كتاب جديد لصبري حجازي عن جماليات الطبعة الفنية في النحت والتصوير: القاهرة من محمود قرني: عن سلسلة آفاق الفن التشكيلي التي تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة صدر كتاب 'الطبعة الفنية.. تاريخ وجماليات البارز والغائر' لمؤلفه الدكتور صبري حجازي رئيس قسم التصميمات المطبوعة بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية. والكتاب يتضمن مجموعة من المعلومات حول السياق التاريخي لتطور فن التعبير التشكيلي من خلال الطباعة، وكما يشير المؤلف فإن الكتاب ليس تأريخا للطباعة بشكلها العام وإنما هو محاولة لفهم المحتوى الجمالي من خلال المثير الأدائي والبصري الذي ألهم كبار الفنانين، ويبدو الكتاب معنيا أيضا بالطبعة الفنية في وسيط الطباعة البارزة والغائرة لا سيما بالطريقة اليدوية. ويشير حجازي الى السؤال الجوهري في الكتاب وهو صعوبة فهم الأسباب التي تجعل من صورة مطبوعة صورة أصلية وفي التمييز بين الأصول والصور. ويجيب بأن الأصالة تعادل التفرد والطبيعة الخاصة للطبعة، بالإضافة الى ما يراه من ان التطورات المتلاحقة عقدت المشكلة حول تمييز الطبعة الأصلية والخلفية التاريخية لهذه المشكلة ويقول إن الفترة الأولى من القرن الخامس عشر لم يكن المفهوم الحديث لمعنى الأصالة موجودا وكان معظم الفنانين في العصور الوسيطة يهملون التوقيع على أعمالهم، وينقلون أساليب غيرهم، وحدث كثيرا ان يدعي فنان امتلاكه لعمل فنان آخر وربما باع العمل على انه له. ويضيف الدكتور صبري حجازي انه بقدوم عصر النهضة أصبح الفنان أكثر شعورا بذاته وبالتالي أصبح للتوقيع أهمية اكبر، ويذكر انه في عام 1505 سافر دورر في رحلة طويلة الى فينيسيا ليوقف رياموندي من إعادة نقل مجموعاته عن حياة العذراء ثم بيعها تحت ختم دورر نفسه. الطبعة الفنية كلفة تعبيرية يأتي هذا الباب كجزء أول من الكتاب حيث يتناول المؤلف الخلفية التاريخية للطبعة الفنية البارزة من خلال بساطتها في تحقيق الإشكال وسهولة المواد المستخدمة فيها لإبداع الصورة، ويؤكد حجازي ان الطباعة البارزة نشأت منذ عصور ما قبل التاريخ حينما كان ساكنو الكهوف من الشرق والغرب قد طوروا لغة تصويرية ذات أشكال ورموز ثم حدث التحول من الطمي والحجر كمادة للطباعة الى الخشب ويرجع الى المصريين الأساليب المبتكرة في الطباعة على السطوح الخشبية التي كانت تستخدم للطباعة على النسيج حيث يرجعها المؤلف الى القرن السادس أو السابع الميلادي في مصر، ويضيف انه في نفس الوقت ظهرت الطباعات على النسيج وعلى الورق في الصين حيث كان اختراع الورق مبكرا في حوالى سنة 107 قبل الميلاد وهو الأمر الذي فتح الباب لإمكانية نسخ مطبوعة تتضمن الصور والمعلومات. يتناول المؤلف بعد ذلك طباعات القطع الخشبي المبكرة في الشرق والطباعات المبكرة من السطوح الخشبية في الغرب والطبعات البارزة في الكتب المطبوعة ثم بعد ذلك يتناول أساتذة عصور النهضة من المصورين مثل هولبين، لوكاس جرناج، ألبرت دورر، غوست دي نجكير، فاساري، اوجو دي كابري، ثم بعد ذلك يتناول نشأة الحفر الخشبي وكذلك الطباعة الملونة اليابانية التقليدية، ويتوقف المؤلف امام الطبعات البارزة المعاصرة ويشير الى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ساعدت على تقدم حركة العمل في عام 1930 حيث شجعت على إحياء الاهتمام بالطباعة مع فنانين موهوبين مثل لويس شاكر، ستيوارت داخيز، ميلتون واخرين، وقد زاد هذا الاهتمام بعد الحرب العالمية الثانية لا سيما في اعمال ليوناردو باسكلين، انتونيو فراسكوني ومع بداية الخمسينات بدأ الاهتمام بالطباعة الملونة