من حيفا: حسن موسي- إذاعة هولندا العالمية/ بين فترة وأخرى تعود قضية العمال الأجانب بشكل عام واللاجئين الأفارقة من السودان واريتريا وغيرها من دول القرن الإفريقي، لتشغل الرأي العام الإسرائيلي، حيث تبرز بعض الأصوات المحذرة من بقائهم في دولة إسرائيل خشية تراجع ما يسمى "يهودية الدولة"، والداعية إلى الإسراع في انجاز طردهم والتخلص منهم. فيما يلاحظ "هجرة" داخلية للاجئين السودانيين خصوصاً من المدن ذات الغالبية اليهودية إلى البلدات والقرى العربية في إسرائيل. وتشغل هذه القضية بال حكومة بنيامين نتانياهو التي أعلنت عن خطة لطرد الآلاف منهم، وسط ازدياد حالات تعرض العمال الأجانب لمضايقات من قبل الإسرائيليين. سجال إسرائيلي حول جدوى بقائهم قضية العمالة الأجنبية وخصوصا السودانيين يتم إثارتها بين الفينة والأخرى، حيث يحتدم النقاش في إسرائيل حول الموقف الذي يتعين على الحكومة الإسرائيلية اتخاذه تجاه هؤلاء العمال، لجهة إبعادهم إلى خارج إسرائيل أو السماح لهم في البقاء داخلها. كما يتركز النقاش بشكل خاص على مستقبل أولاد العمال الأجانب الذين وُلدوا وترعرعوا في إسرائيل، حتى باتوا جزءاً منها. المهاجرون الأفارقة: الطائفة الجديدة في إسرائيل يحاول بعض الإسرائيليين التهويل من الخطر المتنامي جراء استمرار تدفق العمال الأفارقة إلى إسرائيل حيث تشير التقديرات إلى إن أكثر من 35 ألف متسلل (منهم سبعة آلاف سوداني) يعيشون في إسرائيل، وتظهر التقارير بأن التسلل يتواصل بوتيرة متزايدة، وقد ارتفع أكثر من ضعفين مقارنة مع السنة الماضية، مشيرة إلى أن طائفة جديدة من الأفارقة نشأت في إسرائيل وأن المكانة القانونية للمتسللين تكسبهم حقوقا في العيش والعمل والتعليم والصحة. وبصفتهم طالبي لجوء تحق لهم الحماية التي توفرها مأمورية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإنهم سيمكثون في إسرائيل فترة طويلة بل وربما يستقرون فيها أيضا ظروف معيشية صعبة: تكشف التقارير الإسرائيلية حول ملف العمال الأجانب وظروفهم الحياتية، مشاهد مريعة لعمال يأوون إلى أقفاص وحاويات معدنية وأحياناً إلى مُغرٍ وجحور تحت الأرض. وتوضح هذه التقارير مدى قسوة ظروفهم المعيشية، حيث أوضح تقرير صادر عن جمعية "خط للعامل" أوجه الإستغلال المريع وظروف العمل والسكن والحياة اللاإنسانية التي يلقونها في إسرائيل، من خلال إصدار وتعميم نشرات وتقارير منتظمة تسلط الضوء على أوضاعهم والمشكلات التي يُعاني منها العمال الأجانب عموما والسودانيين والأفارقة في إسرائيل. الهرب إلى مدن وقرى فلسطيني ال48 مع ارتفاع أعداد المهاجرين السودانيين طالبي العمل إلى إسرائيل، تشهد قرى ومدن فلسطيني ال48 "هجرة" العمال السودانيين إليها، حيث يمكن مشاهدة المئات منهم في شوارع وأحياء هذه التجمعات السكنية، حيث يلاقي العمال السودانيين معاملة حسنة من فلسطيني ال48 على اعتبار أنهم "أشقاء" لهم. ومثلا في قرية كفر مندا شمال الناصرة كبرى مدن فلسطيني ال48 يمكن مشاهدة العمال السودانيين في إنحاء مختلفة من القرية، إذ انتقل الكثير منهم للسكن هناك لما يلاقونه من معاملة حسنة. الزراعة والبناء وتنظيف الشوارع في مدينة باقة الغربية تعاقد بلدية المدينة مؤخراً مع شركة نظافة كافة عمالها من السودانيين، وينتشر العمال في شوارع المدينة طوال ساعات اليوم من خلال تنظيفهم لشوارع المدينة. ويقول رمضان وهو عامل نظافة يعمل في باقة الغربية، لقد انتقلنا للعمل والسكن حتى في باقة كون أهالي المدينة يعاملوننا معاملة حسنة وينظرون إلينا كأشقاء. ويضيف محدثنا: "لقد عانينا كثيرا من المعاملة في المدن اليهودية وخصوصا تل-أبيب ونتانيا (شمال تل-أبيب)، هذا بالإضافة إلى تراجع فرص العمل فيها، وتزايد حالات الاعتداء والعنصرية من قبل الإسرائيليين ضدنا". ويشير رمضان إلى أن غالبية العمال السودانيين يعملون في مجال الزراعة والخدمات والأعمال المؤقتة والبناء، ويفضلون العمل في مدن وقرى فلسطيني ال48 كونهم لا يحتاجون لدراسة لغة ثانية وهم يتحدثون معهم بلغتهم العربية. فيما يرى ادم زميله والذي يعمل هو الآخر في باقة الغربية أن معاملة المواطنين العرب لهم جيدة جداً بالمقارنة مع معاملة اليهود لهم، ويبين ادم انه كثيرا ما يرتاد مع عدد من زملائه مقاهي المدينة، ويتجولون بحرية في شوارعها وأحيائها. احترام متبادل ويبين ادم أن العمال السودانيين يعملون بصورة عامة 5 أيام في الأسبوع، ويقومون بين الفينة والأخرى على تحويل بعض ما يدخرون لعائلاتهم عبر صرافين أو من خلال التحويلات البنكية من خلال دول وسيطة. علاء صاحب شركة نظافة من باقة الغربية قال:" هناك ازدياد في عدد العمال السودانيين في باقة، وانه شخصيا يفضل تشغيلهم كعمال في شركته لما يتحلون به من أخلاق وسيرة حسنة. ويشير إلى انه يوفر سكنا لهم في المدينة، وان كثيرا منهم باتوا ينتقلون للعمل والسكن في القرى العربية لما يلاقونه من معاملة حسنة. موضحا في الوقت ذاته أن الأهالي يتعاملون مع العمال من باب الاحترام. كما أن العمال يحرصون على احترام الأهالي ومراعاة تقاليدهم، وان ثمة الكثير من المحاولات للتواصل معهم من قبل السكان وتقديم المساعدة لهم من منطلقات إنسانية.