفكار المختلفة، وبعد ذلك كلما ذهبنا إلى الأمام وارتقينا في التجربة السياسية؛ كلما ذهبنا إلى أشكال مختلفة وأشكال أكثر علواً في السلم الديمقراطي، نحن بعيدون – أعتقد - من مرحلة أن يكون في السودان حزبان أحدهما يمثل التيار اليميني والآخر يمثل تيار اليسار، هذه مرحلة قد تأتي في المستقبل في تاريخ السودان، لكنها بأية حال من الأحوال ليست الآن.
حسناً: إذا حدث توافق فكري بين حركة (حق) والحزب الشيوعي السوداني، هل يمكن أن يتحدا في حزب واحد؟
- الحزب الشيوعي حزب يقوم على أيديولوجية متكاملة، حركة (حق) وضعت رأيها الواضح فيها، لذلك نحن مختلفان فكرياً حول المفاهيم، ولذلك سنظل حزبين، كل حزب عنده أفكاره ومفاهيمه، نحن حزب لدينا برنامجنا السياسي لكن هذا لا يمنع أبداً من أننا رغم اختلاف وسائلنا نعمل للوصول إلى غايات مشتركة، ربما تختلف وسائلنا نحن والحزب الشيوعي، لكن في النهاية الأهداف هي الوصول إلى النهضة الشاملة والوصول إلى الديمقراطية والوصول إلى سودان يقوم على حقوق المواطنة ويقوم على أسس جديدة، هذه جميعها أفكار نشترك فيها مع الحزب الشيوعي السوداني.
رئيسة حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) في حديث ساخن ل (الأهرام اليوم) (2-2)
استطاعت بكل عزيمة أن تتجاوز الموروث الشفاهي المتأصل في أدبيات المجتمع السوداني: «المرة لو بقت فاس، مابتكسر الرأس!»، وفي مجتمع يوصف بالذكوري، ومتهم على الدوام بممارسة الاستعلاء وفقاً لتصنيفات الجندر، نحتت ضيفتنا بعزيمة وصبر سيرتها التي يحق لنا أن نختصرها في العبارة (أنثي ولا دستة رجال!).
هالة محمد عبد الحليم المحامي، رئيسة حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق)، (الأهرام اليوم) التقت بها وطرحت عليها عدداً من الأسئلة، منها المتعلق بتوحيد حركة حق عقب عمليات الانشطار المتتالية في صفوف الحزب، استنطقناها حول حصاد برنامج الحركة، وعن انتخابها وما شابَهُ من تشكيك في مقدراتها ومؤهلاتها السياسية، ما وصف يومها بأنه انتصار ل (موازنات النوع). سألناها كذلك عن علاقتهم مع الجمهوريين والليبراليين، قطاع الشمال والحركة الشعبية نفسها، ومجمل تحالفات الحركة، خصوصاً في ظل ما يثار عن تحلل الحركة من البرنامج الفكري، والتزامهم بما يسميه البعض ب(الآيديولوجيا اللايت) مقابل غايتهم السياسية المتمثلة في إسقاط النظام، ما جعل حبل تحالفاتهم يمتد وصولاً إلى القوى الطائفية، الأعداء التقليديين لقوى اليسار التقدمي!
حول الانتقادات التي ظلّ يقدمها الحزب الشيوعي لحركة حق في محور العمل الطلابي؛ كانت لنا بعض الوقفات معها، علاوة على استفهامات حول مساعي وإمكانية وحدة اليسار السوداني، ترتيبات الاستفتاء والمخاطر التي تواجهه، قضية دارفور، حال المعارضة وأحوال تحالف جوبا، نظرتهم إلى مستقبل السودان ما بعد يناير المقبل، رؤيتهم لمعالجة القضايا السودانية الراهنة.. كل هذه المحاور وغيرها استمعت إليها مضيفتنا وقامت بالرد عليها بكل أريحية، معاً نطالع حصيلة ردودها عبر هذا الحوار في حلقته الثانية.