بواسطة كارول سمر، سيدج موي، كلير رومانو وآخرين. ويرصد المؤلف انه في فرنسا ساعد بيكاسو على ابتكار مسهم في أوائل الخمسينات باستخدام السطح الواحد المتعدد الطبعات اللونية في اللينوكت السطح المنتهي وظهرت على اثر ذلك الطبعات الكارتونية البارزة وطبعات السطوح الملطفة، والوسائط المتعددة بطرق جديدة في التعبير، ثم ظهرت موجة جديدة من الاهتمام بالطبعات البارزة الخشبية ابتداء من عام 1970. يتناول المؤلف بعد ذلك طرق وأساليب لا سيما في القطع الخشبي وكذلك السطوح الطباعية المختلفة في طرق الطباعة البارزة المعاصرة والطبعات المحفورة على المعادن والطبعات اليدوية المضغوطة بدون حبر. الطبعات الغائرة وتاريخ الحفر أما الجزء الثاني من الكتاب فيتناول الطباعة الغائرة المبكرة التي يتتبعها المؤلف في اعمال الصائغين والحرفيين منذ القرن الخامس عشر حيث كان هؤلاء الصائغون والحرفيون الذين يصنعون الدروع والأسلحة يحفرون المعادن قبل الطباعة الغائرة بزمان طويل، وكان عملهم له تقدير كبير من ناحية النبلاء والأغنياء، ويؤكد حجازي أن فناني جنوبألمانيا لعبوا الدور الرئيسي في نشأة وإحياء الطباعة الغائرة في الحفر. ويرصد المؤلف إن أول مطبوعة معروفة في عام 1446 بواسطة الطريقة البارزة بواسطة ماستر ورق اللعب كانت لأول فنان معروف وهو سكونجوار وهو الذي أوصل فن الحفر والطباعة الى درجة عالية من الإتقان والامتياز وذلك بسبب انه اعطى الصورة مادة وحركة بواسطة الأسلوب الشبكي التظليلي الذي استخدمه. ويشير المؤلف الى انه سرعان ما انتقل اسلوبه الى كل من ألمانيا وهولندا. بعد ذلك يتناول المؤلف الحفر الحامض والطبعة الفنية في امريكا في القرن العشرين ثم يتناول اساليب الأداء في الطباعة الغائرة، الحفر الخطي والجاف والحفر بواسطة سائل السكر والكبريت والطبع المضغوط والطباعة المجسمة. ثم يتناول صبري حجازي عددا من الفنانين المؤثرين في حركة الطباعة الفنية منهم الايطالي اندريه مانتيينا (1506: 1431)، الألماني ألبرت دورر (1528 1571)، الهولندي رامبرانت (1606 1669)، هركيول سيجرر (1589 1638) ثم جويا الاسباني (1471 1828)، غوغان الفرنسي (1848 1903)، بيكاسو ويقول عنه المؤلف انه الظاهرة التي طبعت شخصيتها على ملامح عصرنا، لقد أبدع عدة اساليب جديدة ومارس التشكيل في كل فروعه. إن قوة بيكاسو الأساسية تتجه الى البناء والخط وان اعمال بيكاسو في الحفر مذهلة سواء في النوع أم في الكمية. ويضيف المؤلف أن بيكاسو نفذ تصميمات في مختلف أنواع الأداء الطباعي ولكن الحفر الحمضي وطباعة الليتوغراف تبدو هي الطرق المفضلة لديه. في السنوات الأخيرة من حياته نفذ مجموعة من طباعات اللينوليوم فأثبت مرة أخرى انه في يد فنان عظيم تصبح الوسائل البسيطة والسهلة أدوات قوية التعبير، لقد شغف بيكاسو منذ الثلاثينات بالأساطير اليونانية، حيث رأى فيها إبعادا لدراما الروح الإنسانية. وفي نهاية كتابه يؤكد المؤلف أن فن الحفر والطباعة يجب تصوره من خلال لغته وطبيعته النوعية في تصور الصورة وتشكيلها، وانه فن يتميز بالتنوع الكبير في طرقه الأدائية التي تتدرج تحت اقسام رئيسية مثل الطباعة البارزة والطباعة الفاترة والطباعة المستوية وطباعة الشاشة الحريرية. ويرى المؤلف أن هذا الفن كان يمثل اللغة العامة في التعبير عن حياة مجتمعات بكاملها مثل الطباعة الخشبية الملونة اليابانية التي كانت تعتبر وسيطا تسجيليا لنمط الحياة اليومي وكان اليابانيون يطلقون على هذا الوسيط اسم التصوير وفي أوروبا كان فن الحفر والطباعة هو الأسلوب الذي اثرى تصور الفنانين وكان لغتهم الوحيدة للتعبير.