في الوقت الذي ترسل فيه الدول الغربية قواتها واساطيلها لغزو دول وتغيير انظمة تحت عنوان الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان تصمت بشكل معيب على نظام يجسد العبودية في ابشع صورها وهو نظام الكفيل المتبع حاليا في معظم دول الخليج العربي. هناك حوالى 18 مليون انسان، نسبة كبيرة منهم من دول عربية يخضعون لهذا النظام المستمر منذ عقود، حيث يصبح العامل او الموظف تحت امرة كفيله، لا يملك قراره في الحركة والتنقل دون موافقته، وربما يتحول الى شبه سجين اذا اختلف مع هذا الكفيل لأي سبب من الاسباب. سمعنا ان بعض الدول الخليجية تدرس الغاء نظام الكفيل هذا، ولكن هذا النمط من الوعود لا نسمع به الا في حال ظهور انتقادات شرسة له من قبل منظمات حقوق الانسان العالمية الغربية، مثل هيومان رايتس ووتش او منظمة العفو الدولية. مما يدفع بعض الحكومات الى محاولة طمأنة هذه المنظمات وامتصاص غضبها ثم تعود الاوضاع الى حالها السابقة، وتستمر الدراسة لسنوات وربما لعقود بعد ذلك. بالامس طالب وزير القوى العاملة والهجرة المصري السيد فتحي فكري دول الخليج بالغاء هذا النظام ووضع نظام بديل يكفل حقوق اصحاب الاعمال والعمال والحياة الكريمة للعاملين اثناء مشاركته في مؤتمر العمال العربي الذي انعقد في القاهرة. هذه هي المرة الاولى التي يتصدى فيها وزير عمل عربي لنظام الكفيل هذا والمطالبة بتغييره على حد علمنا، فمن المحزن ان معظم وزراء العمل العربي يخافون من طرح هذه القضية خشية ان يتعرض عمال بلادهم للطرد او مواجهة المزيد من الصعوبات في الدول المعنية مثل منع نقل الكفالة الى كفيل آخر او انهاء العقود في افضل الاحوال. سمعنا عن مطالبات من دول غربية، وخاصة حكومة كندا المكلفة بملف العمال المهاجرين دوليا، بالغاء هذا النظام، وقرأنا ان وزير العمل الكندي زار عواصم خليجية مكلفا من الاممالمتحدة لاقناع حكوماتها بتحسين ظروف العمل والعمال الاجانب، ولم نر نتائج عملية تطبق على الارض في هذا الصدد. وزير العمل المصري قرع الجرس، وطالب بكسر حاجز الصمت لانه يمثل ثورة مصرية نجحت في قلب نظام حكم فاسد لم يعر مطلقا اي اهتمام لاحوال العمال المصريين في الدول الخليجية، ولا شك ان مواصلة الحكومة المصرية الضغط في هذا الاتجاه تسدي خدمة كبيرة لكل العرب وليس للعمال المصريين فقط الذين يقدر عددهم بحوالى ستة ملايين عامل وموظف بحكم ما تتمتع به مصر من ثقل في المنطقة بأسرها. ندرك جيدا ان بعض الدول الخليجية تخشى من بعض الجوانب السلبية في حال الغاء هذا النظام مثل هروب العمال، ولكن لا يجب ان يؤخذ البريء وهو يشكل الاغلبية بجريرة المذنب الذي يمثل الاقلية. هذا النظام البغيض يجب ان يلغى وان يستبدل بنظام اكثر عدالة يحفظ حقوق العامل الاجنبي ايا كانت جنسيته، ويحقق له الاستقرارين النفسي والوظيفي، ويزيل هذه البقعة السوداء من وجه الخليج الجميل والحداثي المشرق.