فضلت السلطات القطرية ان تستهل "الديقراطية" في الجزيرة الغنية بالغاز، بالعمال الوافدين اليها من شتى الجنسيات وتؤخر الديمقراطية بين الشعب، وهي تقترح اجراء انتخابات ديمقراطية بينهم والسماح باقامة هيئة منتخبة مستقلة لحماية حقوقهم، فيما تستعد البلاد لاستضافة كاس العام لكرة القدم في 2022. ويأتي القرار القطري بعد أكثر من عام من اعترف رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني باقتراب التغييرات الديمقراطية التي تطال الدول العربية من بلاده. وقال في مقابلة اجرتها "كريستين أمانبور" من شبكة " أي بي سي" "ان التغييرات مقبلة على قطر وقد تطال الاسرة الحاكمة". واعلنت الدوحة عن نيتها الغاء نظام الكفالة المثير للجدل المطبق على الوافدين الى اراضيها، اضافة الى السماح باقامة هيئة منتخبة مستقلة لحماية حقوق العمال. وقال وكيل وزارة العمل القطرية حسين الملا في حديث مطول مع صحيفة العرب القطرية نشر الثلاثاء "هناك نية لالغاء الكفيل وتعويض ذلك بعقد مبرم بين العامل وصاحب العمل". واشار في هذا الصدد الى ان "لفظ كفيل سبب لهم الكثير من المشاكل في المنظمات الدولية" بحسب تعبيره. وسبق وان اظهر نخبة من القطريين الساخطين على تفرد حلقات مقربة من العائلة الحاكمة بالثروة أول بوادر الاحتجاج عبر حملة تعبر عن احباطهم من شركة "كيوتيل" مزود الاتصالات الرئيسية في بلادهم. وطالبت الحملة التي انتشرت على موقعي التواصل الاجتماعي "توتير" و"فيسبوك" وتحمل بوادر تذمر سياسي بتغطية أفضل وأسعار أرخص، وحثوا الزبائن على اقفال هواتفهم المحمولة لمدة ساعة واحدة. ووصفت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير كتبته "عبير علام" الحملة بانها الاولى من نوعها للمجتمع المدني، مشيرة الى ان القطريين غير معروفين باظهار سخطهم في العلن. وكانت منظمات دولية عدة دعت الى الغاء نظام الكفيل المعتمد في دول الخليج والذي يفرض على كل عامل وافد ان يكون له كفيل محلي، معتبرة انه يضع الموظف تحت رحمة كفيله. واعلن الملا عن توجه لقيام لجنة عمالية منتخبة ومستقلة للدفاع عن حقوق العمال بغض النظر عن جنسيتهم، وذلك تزامنا مع الاعلان ايضا عن خطة لتوظيف مليون عامل استعدادا لاحتضان كاس العالم في 2022. وقال الملا "عملنا على مشروع تأسيس لجنة عمالية تقوم بالدفاع عن مصالح الطبقة العاملة قطرية كانت ام اجنبية". واشار الى ان اللجنة التي ستكون بمثابة نقابة واحدة لجميع قطاعات العمل، "يجب ان تتكون من القطريين حيث كاجنبي يحق لك الانتخاب دون الحق في الترشح لمجلس الادارة". وقال المسؤول ان عمل هذه اللجنة "سيكون بعيدا عن وصاية وزارة العمل ويمكن لهذه اللجنة حتى الانتقال الى الشركات للوقوف على الظروف المهنية للعمال وهي مخولة تلقي شكاوى العمال والدفاع عن حقوقهم". واضاف انه "تمت مناقشة هذا المشروع في مجلس الوزراء وحول الى مجلس الشورى ونحن الان بصدد انتظار الموافقة الاميرية على هذا المشروع لان سمو الامير يعطي اهتماما شخصيا لهذا الموضوع". ويبلغ عدد سكان قطر حوالى 1.7 مليون نسمة بحسب تقديرات متطابقة، الا ان عدد المواطنين لا يتجاوز 300 الف نسمة. ولفت المسؤول القطري في تصريحاته لصحيفة العرب الى ان "الكثير من المنظمات تاخذ علينا كدول في مجلس التعاون عدم وجود نقابات عمالية باستثناء دولة او دولتين فقط (...) وبتوالي السنوات يزداد هذا الضغط علينا اكثر فاكثر". والنقابات الخليجية الموجودة محصورة بالمواطنين فقط. كما اعلن الملا انه تم انجاز المشروع "بالاستعانة بخبراء من منظمة العمل العربية ومنظمة العمل الدولية وبعض النقابات العمالية الخليجية". ومن جهة اخرى اعلن وكيل وزارة العمل خطة لتوظيف نحو مليون عامل في اطار التوسعات الاقتصادية التي تسبق احتضان كاس العالم لكرة القدم في سنة 2022. وقال الملا للصحيفة في هذا الصدد "في توقعاتنا يمكن ان يبلغ العدد مليون شخص على مراحل طبعا وليس دفعة واحدة وقمنا بوضع خطة في الوزارة". ونوه الى ان "المشاريع الموجودة (في قطر) مشاريع كبيرة جدا خاصة فيما يتعلق بالبنى التحتية". وسبق وان وعد رئيس وزراء قطر بديمقراطية في بلاده بقوله "ان أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني خطط للقيام بكل هذه التغييرات لانه يدرك أهمية ذلك للناس". وشدد بقوله "أن أمير البلاد (المفدى) دعم الاصلاحات الديمقراطية في بلده من دون ضغط من عنف الشارع كما رأينا في بلدان أخرى". وقال "ان القطريين يعروفون انه شرع باقامة دستور من دون أي ضغط، ولم يكن هناك أي ضغط لاقامة البرلمان والانتخابات البلدية". وأقترب من الخطاب الغربي بتأكيده قيام صحافة حرة في قطر! "وأنت تعرف كم تجلب الصحافة الحرة من الصداع لدولة قطر". ولم يكشف رئيس الوزراء القطري في تصريحاته الأثر الفعلي لتلك المجالس والمؤسسات "الديمقراطية" وسبب بقائه ما يقرب من عقدين على رأس الخارجية القطرية مما ينفي فكرة التجديد الذي تأتي به الممارسات الديمقراطية. كما لم يتطرق عما إذا كانت تلك المؤسسات تمارس أي دور رقابي على حكومته أو على السياسات العامة التي يتبناها أمير قطر وخصوصا تلك التي تتعلق بالانفاق الحكومي والسياسة الخارجية. وعبر مراقب عربي لم يشأ ذكر اسمه عن شكوكه بجدية تصريحات رئيس وزراء قطر بقوله "الشيخ حمد يتكلم بلغة مختلفة عندما يخاطب الغرب، ويٌسمع الغربيين ما يريدون سماعه من مفردات مثل المجالس المنتخبة والانتخابات. هذا محور دائم في الازدواجية القطرية". ميدل ايست أونلاين