جوبا (رويترز) - قال رئيس جنوب السودان في رسالة اطلعت عليها رويترز يوم الاثنين إن مسؤولين في بلاده "سرقوا" ما يقدر بأربعة مليارات دولار من المال العالم وينبغي إعادتها لإنقاذ سمعة الدولة والمساعدة في انتشال شعبها من الفقر. جاء هذا في الوقت الذي تسارع فيه الدولة التي انفصلت عن السودان قبل أقل من عام لجمع إيرادات لتعويض فقد جميع إيرادات الدولة تقريبا مع وقف انتاج النفط في يناير كانون الثاني. واتهم منتقدون حكومة الرئيس سلفا كير بعدم فعل ما يكفي للحد من الفساد المستشري الذي عرقل جهود بناء الدولة من الصفر ودعم التنمية. وفي رسالة إلى 75 من المسؤولين الحاليين والسابقين بتاريخ الثالث من مايو ايار عرض كير العفو عن المسؤولين والأفراد المرتبطين بالحكومة الذين يعيدون الأموال. وقال في الرسالة التي حصلت عليها رويترز "ما يقدر بنحو أربعة مليارات دولار لم يتم الاستدلال عليها أو .. بمعنى أبسط .. سرقها مسؤولون سابقون وحاليون وأفراد فاسدون على علاقة وثيقة بمسؤولين حكوميين." ومن الصعب الحصول على أرقام جديرة بالثقة في جنوب السودان لكن المبلغ يمكن ان يصل إلى نحو ثلث الايرادات النفطية الاجمالية التي خصصت للجنوب في الفترة منذ توقيع اتفاق السلام في 2005 والذي أنهى الحرب الأهلية مع الشمال وحتى استقلال الجنوب في العام الماضي. وقالت الرسالة "نقل أغلب هذه الأموال إلى خارج البلاد وأودع في حسابات أجنبية. بعضها استخدم في شراء عقارات دفع ثمنها نقدا." وأكد مسؤول كبير بالحكومة لرويترز إرسال الرسالة إلى وزراء حاليين وسابقين ونواب وزراء في الايام العشرة الأخيرة. وتعاني الدولة البالغ عدد سكانها 8.6 مليون نسمة من بعض أسوأ الأوضاع الصحية والتعليمية على مستوى العالم بسبب عقود من الصراعات والاهمال الاقتصادي. وقلما توجد طرق معبدة خارج العاصمة جوبا. وبعد الانفصال عن السودان في يوليو تموز عم التفاؤل السكان بأن بلدهم سيمضي أخيرا نحو الازدهار لكن الاقتصاد تعثر منذ ذلك الحين بسبب استمرار النزاعات مع الخرطوم والفساد. وقال وزير الاعلام برنابا ماريال بنجامين إن أكثر من نصف المليارات الأربعة مرتبط بما أطلق عليه في البلاد فضيحة "الذرة" حيث تشير مزاعم إلى أن مشتريات حكومية هائلة من السرغوم لم توزع قط. واضاف "إنه مبلغ ضخم." وتتكون الحركة الشعبية لتحرير السودان -وهي الحزب الحاكم في البلاد- في أغلبها من متمردين سابقين لا يملك الكثير منهم خبرة بالمؤسسات المدنية أو الادارة الاقتصادية. والرقابة المالية ضعيفة إن وجدت أصلا. وقالت رسالة كير "حاربنا من أجل الحرية والعدالة والمساواة. توفي كثير من أصدقائنا من أجل تحقيق هذه الاهداف. غير أننا بمجرد وصولنا إلى السلطة نسينا ما حاربنا من أجله وبدأنا نثري انفسنا على حساب شعبنا." واضاف "جدارة حكومتنا بالثقة على المحك." وخلال الفترة من 2005 حتى الاستقلال تقاسمت الخرطوموجوبا رسميا عائدات النفط بالتساوي حيث حصل الجنوب على نحو ملياري دولار سنويا. وقال جنوب السودان في نوفمبر تشرين الثاني إنه تعاقد على بيع نفط بقيمة 3.2 مليار دولار في الفترة بين التاسع من يوليو تموز وحتى 31 من ديسمبر كانون الأول. ولم يتضح حجم ما تم بيعه فعلا واستحوذت الدولة التي لا تطل على بحار عند انفصالها على نحو 350 الف برميل يوميا من انتاج النفط أو نحو 75 في المئة من انتاج السودان الموحد لكن جوبا فشلت في الاتفاق على الرسوم التي ينبغي دفعها للخرطوم مقابل استغلال خطوط الأنابيب السودانية. ودفع النزاع جنوب السودان إلى وقف انتاجه من الخام في يناير كانون الثاني مما أفقده على الفور 98 في المئة من إيرادات الدولة ومصدرها الرئيسي للعملة الصعبة. ورغم تبني الحكومة خطة تقشف للمساعدة في الحد من الانفاق تقدر وثيقة مسربة من البنك الدولي أن احتياطيات الجنوب من العملة الصعبة ستنفد في يوليو تموز. لكن مسؤولين من جنوب السودان يقولون إن التقديرات تضخم من حجم الخطر. وقال مكتب الرئيس الجنوبي في بيان صحفي في اول يونيو حزيران إن لجنة مكافحة الفساد في البلاد استعادت ما قدر بستين مليون دولار من تعاملات تنطوي على احتيال وحالات اختلاس على أيدي مسؤولين حكوميين. واضاف أن كير بعث بثماني رسائل إلى زعماء دول في افريقيا والولايات المتحدة والشرق الأوسط واوروبا في يناير كانون الثاني طلبا للمساعدة في استعادة الأموال التي سرقها مسؤولون جنوبيون حاليون وسابقون