المشاهد السوداني.. «حائر» ما زال يبحث عن قناة أو محطة تستقر حولها أنظاره، وهكذا الفضائيات السودانية، تبحث عما يميز مشاهدها لاستبقائه أطول فترة ممكنة أمام الشاشة، ما نراه في رمضان الآن سباقاً فضائياً محموماً، كل الخيارات مطروحة للجذب، والإعلان، بعضها استقدم النجوم بغرض الحيازة، وأخرى استعانت (بصديق) لتشكيل الضربة القاضية على الأخريات، ولكن القاسم الأكبر لمجملها الغناء.. ثم الغناء.. ...... أثر الخبرة خلال هذا العام، وتحديداً في رمضان 2010، تبارت ست قنوات وبصورة لافتة جداً عكستها الدعايات والاعلانات، ست قنوات فضائية سودانية، وهي القومية، النيل الأزرق، الشروق، هارموني، الأمل، ثم قوون، وطبعاً لا عزاء ل(زول) أو (ساهور وطيبة)، وتبارت هذه القنوات في تقديم برامج تجذب بها المشاهد السوداني إلى المتابعة لأطول فترة ممكنة، وبدأت (المعركة) تحديداً في الفقرة التي تلي الافطار مباشرة، وفي النهاية انحصر التنافس في ثلاث فضائيات، (السودان والنيل الأزرق وهارموني)، وابتعدت الشروق التي راهنت على زمن السهرة، وأتت بالأستاذ حسين خوجلي وبكل (اكتنازه) المعرفي ليقدم سهرة كل يوم، وكذلك خرجت قناتي الأمل وقوون من الماراثون لعدم وجود سابق خبرة (رمضانية) تشفع لهما في جذب (محمد أحمد)، وهذه القنوات الثلاث التي تنافست بعد الافطار مباشرة، كانت في مجملها (تتشاطر) الغناء.. فقط..!! الاستعانة بصديق هذا العام، ولتسحب البساط من النيل الأزرق، استعانت القومية بصديق، هذا الصديق كان نجماً صاحب كاريزما جذبت حوله المشاهدين، وهو الأستاذ الطيب عبد الماجد، وتم استقدامه ليضع حداً لجماهيرية السر قدور المتزايدة موسماً بعد موسم.. وفي هذا الاطار تحدث الطيب عن برنامجه (بيني.. وبينكم)، وقال: نجاح البرنامج جاء عبر نجاح برنامجي السابق (مشوار المساء)، الذي قدمته ووصلت درجات التواصل بيني والمشاهدين فيه إلى أقصى درجة من الحميمية والتلقائية، واليوم أحاول أن أنقل احساسي الصادق بجمال الأسر السودانية التي شرفت البرنامج، و(بيني وبينكم) برنامج ترفيهي حواري مع الفنانين ولقاءات مع نجوم المجتمع والغناء حيث يشارك فيه (60) فناناً من مختلف الأجيال، وذلك حتى نرضي جميع الاذواق الفنية. المواجهة.. المجازفة أرادت هارموني بعد الانقطاع الطويل التواصل مع مشاهديها ببرنامج رمضاني جديد، استمدت فكرته من جماهيرية ووساع مشاهدة البرامج الغنائية، فعرضت برنامج «بنات حواء»، وحواء المقصودة هنا هي حواء الطقطاقة، احدى رائدات الغناء السوداني التي اشتهرت بغناء البنات.. البرنامج من تقديم الاذاعية الشابة تريزا شاكر، واعداد واخراج امام حسن امام، ويحكي عن تاريخ الفنانة حواء الطقطاقة الفني والسياسي، باعتبارها تمثل أوائل المغنيات والمناضلات ضد المستعمر، وتتناول الحلقات مسيرتها الفنية عبر موضوعات مختلفة تشارك فيها مطربات اشتهرن بغناء البنات مثل حنان بلوبلو، وحرم النور، وانصاف مدني، وغيرهن. تريزا بدخولها هذا المعترك الرمضاني وضعت شخصها أما جماهيرية الطيب السابقة، والمخضرم السر قدور، ولهذا فهي تقول: أنا لو لم أكن أملك المقومات كمذيعة لما واصلت مشواري الاذاعي لأكثر من أربع سنوات، فأنا أجد الاشادة من العديد من النقاد، والأهم من كل ذلك انني اسعى بصورة مستمرة للتطور فأنا لست فاشلة، وبرامجي ليست ضعيفة، وأنا أميل للبرامج الحوارية لانني اجد فيها نفسي، تمنيت أن اقدم برنامجاً اجتماعياً يناقش قضايا وهموم الناس، والآن أحلم بأن يحقق برنامج الحالي «بنات حواء» كل النجاح والتفوق.. نجاح ساحق في نسخته الخامسة