{ ترتيبات الاستفتاء الجارية حالياً كيف تنظرون إليها؟
- هذا الأمر يهم التنظيمات والقوى السياسية، ولكن ظل الشريكان منذ اتفاق (نيفاشا) حريصيْن على عدم مناقشة هذه الأمور مع القوى السياسية، أنا أعتقد أنه الآن فات الوقت وفات الأوان على إشراك القوى السياسية في أي موضوع يتعلق بالانفصال أو الوحدة، ولكن يمكن للقوى السياسية أن تدلي بدلوها في مسألة الترتيبات لما بعد الاستفتاء، لأن الأفكار المتنوعة هذه قد يكون فيها مخرج مما حلّ بالسودان، ووجود مشكلة مستعصية تنذر بكارثة الانفصال، أعتقد أن الحزبين الشريكين غير جادين في إشراك القوى السياسية في أي ترتيبات، وعدم الجدية مشكلة أساسية سوف تدخل البلاد في نفق مظلم، وتبعاتها غير معروفة، وهي بالطبع غير محمودة، ولذلك أنا أرى أن مسألة ترتيبات ما بعد الاستفتاء هي تحتاج بالإضافة إلى الخبرات الدولية وبالإضافة إلى التجارب العالمية التي تمت في تجارب مشابهة فإنها تحتاج إلى شيء من الواقع السوداني الذي تعكسه القوى السياسية السودانية الموجودة في السودان، سواء أكانت في الشمال أم في الجنوب.
{ حسناً؛ من وجهة نظرك ما هي أبرز المخاطر التي يمكن أن تواجه الاستفتاء علي حق تقرير المصير؟
- أبرز المخاطر هي أن الشريكين قد عزما وقررا وقاما بتعبئة الطرف الذي سيشارك في هذه العملية، علماً بأن الاستفتاء هو حق بالنسبة للجنوبيين فقط، والشماليون لم يكن لهم حق فيه، وأنا أعتقد أن الحزبين الشريكين عملا على تعبئة هذا الطرف للانفصال، وهذه هي الخطورة القادمة، المؤتمر الوطني عمل على تعبئة الجنوبيين - المنوط بهم عملية الاستفتاء - ضد الوحدة وتبني الانفصال خلال السنوات الخمس الماضية وذلك عندما قام بحماية الانفصاليين وأحدث لهم منابر، وكانت كل السياسات تكرس في اتجاه الانفصال، برفض المؤتمر الوطني تغيير القوانين التي اتفق على تغييرها في (نيفاشا) لتوائم الوحدة الجاذبة، والمؤتمر الوطني كما ذكرت لك تبنّى المنابر الإعلامية للانفصال والصحف والشخصيات التي كانت تدعو إلى الانفصال بشكل سافر، كل هذا تم والآن لن يستطيع أن يغير موقفه، والحركة الشعبية كذلك كرد فعل على كل التعنت الذي واجه به المؤتمر الوطني تنفيذ الاتفاقية رعت الانفصاليين في الجنوب، وعبأت الشارع الجنوبي بالانفصال، وما حدث من أنا أعتبره هو الخطر الحقيقي علي الاستفتاء.
{ في ما يتعلق بقضية دارفور، برأيك لماذا لم تكن الحكومة السودانية جادة في حسم هذا الملف؟ وما هي رؤيتكم لحل القضية؟
- لأن ببساطة شديدة الحكومة السودانية طرف في هذا النزاع، هي لن تستطيع أن تحسمه لأنها طرف فيه، ولن تكون أصلاً أنت الخصم والحكم، المشكلة والملف الذي يتعلق بدارفور يحتاج إلى إرادة سياسية غير متوفرة عند هذه الحكومة بمسمياتها المختلفة، إذا كانت حكومة الوحدة الوطنية، أو الحكومة التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة، كل هذه الحكومات بمختلف مسمياتها لم تكن جادة في طي هذا الملف، لأنها لا تملك الإرادة السياسية لإنهاء هذه المشكلة، وإنهاء هذه المشكلة وطي هذا الملف بيد الحكومة، فقط يحتاج إلى الإرادة السياسية لقفل هذا الملف.
