برنامج محبوب العرب بقناة ام بى سى العربية لايزال يطرح العديد من التساؤلات حول البرامج المشابه له بالسودان، والدور الذى يمكن ان تقوم به فى الارتقاء بفن الغناء بالسودان، وذلك بضم خبراء فى الموسيقى والكلمة والاداء. وقد رأينا فى حلقة الاربعاء الماضى والتى قدمها البرنامج ليوضح مدى الجهد التقنى والاكاديمى الذى خضع له المشاركون باستديوهات القناة ببيروت ،حتى جاء ظهورهم بالشكل الجميل اداء وصورة واتيكيتا فى التعامل مع الاعلام حتى يتعودوا على ذلك، بعد ان يصيروا نجوما .وقد رصدنا حديثا مهما للزميلين مهدى عليان والناقد الفنى طارق شريف حول البرنامج والتحدى المطروح امام بعض البرامج المشابهة له وللقنوات التى تقدمها، حتى تنجح فى رسالتها بتقديم وجوه جديدة لمسيرة الغناء ببلادنا والعيوب التى نتلافاها ليصبح الفن السودانى منتشرا فى وطننا العربى. يقول الزميل مهدى عليان ان العيب ليس في اغنيتنا.. ولا في اعلامنا.. العيب في المتلقي العربي.. الذي لا يستسيغ السلم الخماسي.. ولا يستوعب الكلمة الرصينة التي هي اقرب الى الفصحى منها الى العامية، ولا يريد ان يجهد نفسه لكي يستمع الى نغمة جديدة او ايقاع جديد. فالقناة السودانية في الفضاء مثلها مثل القنوات العربية، انت كسوداني تبحث في كل القنوات استكشافا للجديد من الاغاني والمسرحيات والاعمال الفنية، ولكن لا اعتقد ان المستمع العربي يمكنه التوقف عند اغنية سودانية مهما كانت درجة قبولها.. واول كلمة تبدر منه هو ان يقول لك ايش يقول هذا الزول.. حاول ان تقدم أي فنان للمشاركة مع أي مطربين عرب، فانه لا يجد حظه من القبول، لان المستمع العربي لا يجهد نفسه لتقبل هذا الفن.. انه يريد السح الدح امبو.. خلي الواد لابو.. الفنان السوداني حتى اذا قدم عمله في المسارح العربية، فالمشاركون من العرب يكونون بغرض المجاملة لزملاء مغتربين.. ولكن في آخر الحفل يسألك بان ماذا كان يقول الفنان السوداني!!.. اعتقد المشكلة ليست في فننا.. وليست في قنواتنا، التي تبث هذه الاعمال ليل نهار المشكلة في المتلقي نفسه. اما الناقد الفنى والصحفى الزميل طارق شريف فقال توقفت الأغنية السودانية عند محطة سيد خليفة (المامبو السوداني) في الساحة العربية، رغم أن الكلمات الشعرية السودانية تكاد تتفوق على كثير من الأشعار التي تردد في الفضائيات العربية، ولكننا نحتاج إلى أن نقدم أنفسنا إلى الآخرين. والحكمة الاثيرة تقول (الانسان عدو ما يجهله). الابداع السوداني إذا وجد المساحة والزمن والاهتمام يمكن أن ينفذ خارج الحيطان الأربعة أسألوا روضة الحاج التي كانت لها تجربة مهمة قدمت أشعارنا وكلماتنا إلى الساحة العربية على طبق من ذهب، ومازلت أذكر كلام أعضاء لجنة تحكيم مسابقة أمير الشعراء عن روضة الحاج ودهشتهم عندما قدمت روضة الحاج قصيدتها (بلاغ امرأة عربية). وكأنهم يستغربون أن هذا الابداع يأتي من السودان. ومعذرون فهم لا يعرفون أن بلدنا هو بلد الابداع ولم يسمعوا كلمات نزار قباني عندما زار الخرطوم (في السودان أما أن تكون شاعراً أو عاطلاً عن العمل).) نحتاج أن نعلن عن أنفسنا وابداعنا وأن ننظم مؤسسات وبرامج لرعاية النجوم ونطور البرامج الموجودة عندنا، مثل برنامج نجوم الغد الذي يقدمه بابكر صديق وهو برنامج مهم لتقديم النجوم، ولكنه يحتاج إلى اعادة صياغة. فالقصة ليست أن تأتي بشباب خام ليغنوا على الهواء ويسمعوا بعض النصائح النظرية من لجنة تحكيم تقليدية ،بعضهم داخل اللجنة ينظر للفن وكأنه فيزياء أو كيمياء! وأزمة بابكر الصديق التي سنعود إليها باستفاضة أنه يقدم هؤلاء الشباب خام) فيظلمهم ويظلم المشاهد.!! ان الفنون أصبحت سفارة شعبية وحتى الدول الخليجية المحافظة مثل السعودية والكويت أصبحت تعتمد على الفنون ولا تخلو مسابقة غنائية من مشاركة فنية من السعودية، ونحن نكتفي بالغياب. وبعض الأكاديميين عندنا في كلية الموسيقى يكتفون بالتنظير الذي لم يقدمنا ولا خطوة .وحتى على المستوى الافريقي فإن الأغنية السودانية تراجعت كثيراً بعد أن كانت إلى وقت قريب تحتل مكانة مؤثرة في منطقة الحزام السوداني (المنطقة من اثيوبيا إلى نواكشوط) رغم هذا الواقع المظلم إلا انني أؤمن بالمثل الأثير (ان توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام)، المطلوب رؤية جديدة لتقديم الثقافة السودانية، رؤية تعتمد على أسلوب علمي جماعي لأن الاجتهادات الفردية ما عادت تنفع في عالم اليوم. لابد من منظومة تخطط ومنظومة للتنفيذ ومنظومة لخلق التواصل المنشود مع العالم الخارجي. ان التنوع الثقافي الموجود في السودان يمكن أن يكون هو الشفرة السحرية في هذا التواصل، وأهم من ذلك هو الحوار الايجابي الذي يعني الاعتراف بالآخر ومقدراته الثقافية في الوقت الذي يعترف فيه الآخر بثقافاتنا. مبروك لكارمن سليمان هذا الفوز المستحق، وشكراً لها ان جعلت فوزها يذكرنا بمكانة الفنون والثقافة الوطنية السودانية في العالم العربي والافريقي ويدعو للتأمل.