هناك ما نعشق من أجله كسلا، «القاش والموز» وتوتيل، حين تكتسي بالخضرة عند فصل الخريف الذي هو بين أيدينا، ونشوة أدروب محتسياً قهوة الشرق، وحين يصفو مزاجه يمتشق سيفه ويقفز عالياً مردداً «كسلا.. كسلا» تقابله السمهريات من الكسلاويات رقصاً بالرقاب الأصيلة و«الفردة» المميزة لهن سودانياً وإقليمياً، وفي هذا الجو كانت رحلة الاتحاد العام للمرأة السودانية لنظيره بولاية كسلا بقيادة نائب الأمين العام الأستاذة أحلام محمد إبراهيم والوفد الرفيع من قيادات المرأة والصحفيات، زيارة صغيرة لوقت وجيز ولكنها وقفت على قضايا المرأة بالولاية ذات الموارد والثروات، التي تحتاج المرأة فيها للوقوف بجانبها حتى تحقق الكثير من الإنجازات، لذلك جاء اهتمام الاتحاد بالمرأة السودانية في كل ولايات السودان، للوقوف بجانبها حتى تحقق ما ترنو إليه. وما زال عالقاً بذهني ما قالته لي إحدى النساء من قبيلة الرشايدة، عندما أكدت لي بوضوح أنها اكتسبت وعياً من خلال دخولها المجتمع عبر بوابة اتحاد المرأة بولاية كسلا، حيث صارت أمينة لمحلية ريفي غرب كسلا التي تنتشر فيها قبائل الرشايدة، وأن الاتحاد يمثل إضافة حقيقية للنهوض بالمرأة السودانية، وقالت «سأقوم بعكس ما تلقيت من وعي في شتى المجالات التي تخص المرأة وتنميتها إلى ذلك المجتمع»، تعني مجتمع الرشايدة الريفي، وهو مجتمع منغلق لديه من القوانين والتقاليد ما يحول بينه والمجتمعات الأخرى، وأضافت حميدونة الرشايدية أنها استطاعت أن تدخل البنات المدارس وهمها التعليم والاستقرار للمرأة الرشايدية. وتواصل المرأة في كسلا العمل لتحقيق عدد من الأهداف أهمها الوحدة والسلام بين أبناء وبنات المنطقة، أما في الطرف الآخر من المدينة وفي منطقة يحتويها السحر الطبيعي الكسلاوي الخلاب، وبحي «واو نور» الذي يحتضن العديد من القبائل الجنوبية التي وصلت إلى مدينة كسلا في سنوات مبكرة من تاريخها الحديث إضافة إلى قبائل أخرى تقطنه من جميع أهل السودان، حيث قال بعض الذين التقتهم «الأهرام اليوم» بواو نور في ذاك الحفل البهيج الذي يدعو إلى الوحدة وأقامته أمانة السلام باتحاد المرأة؛ إنهم هنا متعايشون ولا يريدون الانفصال الذي يعتبر في نظر هؤلاء الناس وهم آلاف من السودانيين ضعفاً وتمزيقاً للبلد. كان الاحتفال يمثل الصورة الأعمق للسودان من خلال التمازج والتنوع، فهناك العديد من الفرق الشعبية تغنت للوحدة والسلام وهناك الكثيرون ينادون بالوحدة التلقائية ليبقى الوطن موحداً. وهذا ما أكده الذين شاركوا في مؤتمر المرأة الاستثنائي بالولاية.. حيث أشار والي ولاية كسلا محمد يوسف آدم إلى إن ولايته تعتبر من أكثر ولايات السودان التي تواجه ارتفاعاً في معدل وفيات الأمهات، وعزا يوسف ذلك إلى الجهل وعدم إلمام الأمهات بالجوانب الصحية والتعليمية بجانب الفقر الذي تعيشه أغلب أسر الولاية، وأبان أن حكومته قامت بالتحوطات اللازمة للحد من مخاطر الولادة بتدريب وتعيين «111» قابلة، داعياً كافة المؤسسات ذات الصلة إلى العمل المشترك للنهوض بالولاية إلى بر الأمان، معلناً في ذات الجانب التزام حكومته بتنفيذ كل البرامج التنموية التي تخص المرأة، وكشف الوالي عن برامج التنسيق المشتركة مع منظمة الفاو لتوفير مشاريع لمساعدة الأسر الفقيرة. وجدد يوسف التزامه بدعم الوحدة مشيراً إلى أهمية الدور الذي تلعبه المرأة في تقوية العلاقات الاجتماعية بين مكونات المجتمع المختلفة، وأكد على دعم حكومته لاتحاد المرأة من أجل المشاركة في قوافل تتجه صوب الولايات الجنوبية دعماً لترسيخ ثقافة الوحدة والسلام والاستقرار. وفي قاعة عثمان دقنة انعقد المؤتمر الاستثنائي الثاني لاتحاد المرأة السودانية بكسلا الذي تم فيه اختيار أمينة جديدة للاتحاد خلفاً للسابقة سمية أكد التي تنحت بسبب نيلها عضوية المجلس الوطني الذي تمثل الولاية فيه. وقالت سمية إن هناك تحديات كثيرة تواجه المرأة بكسلا خصوصاً فئة الأمهات، وأبانت أن تفشي الأمية وعدم الوعي من أكبر العوامل التي أدت إلى تخلف المرأة إضافة إلى حالة الفقر المدقع الذي تتجاوز نسبته أكثر من 80% داعية إلى تكريس الجهود الرسمية والشعبية لمواجهة التحديات الماثلة التي تواجه المرأة، وأضافت أن ولاية كسلا تمثل عمقاً إستراتيجياً ونموذجاً للوحدة الوطنية من خلال التعايش بين كافة مكونات المجتمع وأعراقه.. من جهتها أكدت الأمين العام لاتحاد المرأة السودانية بكسلا التي فازت بالترشيح بدرية الأمين على مواصلة الجهود لتحقيق آمال وتطلعات المرأة بالولاية وقالت ل «الأهرام اليوم» إنها وفي إطار انفتاح المرأة نحو المجتمع قامت بجولة شملت الأحياء والقرى والأرياف وقفت خلالها على المخاطر الناتجة عن العادات والتقاليد الضارة مثل زواج القاصرات وصغيرات السن الذي قالت إنه نتاج طبيعي لتفشي الجهل والأمية وسط الأمهات كاشفة عن خططها للفترة المقبلة التي أوضحت أنها ستركز على قضية تعليم المرأة مشيرة إلى أن الاتحاد العام للمرأة بولاية كسلا درج على تقديم الدعم للمراكز التعليمية بالولاية ومشروعات محفظة المرأة للأسر والشرائح الضعيفة.