{ إذا استمرت مشكلة دارفور ولم يتم حلها، هل يمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى مطالبة أهل دارفور بحق تقرير المصير أو الانفصال؟
- كل شيء في السودان أصبح وارداً، طالما حزب المؤتمر الوطني يمسك بزمام السلطة ويرفض بأحادية شديدة مشاركة وتداول السلطة بينه وبين القوى السياسية الموجودة في السودان، يصبح كل شيء جائزاً، وكل شيء ممكناً، كما حدث في الجنوب الذي هو جزء من السودان، ما الذي يمنع أي جزء آخر من السودان أن يحدث فيه ما حدث للجنوب؟
{ كيف تنظرون إلى حال المعارضة السودانية وخصوصاً (تحالف أحزاب جوبا) بعد فشله في تحقيق أهدافه ومن بينها فشله في إدارة ملف الانتخابات الماضية برؤية موحدة، فضلاً عن عجزه في تحقيق جزء كبير من أهدافه التي كان يسعى إلى تحقيقها؟
- هذا النظام باقٍ لضعف المعارضة، والمعارضة عندها أسبابها طبعاً في ظل الشمولية والنظام الإقصائي والأحادي الذي كان سائداً، يمكن أن نجد التبريرات والأعذار الكثيرة التي أودت بالمعارضة إلى هذا الضعف، ولكن حتى ما كان مرجواً من المعارضة، وما يمكن أن تفعله، أنا أعتقد أننا لم نقم بفعله، وحتى القليل الذي يمكننا فعله تقاعسنا عنه، المسألة هذه تحتاج نقداً، وأنا تحدثت كثيراً وفي منابر مختلفة عن ذلك، ينبغي مراجعة التجربة بكل وضوح مع قوى المعارضة والمواطنين والمنسوبين والجماهير، جماهير الحركة السياسية في السودان تحتاج إلى مواجهة ونقد ذاتي، وتحتاج إلى تمليك الحقائق، تحتاج كذلك إلى أن تستصحبهم معها وتترك هذه الممارسات الفوقية وتشرك معها جماهيرها في الحلول، والمعارضة ما لم يكن لديها قول واضح في كل ما يهم هذه الجماهير ومشاركتها اليومية لها في هذه الهموم؛ فهي ستظل بعيدة عن جماهيرها وستظل ضعيفة التأثير، لأنه لا توجد معارضة أو قوى سياسية يمكن أن تكون قوية في غياب السند الجماهيري.
{ لكن هناك حديث عن أن تحالف جوبا (مات وشبع موتاً) وأن أهدافه كانت مرحلية وليست إستراتيجية.. لأي مدى يُعد هذا الحديث صحيحاً؟
- نعم.. التحالفات لا تتم على إستراتيجية لكن هي تحالفات مرحلية، أنا كما قلت لك من قبل؛ هي لم تكن تحالفات فكرية بل هي تحالفات حول برامج محددة، تحالف جوبا لم يمت.. موجود، لكن يمكن أن نصفه بالضعف في الأداء، ويمكن أن نصفه بأنه يحتاج إلى تطوير لمواجهة المشاكل الكبيرة المحدقة بالسودان، تحالف جوبا في ظل المرحلة الحساسة هذه من تاريخ السودان مطلوب منه أن يكون على قدر المهام الملقاة على عاتقه، وأن يلعب دوره المأمول منه في المرحلة القادمة.
{ ثمة أحزاب في التحالف لم تلتزم ببرنامجه ومقرراته، وبالذات في مسألة دخول الانتخابات؟
- نعم كما قلت لك إن التحالف فيه كثير من أوجه القصور والضعف، لكن هذا لم يجعلنا نيأس من أن هذا التحالف يمكن أن ينهض، ويمكن أن يواجه بشراسة، ويمكن أن يكون رأس الرمح في المعركة القادمة في سبيل فرض الحريات، ولحل مشكلة دارفور، وفي سبيل أن يظل السودان وطناً موحداً في كل القضايا الكبيرة التي تواجه السودان، أعتقد أنه مفروض أن نلعب الدور المرجو منا، وأن يلعب هذا التحالف الدور المرجو منه.
{ هناك حديث بدأ يرشح عن تكوين جبهة يسار متقدم، بموجبها يتم دمج حركة (حق) في قطاع الشمال بالحركة الشعبية، ما هي صحة هذا الحديث أو المعلومة؟
- قطاع الشمال في الحركة الشعبية لا يزال جزءاً ضمن التراتبية التنظيمية للحركة الشعبية لتحرير السودان، والحديث عنه بأي طريقة أخرى هو حديث مجاف للحقيقة، وحديث بعيد عن المنطق، حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) والحركة الشعبية هما قوتان موجودتان على الساحة السياسية السودانية، نعم تجمع بيننا إستراتيجيات كبيرة وتجمع بيننا رؤية واحدة، ولكننا بأي حال مختلفون في طرق الوصول إلى هذه الرؤى، ونحن بأي حال لم نكن تنظيماً واحداً، إذا كانت هناك أي خطوات لتحالفات أو أي خطوات لعمل سياسي مشترك فهذا سيكون معلناً وعلى الملأ، وكما اخترنا العمل تحت مسمياتنا وتحت أسمائنا كحركات، وفي لحظة أخرى أن نعمل عملاً مشتركاً تحت برامجنا وأهدافنا فإن أي عمل تحالفي مع أية جهة إن كانت الحركة الشعبية أو غيرها، سيكون معلناً، ولا يوجد شيء مخجل، بل على العكس، حركة (حق) برنامجها نفسه يقول إنها حركة مرحلية، حركة مرحلية لإنجاز برنامج سياسي محدد، هذا البرنامج السياسي المحدد يتم إنجازه بواسطة تحالفات كبيرة جداً، هذه التحالفات هي العمل الأساسي الذي يفترض أن يكون لحركة (حق)، وهذا جزء من برنامجنا وجزء من أشكال عملنا.
