تسود حالة من الترقب والقلق في الأوساط الشعبية والسياسية بالسودان، في انتظار ما ستسفر عنه جولة التفاوض حول القضايا العالقة مع جنوب السودان، في أديس أبابا. وفي استطلاع أجرته “الاتحاد" في الخرطوم أبدى سودانيون خشيتهم من أن يؤدي التفاوض إلى استنساخ اتفاق يماثل اتفاق السلام الشامل الذي وقعه الجانبان في نيفاشا عام 2005، وأفضى إلى انقسام البلاد من دون أن ينهي حالة التوتر السياسي أو يوقف الاعتداءات على الأرض في البلدين. وانتقد المحلل السياسي عباس الضي إقصاء شعبي البلدين عما يدور في جولة التفاوض في أديس أبابا، وقال إن أي اتفاق ينتهي إليه الجانبان يتم التوقيع عليه بالأحرف الأولى، ومن ثم يجب عليهما عرض ما توصلا إليه إلى شعبي البلدين، وإجراء الشورى حوله، وبعد التأكد من قبول الشعب له، يتم التوقيع النهائي عليه. وقال: لطالما انفردت الحكومات بالقرار من دون أن تشرك الشعب ومن ثم تحمله نتائجه ما يحدث من خذلان لما توافقوا عليه، مشيراً إلى أن هذا النهج يجافي المبادئ الإسلامية التي تدعو إلى الشورى. وشدد على عدم مفاجأة الشعب بالاتفاقيات بعد إبرامها، كما حدث في اتفاق الحريات الأربع الذي قوبل برفض واسع في الخرطوم عقب التوقيع عليه. وأشار إلى أن هذه السابقة كان يجب أن تلفت نظر الحكومة إلى أهمية إشراك الشعب في مسؤولية القرارات بشأن القضايا قبل التوقيع عليها. click here وفي الاتجاه ذاته ذهب إمام وخطيب الجامع الكبير بالخرطوم عبد الله سيد أحمد الشيخ الذي أكد أن لا مبرر لمنح الوفد الحكومي المفاوض كامل الصلاحيات للتوقيع على الاتفاقيات من دون تمريرها علي البرلمان والشعب. وقال: علينا أن نتعظ من نيفاشا، مضيفاً أنها خطوة تضعف عملية صنع القرار في البلاد، وصوب انتقادات للحكومة السودانية لإطلاقها سراح الأجانب الذين قبض عليهم في هجليج مؤخراً، وقال كان يجب استخدامهم كورقة ضغط في جولة التفاوض. وأبدى مزمل عبد الرحمن “طالب جامعي" ارتياحه لاستئناف التفاوض بين البلدين، وقال إن خصوصية العلاقة بين جنوب السودان وشماله تحتم أن يكون الحل سلمياً عبر التفاوض، معتبراً أن حل القضايا عبر الحرب سيدمر البلدين شعباً واقتصاداً. وأضاف: أعيب على الأفارقة نزعة القتال، ومعالجة قضاياهم بالعنف، على عكس ما يحدث في الدول الغربية التي تجنب شعوبها شبح الحرب، وتسعي لحل قضاياها كافة عبر الحوار السلمي. واكد الصحفي عبد الحي شاهين عدم تفاؤله بأي اتفاق يتم بين الجانبين حتى وإن كان بضغط من المجتمع الدولي، وقال إن الإخفاق أصبح ديدن كل الاتفاقيات التي يتوصل إليها الجانبان باستثناء اتفاقية نيفاشا، لأنها كانت غاية الأمل والحلم الذي ظل يراود الجنوبيين لسنوات طويلة، وبعدها لم تسلم أي اتفاقية من الفشل الذي أصبح ديدن كل اتفاقيات. الاتحاد