في السودان، تعتبر أزمة الكهرباء الأسوأ بين البلدان العربية، إذ إن 20 في المائة فقط من سكان السودان يتمتعون بالطاقة الكهربائية، علما بأن عدد السكان يبلغ 40 مليونا، في حين يبلغ عدد المشتركين في العاصمة الخرطوم نحو 700 ألف مشترك فقط، بما في ذلك المؤسسات والشركات والدواوين الحكومية، في وقت لا تتجاوز فيه الطاقة المنتجة ثلاثة آلاف ميغاواط. وحتى في العاصمة، فإلى وقت قريب، كان كلما جيء على ذكر الكهرباء، تتجه الأذهان إلى تلك الأيام العصيبة التي خرج فيها السودانيون إلى شوارع الخرطوم، في مظاهرات احتجاج على قطع الكهرباء المتكرر، وهو السمة البارزة لعلاقة السودانيين بالكهرباء. فالبيوت مظلمة مساء ونهارا، فتكاد أصوات المولدات تصم الآذان قرب الشركات والمؤسسات والدواوين الحكومية. لكن يلاحظ وجود استقرار نسبي في السنة الأخيرة، وربما زيادة إنتاج الكهرباء بعد دخول سد مروي كان لها أثر الإيجابي على توليد الطاقة الكهربائية في السودان. وتبلغ الطاقة المنتجة من سد مروي نحو 1250 ميغاواط، سيتم إدخالها تدريجيا وعلى مراحل. وقد نجحت الحكومة السودانية في إدخال نحو 300 ميغاواط العام الماضي من إنتاج سد مروي، وهو أكبر السدود لإنتاج الكهرباء في السودان. وفي الغالب فإن السودان يعتمد على الكهرباء المائية المولدة من السدود مثل الدمازين على النيل الأزرق، وسد مروي على نهر النيل، مع وجود محطات طاقة حرارية قليلة الإنتاج، وتتلخص الموارد الكامنة لإنتاج الكهرباء في السودان في النفط والغاز والطاقة المتجددة الطاقة المائية والشمس والرياح وحتى الطاقة الجوفية الحرارية. ومع قلة الاستهلاك الكهربائي في السودان، فإن استقرار الإنتاج يظل محفوفا بالمخاطر. ويؤكد مهندس بوزارة الكهرباء والسدود، وهي وزارة حديثة قامت على أنقاض الهيئة القومية للكهرباء، أن الطمي يشكل أهم العقبات التي تواجه الإمداد الكهربائي بالسودان، حيث يتراكم الطين عند خزان الروصيرص في مواسم الأمطار الغزيرة، واندفاع المياه المقبلة بقوة من أعلى الهضبة الأثيوبية شرقا إلى مناطق منخفضة غربا، ويتسبب ذلك في تعطيل التوربينات. ويضيف: «لا تتوقف مشكلة الخريف في الطمي الذي يوقف عجلة التوربينات، حيث تتسبب الرياح والأعاصير في قطع أسلاك الكهرباء في الشوارع، بينما يسقط عدد من الأعمدة التي تحمل الأسلاك عند هطول أمطار غزيرة خاصة في مناطق ولاية الجزيرة ذات الأراضي الطينية». إلا أن المشكلة لم تتوقف عند موسم الأمطار. ففي موسم الصيف تطل أزمة أكبر في إنتاج الكهرباء بسبب قلة مياه النهر في مفارقة غريبة، فعندما يعلو النهر العنيف تتوقف التوربينات، وعندما تتوقف المياه تتعطل التوربينات أيضا، مما يعني أن الأزمة مستفحلة حسب رأي الفنيين والمختصين بالكهرباء في السودان. وعندما تتوفر الكهرباء، أو تستقر نسبيا، يشكو السودانيون من ارتفاع سعر الكهرباء، حيث تقدر تعريفة الكهرباء بنحو (9 سينتات) في حين تبلغ تكلفة الكهرباء في القطاع الصناعي 11 ضعفا عن تكلفة القطاع ذاته في مصر، و22 ضعفا عن دول الخليج. ويقول مسؤول في وزارة الكهرباء لم يرد الكشف عن اسمه، ل«الشرق الأوسط»، إن هناك خطة ربع قرنية ممتدة إلى عام 2030، بتوسيع الشبكة القومية لربط أرجاء البلاد، وإنشاء المزيد من المحطات الفرعية، والبحث عن مصادر جديدة ورخيصة وآمنة للتوليد الكهربائي، فكانت المشاريع التي بدأ العمل في بعضها، واكتمل العمل في بعضها الآخر؛ بينما لا يزال جزء منها قيد الدراسة والتصميم، كل ذلك صاحبته ووازته خطة طموحة لزيادة عدد المشتركين ليصل إلى نسبة تزيد على 80 في المائة من عدد السكان بحلول عام 2030، كما نفذت الهيئة عدة مشاريع لضمان انسياب آمن وفاعل لكهرباء سد مروي إلى الشبكة القومية، وذلك عبر إنشاء خطوط ناقلة ذات جهد عال؛ فالإنتاجية المتوقعة من الكهرباء المنتجة من سد مروي تقدر ب1250 ميغاواط ينتظر أن يكتمل دخولها إلى الشبكة القومية. ومع استقرار التوليد في الأشهر الأخيرة فإن 80 في المائة من السكان لا يعرفون الكهرباء في حياتهم، بما في ذلك سكان مدن كبرى كالخرطوم. فايز الشيخ