{ إذا صح التعبير، وقمنا بتقسيم القوى السياسية السودانية إلى قوى السودان الجديد وقوى السودان القديم، هل هناك إمكانية لقيام تحالف يضم قوى السودان الجديد؟
- نحن ساعون كما قلت لك، ومن أهم أهداف حركة (حق) أنها تسعى إلى توحيد حركات السودان الجديد، وتوحيد القوى الجديدة، وأعتقد أن الأمل موجود، وهذا سيكون محور عملنا في مقبل الأيام، أن ننجز مثل هذه التحالفات العظيمة التي تزيد حركة القوى الجديدة قوة، وتزيدها منعة، وتجعلها تنجز برامجها في أقل وقت ممكن.
{ مستقبل البلاد الآن أصبح مهدداً بالانقسام إلى عدة دول، ما هي رؤية حركة (حق) لمعالجة القضايا السودانية الراهنة لكي يخرج السودان إلى بر الأمان؟
- نحن وضعنا رؤية لخروج السودان إلى بر الأمان منذ توقيع نيفاشا، ومنذ مخاطبة مؤسس الحركة الخاتم عدلان للدكتور جون قرنق عقب التوقيع على الاتفاقية في رسالة شهيرة، نحن وضعنا رؤية للخروج بالسودان من مأزق الانفصال لأنه كان من الواضح أن الاتفاقية تضمنت حق تقرير المصير، وهذا الحق لم يأت بليل، وهذا الموضوع مفروض أنه لم يفاجئ أحداً من القوى السياسية، فقد كان واضحاً وموجوداً في صلب الاتفاقية عندما تم التوقيع عليها في 2005م، في ذلك الوقت نحن وضعنا رؤيتنا المتكاملة للخروج بالسودان من هذا المأزق، ولكن الحركة الشعبية لم تكن لديها الإمكانيات التي تنجز بها هذه الرؤية وهذا البرنامج لكي تخرج وتنجو بالبلاد من النفق المظلم. طرحنا الفكرة والرؤية لكل القوى السياسية الموجودة في السودان، وقلنا إن هذه المحطة تمر بشكل أساسي عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات العامة، وقلنا إن الانتخابات الموجودة في الشمال، التي جرت مؤخراً، لن تكون انتخابات وإن سميت بذلك، بل هي كانت استفتاء على وجود السودان أو زواله، على الوحدة أو الانفصال، على أن يكون أو لا يكون، وضعنا رؤية واضحة لتجنُّب هذه المآزق، ولكن لم ينجز هذا البرنامج لأنه حين وضعه كان يفترض ألا تحققه حركة (حق) وحدها، رؤيتنا كانت رؤية طرحناها للجميع لتحقيقها لأنه كما قلت لك إننا نواجه خصماً وعدواً في المعركة ليس حزباً سياسياً لكي ينازله حزب أو آخر، أو هكذا، فلذلك نحن وضعنا خطتنا ورؤيتنا بأنه لا توجد طريقة غير تحالف وتجمع كل هذه القوى السياسية لمواجهة مهددات الانفصال ولمواجهة الانتخابات العامة ولمواجهة مشكلة دارفور ولمواجهة مشكلة الحريات ولمواجهة تنفيذ الاتفاقية نفسه، وهذه الرؤية وضعناها بالكامل وكان اقتراحنا أن تشترك كل القوى السياسية فيها لتنفيذها، ولكن لأسباب معلومة للجميع وكل المراحل التي شهدناها، هذه الرؤية لم تجد من يصغي إليها، إلى أن حدث ما حدث.
{ قبل أن نشكرك، نفسح لك المجال لكلمة أخيرة؟
- أنا حقيقة أحيي وأشكر الإخوة في صحيفة (الأهرام اليوم) وأتمنى أن تصبح أحد المنابر المهنية المهمة لإعلاء الشأن الديمقراطي ولإعلاء قدسية الحريات، وأنا أعتقد أننا بحاجة في السودان إلى صحف ومنابر إعلامية تقف مواقف لا تقل عن مواقف القوى السياسية، وكما يقال إن الصحافة هي السلطة الرابعة، شكري الجزيل ل (الأهرام اليوم).
حوار عبد الرحمن العاجب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.