الحالية، قال عنه مقدمه السر قدور: أغاني وأغاني سيقدم أفكاراً جديدة في التوثيق للغناء السوداني، فالجمهور.. موعود بحلقات مميزة.. وللحقيقة لم يجد برنامج في تاريخ التلفزيون شعبية وجماهيرية كما حققها برنامج «أغاني وأغاني»، الأمر تجاوز التوقعات في نسخته الأولى، مما حدا بالجهة المنفذة بالنيل الأزرق إلى استنساخ نجاحه عاماً إثر آخر، مع تنوع في بعض المطربين، واضافة بهارات في نوع الأغنيات.. نجاحه الساحق، جعل «همباتة» الكاست ينسخون حلقات البرنامج ويقومون أيضاً بطباعتها على (السي دي)، وبيعها في «سوق الله أكبر» دون مراعاة لحقوق أدبية أو حتى مالية، مما يعزز نجاحه المدوي، هذا اضافة إلى حشد غير مسبوق من الإعلانات والجهات الراعية التي تتسابق وتتنافس برعايته وكسب مودة مشاهديه.. بيني وبينكم الملاحظة العامة لمجمل برامج المنافسة الرمضاية كانت هي (الغناء) وحده، فيما يتضح أن أمزجة المشاهد السوداني تتعاطى الغناء بشدة، وتنأى عن الحقول الفنية المغايرة، دراما، سينما، مسرح.. الخ.. وبعد النجاح الكبير لبرنامج أغاني وأغاني، عمدت الفضائيات السودانية الأخرى الاستفادة من هذه (الثيمة) فحرصت هذا العام على الدخول في هذا الجو.. مما فرض هذا جملة من الملاحظات، من بينها أن «بيني وبينكم» هو ذات البرنامج الذي كان يقدمه في السبعينيات الاذاعي عصام الدين الصائغ، باسم «بدون رتوش»، ويلاحظ البعض أن الطيب ما ميزه سابقاً هو حميميته واريحيته التي تمتع بها حين كان يقدم مشوار المساء، لكن الآن يرى الكثيرون أن الطيب يترفع عن ضيوفه، وبالتالي عن المشاهد الذي ما أحب الطيب إلا لتواضعه (سابقاً). أغاني وأغاني أما أغاني وأغاني فيرى البعض أن النسخة الخامسة منه لن تحظى بمشاهدة الأعوام السابقة، لانها سقطت في الحالة الاعلامية التي تسمى التدوير، بمعنى أن البرنامج كنموذج لم يستطع أن يتجاوز محطته الأولى، وأصر على ترسيخ غناء الوسط السوداني على أنه يمثل مجمل غناء السودان، مع أن السودان اليوم وهو يمر بأعقد مراحله، يستحق أن يكون الغناء فيه ذا نزعة جمعية وترابطاً وجدانياً، ويرى آخرون أن هذه النسخة تمثل (زحمة ما عادية) في الاستديو، و(هزهيز كراسي مبالغة)، بل إن البعض يقول (ديل دفسوهم دفس) في الاستديو الذي ينقص فيه الأوكسجين تدريجياً، مع تقليعة جديدة.. (صف بنات.. وصف أولاد)، ولم يرتض الكثيرون من جمهور محمود مطلقاً الشكل الذي ظهر به في البرنامج لا شكلاً، ولا أداءً، كأنما أراد محمود (نعي نفسه) بهذا البرنامج..!! بنات حواء برنامج «بنات حواء» يكفي أن تريزا شاكر أنها تحلم بامتلاك قناة فضائية ترضي طموحاتها التي قالت عنها: لم أحقق طموحي إلى الآن، ولم أقدم البرنامج الذي يرضي طموحاتي، فقد تلقيت ثلاثة عروض من قنوات سودانية ولكن ولائي لهارموني هو الأساس.. وتبقى تريزا واحدة من أبرز الوجوه الآن في القناة، لكن اختيار التوقيت (غير المناسب) لعرض البرنامج، وذلك لتزامنه مع البرامج المشابهة الأخرى، ربما يقلل من فرص نجاحه.. وتريزا بهذه المشاركة في رمضان بالذات، أدخلت نفسها في مجازفة..!! فاصل ونواصل فهل يا ترى اتضحت الرؤية؟ هل حقق التلفزيون القومي ما كان يرجوه بالاستفادة من نجومية الطيب عبد الماجد..؟ وهل يا ترى حققت النيل الأزرق ذات النجاح في النسخة الحالية لبرنامجها (أغاني وأغاني.)..؟ وهل يا ترى هذا نفس رأي المعلنين..؟ دخول هارموني ببرامج جديدة.. هل تجد الصدى الطيب الذي كانت تؤمله في استبقاء العديد من عيون المشاهدين مفتوحة عليها..؟ الأيام القادمة.. حبلى بالإجابات..!! نشأت الامام