شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    القادسية تستضيف الامير دنقلا في التاهيلي    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    مانشستر يونايتد يتعادل مع توتنهام    ((سانت لوبوبو الحلقة الأضعف))    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر حيدر إبراهيم: المواطنة و الكوتا الحل الوحيد لمشاكِل الأقليات
نشر في الراكوبة يوم 14 - 08 - 2012

المفكر السوداني حيدر إبراهيم أحد أبرز الباحثين العرب في مجال فلسفة العلوم الاجتماعية، له مؤلفات مهمة كثيرة تساهم في بلورة رؤية عامة عن التغيير الاجتماعي والتنمية وفرص الأقليات فيها، وكذا قضايا الديمقراطية والهوية.
يطرح إبراهيم في هذا الحوار كثيراً من الحلول للمشاكل التي يعانيها العالم العربي، خصوصاً دول ما بعد ثورات الربيع العربي، ويؤكد أنه لا بد من البحث عن الحلول داخلياً بدلاً من ربطها بالغرب والخارج، داعياً النظم العربية التي نتجت من ثورات الربيع العربي إلى العمل بجدية لحل مشكلات الأقليات. إلى نص الحوار.
كيف ترى العالم العربي بعد ثورات الربيع؟
من وجهة نظري، المرحلة الانتقالية التي تلت الثورات هي أصعب من مرحلة الثورة نفسها، فالمرحلة الأولى تبدو أحياناً كأنها سهلة وهي نتيجة للثقافة القديمة التي ورثناها، فيما بناء النظام الجديد يحتاج إلى جهد كبير، لأن النظام القديم كان متآكلاً ومنهاراً داخلياً، وكان مهيأ للسقوط. فالأنظمة كافة التي سقطت عاشت أزمة ثورية حقيقية، وكانت تعاني الدكتاتورية والقمع والعجز عن اتخاذ سياسة خارجية مستقلة وعدم القدرة على أداء دور حقيقي في المجتمع سواء داخلياً أو خارجياً، أو حتى أداء دور في واقعها وواقع شعوبها... هذه العوامل كافة يمكن لها أن تسقط نظاماً قائماً، وغالبية تلك النظم سقطت وسقط معها بعض أفكارها وتوجهاتها.
حاولت تلك الأنظمة بكل قوتها البقاء، وهو ما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن، وأيضاً سورية حيث يحاول النظام البقاء حتى لو أباد الشعب السوري كله. لكن تلك الأنظمة كافة فقدت شرعيتها، وكان لا بد لها من أن تسقط بعد فقدها الشرعية تماماً، وقد استطاعت الشعوب أن تسقط هذه الأنظمة القائمة منذ عقود عدة.
كيف ترى التحديات القائمة؟
أرى أن المرحلة الأولى مرت بنجاح جيد، وقد أرست قيماً في الشعوب العربية وأصبحت رائدة في هذا المجال، وهذه المرحلة تمت كاملة وهي إسقاط النظام القديم. اليوم، دخلت الثورات في المرحلة الثانية، وهذا هو التحدي الحقيقي لها، وهو كيفية بناء نظام جديد يحقق الأهداف التي ثارت لأجلها الشعوب، لأن هذه البلدان استمرت فترات طويلة لم تعرف شيئاً عن الديمقراطية ولا المشاركة الشعبية ولا الحكومات المنتخبة، وكان سائداً شكل من أشكال حكم الفرد والحزب الواحد والعشيرة والمجموعة الواحدة، ذلك على رغم وجود حركات وأحزاب سياسية. لكن كان لا بد من بناء نظام سياسي حقيقي ودستور دائم للدولة وبرلمان، ناهيك بالنظام القضائي المستقل والإدارات والحكومة. جاء الوزراء بنظام انتخابي ديمقراطي، وهنا يكمن التحدي الحقيقي للثورات التي قامت لفعل شيء جديد، لذلك نحن في هذه المرحلة الانتقالية نتعرض لكثير من الظلم ونجد أن أكثر الدول التي تدعي أنها مرت بالعملية الانتقالية بسلام وهي تونس لديها مشاكل حقيقية كثيرة، من بطالة واقتصاد متضارب ومرتبط بالسياحة، كذلك انحصرت السياحة أخيراً وكلنا نعرف أن اقتصاد تونس يعتمد على القروض الأوروبية، وأوروبا تعاني أزمة اقتصادية تجعلها لا تفكر في الخارج راهناً. ولا ننسى النزاع القوي بين قيام دولة دينية وقيام دولة مدنية، ناهيك بأن بعض التيارات يريد العودة بتونس إلى هويتها الأساسية، وهذه كلها مشكلات تورق الدولة وتهدد استقرارها.
بعد الثورات العربية نشهد تنوعاً فكرياً، كيف يمكن لنا توظيفه لصالح الأمة بدلاً من إضعافها وتفتيتها؟
نلاحظ إلى الآن أن الحراك السياسي يتفوق على الحراك الثقافي والفكري، وأنا ما زلت أرى أن التنوع والحراك الثقافي والفكري بطيئان فيما السياسي يسيطر على المجالات الأخرى، وهو أمر واضح في المجالات الفكرية والآداب، لأنها بطيئة في تكوينها ولم ترتق بعد إلى مستوى الحدث، بسبب الفراغ السياسي والفكري والنظم التسلطية التي عملت ما يمكن أن يسمى تجريف تام للثقافة والفكر. كذلك لا ننسى أن الشعوب تلهث وراء لقمة العيش وتعاني المشاكل في التعليم وليس لديها الوقت للتفكير في السياسة أو الثقافة، فيما الحركة الثقافية والفكرية ليست في مستوى تطور الحركة السياسية بل في مرحلة بحث ومخاض ومحاولة لمرحلة جديدة، والوصول إلى أوضاع جديدة سيؤدي إلى شكل من أشكال الوحدة في التنوع والثقافة العربية، وهو ما نطمح إليه، ناهيك بضرورة معرفة التحديات التي تواجه الأمة العربية.
