برن - اتخذ مستشفيا الأطفال في كانتونيْ زيورخ وسانت غالن السوسرية قرار التوقّف عن القيام بعمليات ختان الاطفال بعد قرار محكمة ألمانية في الشهر الماضي منع الختان الديني الذي يرقى في نظرها الى مستوى التشويه الجسدي و يُعاقب عليه القانون الجنائي باعتبار ان ختان الطفل بدافع ديني يمثل إصابة جسدية متعمدة يمكن المعاقبة عليها قانونيا وتجرى عمليات الختان أساسا لليهود والمسلمين. ففي أعقاب حكم أحد قضاة كولونيا الألمانية بحظر القيام بعملية ختان الذكور بالرغم من اعتراض المسلمين واليهود لاعتبار الختان من شعائر الدين قاما مستشفيان بمدينتي زيورخ و سانت جول السويسرية بوقف عمليات ختان الذكور. وأدى القرار الذي اتخذته مؤسستا الاستشفاء في سويسرا بتعليق ممارسة ختان الأطفال الى إثارة نقاش حاد بين خبراء القانون السويسريين. وتأتي هذه الممارسات المناهضة لحرية ممارسة الشعائر الدينية في إطار محاولات حظر الختان بعدد من بلدان أوروبا كهولندا و بريطانيا وسان فرانسيسكو ب أمريكا التي كانت بصدد عمل استفتاء عام على حظر الختان ومعاقبة من يقومون به بغرامة تبلغ ألف دولار والسجن لمدة عام. إضافة إلى سعي النشطاء الحقوقيين المدنيين إلى حظر الختان قانونيًّا بنحو 46 ولاية أمريكية، وهو الأمر الذي لقي اعتراضًا شديدًا من قِبَل المجتمع الإسلامي ومنظماته. وقال الناطق باسم مستشفى الأطفال في كانتونيْ زيورخ "إننا لا نقوم إلا بعدد محدود جدا من عمليات الختان في الشهر لذلك بإمكاننا اتخاذ الوقت الكافي لتقييم الأوضاع واتخاذ القرار المناسب"، مضيفا بأن الختان لأسباب طبية سوف لن يتأثر بقرار التعليق المؤقت. وقال مارسيل نيغللي استاذ القانون الجنائي بجامعة فريبورغ لصحيفة ألمانية "بإمكانكم الوقوف من خلال الدراسات التي تمت على أن عملية الختان تُحسِّن من الوضع الصحي للأشخاص المعنيين، فهم أقل قابلية للإصابة ببعض الأمراض المنقولة والختان لا يعرض حياة الشخص للخطر مقارنة مع عملية ختان الفتيات". ويعتبر نيغللي كل من الوالدين ملزمين بحقوق وواجبات تحتم عليهما العمل لصالح طفلهما ومن ضمن ذلك اتخاذ قرار الختان نيابة عن الطفل لأن عملية الختان عملية بسيطة، ولا تعمل على تعريض حياة الطفل للخطر وهو ما تظهره الإحصائيات التي تشير الى أن العملية تحسن الأوضاع الصحية. في المقابل اعتبر الاستاذ مارتين كيلياس المتخصص في علم الإجرام بجامعة زيورخ ان قرار المحكمة الألمانية اخرجت الموضوع الى العلنية والى دائرة النقاش وقال "المستشفيان اتخذا القرار الصحيح بتعليق عمليات الختان الذي يمثل انتهاكا لمعايير أخلاقيات مهنة الطب". اما فيما يتعلق بمسالة حرية الدين والمعتقد فيشير كيلياس الى ان من حق المجتمعات الديمقراطية و المتفتحة أن تفرض بعض المعايير والقيم ولكنها مطالبة باحترام القانون الجنائي الذي يحمي الطفل والختان خرق لهذه القوانين باعتباره يشوه الاعضاء التناسلية للطفل بشكل دائم. ويرى كيلياس أنه على الرغم من كونه ليس خبيرا طبيا فإنه يعتبر بأن مسألة التبرير الصحي لعملية الختان تثير الجدل وقال "إن النقطة الرئيسية في النقاش هي أن الطفل ليس في وضعية تسمح له باتخاذ القرار بنفسه حول ما إذا كان يقبل الخضوع للعملية من منظور ديني او تجميلي". واضاف "لو كانت عملية الختان تتم عند بلوغ الطفل السادسة عشرة أي سن اتخاذ قرار تقرير مصيره من حيث التوجه الديني، عندها لن يطرح أحد هذا النقاش لكن العملية تطبق على أطفال في سن مبكرة وهو ما يدفعني لاعتبار أن هناك تعارضا لا محالة بين حقوق الطفل وحق حرية الدين والمعتقد للوالدين". وفى السابع والعشرين من يوليو/ تموز الماضي وجهت المجموعات اليهودية والإسلامية والمسيحية في النمسا نداء إلى الحكومة كي تصدر تعهداً واضحاً بشأن الحرية الدينية وشرعية الختان. وسبق ان طالب رئيس المجموعة اليهودية في النمسا بضمان شرعية عمليات الختان الدينية بعد الدعوات المتكررة لوقف هذه العمليات وأوضح ان المجموعة اليهودية في النمسا، شكلت مجموعة دولية للتنسيق مع المجموعتين اليهوديتين في ألمانيا وسويسرا لوضع استراتيجية مشتركة للإبقاء على مشروعية الختان الديني. وادانت الطوائف الدينية في سويسرا بما في ذلك الطائفة المسلمة والطائفة اليهودية واللتان تعتبران الختان تقليدا دينيا قرار المستشفييْن واعتبرته مساسا بحرية الدين والمعتقد وقال مارسيل نيغللي استاذ القانون الجنائي بجامعة فريبورغ في حديث لصحيفة سويسرية "بأن ردود فعل المستشفيين كان مبالغا فيها واعتبر ان إصدار هذا القرار كان رد فعل على حكم قضائي اتُخذ في المانيا وسوف لن يكون له أي تأثير قانوني في سويسرا". على الرغم من كون الختان المطبق تقليديا يمثل جانبا من القناعات الدينية أظهرت العديد من الدراسات التي أُنجزت في السنوات الأخيرة بأن هذه العملية قد تكون لها فوائد صحية أيضا واعتبرت منظمة الصحة العالمية أنها تقوم بجمع دلائل تشير الى أن ختان الذكور يعمل على تخفيض إمكانية الإصابة بأمراض نقص المناعة المكتسبة لدى الذين يمارسون الجنس بين جنسين مختلفين بنسبة 60%، وأنها تعمل على الترويج لبرنامج ختان الذكور البالغين في افريقيا للوقاية من الإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة. ويعتبر مؤيّدو الختان في اوروبا انه يندرج في اطار الحرّية الدينيّة والثقافيّة وله فوائد عديد على الصحة النفسية والجسدية للطفل وهوما اثبته الطب الحديث لاحقا في حين تطالب منظّمات غير حكوميّة في اوروبا بإلغاء كل من ختان الذكور والإناث دون تمييز باعتباره يمثل إنتهاكاً لحقوق الإنسان وخاصّة الحق في سلامة الجسد والحياة ونوع من التعسّف و التعذيب.