كيف ترى وضع الأقليات في العالم العربي بعد تلك الثورات؟
هذا موضوع مهم وحساس ومسكوت عنه دائماً، لأن الأنظمة العربية عجزت عن التعامل معه، كذلك ثمة جماعات دينية رفضت التطرق إليه خشية الفتنة ونظرت إليه على أنه أحد أشكال الشعوبية. حقيقة، ثمة أقليات في غالبية الدول العربية من أكراد وشيعة وأقباط وأرمن وغيرهم، فلا بد من أن ينظر إليهم على أنهم حقيقة واقعة وعدم التعامل معهم على أنهم مؤامرة ضد الوطن، بل على أنهم وضع طبيعي، فكثير من الدول الأوربية التي نعتبرها دولاً موحدة هي في الواقع ليست ذات قومية واحدة.
لا بد من عودة سريعة إلى مبدأ وحق المواطنة، فما يجمعنا المواطنة المنصوص عليها في الدستور والتي تجعل للجميع حقوقاً متساوية بغض النظر عن العرق أو القبيلة أو الجنس أو الدين أو اللون، والمواطنة لا بد من أن نعلي شأنها في الخطاب السياسي والديني والفكري في بلاد العالم العربي كافة، ونبتعد عن الكثير من الضمور في تفكيرنا. كذلك ينبغي أن نجعل الأقلية في بؤرة الاهتمام بدلاً من أن نتهرب منها. بالتالي، نفكر بعد ذلك كيف تعيش هذه الأقليات المختلفة داخل وطن واحد وتحت قومية واحدة، لأن الوطن الذي يحكمه الدستور يجعل المواطنين متساويين فيه في جميع الحقوق والواجبات.
هل أنت مع المخاوف من صعود الإسلام السياسي في دول الربيع العربي، وكيف ترى ذلك التأثير على الأقليات في هذه الدول؟
في الحقيقة، لست متخوفاً ولكن التيارات الإسلامية عندها اتجاه اقصائي وتعاملها مع الآخر دائماً فيه خوف، فال{إسلاموفوبيا» ليست خوف الغرب من المسلمين فحسب بل أيضاً خوف المسلمين من الغرب، ونرى هجمات كثيرة تهدد هويتنا وثقافتنا بين وقت وآخر، لذلك التيارات الإسلامية مطالبة بمزيد من الانفتاح وأن تؤمن بوجود الآخر المختلف وألا تعتقد أنها الصواب وأن الآخرين هم الكفار. ينبغي أن نؤمن أن الآخر هذا يتمتع بثقافة ودين ولا بد أن نهتم بتلك المتغيرات.
كذلك على التيارات الإسلامية أن تعلم أن التيارات الدينية الأخرى محترمة وجديرة بهذا الاحترام، وأن العيب الحقيقي الذي يلاحق التيارات الإسلامية هو كيف تقبل الآخر وكيف تستطيع أن تتحاور وتتخلى عن فكرة الخوف والمؤامرة من العدو الخارجي. بالتالي، يلزمنا التعامل مع الأمور بموضوعية وليس حسب تصورنا الشخصي، ولا بد من توافر تصور موضوعي للتعامل مع هذه الحقائق. أما مشكلة التيارات الدينية فتكمن في أن تفكيرها قائم على الإيديولوجيا فحسب.
هل ترى أن أطراف أخرى تفتعل أزمة الأقليات من وقت إلى آخر لمصالح شخصية لها؟
لا بالطبع، لأن هذه الأقليات لديها مشكلات حقيقة وتريد التعبير عنها. يقول البعض إنها لا تعرف كيف تفكر ولا كيف تتصرف والعكس من ذلك تماماً، فأفرادها متعلمون ومن بينهم مثقفون ونخب جديرة بالاحترام وبدأوا يعرضون هذه المشكلات الخاصة بهم كي يشعروا بوجودهم مثل بقية المواطنين ويريدون أن يتم التعامل معهم كباقي أهل الوطن.
ما رأيك في التدخل الغربي في قضايا الأقليات على رغم أنها شأن داخلي خاص بكل دولة؟
موضوع التدخل الغربي هذا يذكرني بالقول إن مشكلتنا ليست الاستعمار ولكن قابليتنا لأن نكون مستعمرين. المشكلة ليست في الغرب، لكن في من يقبل بفرض أجندة ما علينا. فعلاً، التقصير واضح لدينا في التعامل مع مثل هذه القضايا الخاصة بنا.
ما هي التحديات التي تواجه الأقليات في الدول العربية؟
أعتقد أن من الأولويات دراسة وضع الأقليات داخل البلدان العربية، فإن لم تحل مشكلتهم داخلياً تكون بذلك مثل النظم التي سبقتها، وهذا يجب أن يوضع في الدستور، فضلاً عن تمثيل الأقليات في البرلمان والدولة وكل المؤسسات القائمة حتى لو اضطرت إلى اللجوء إلى شكل من أشكال الكوتا يُخصص للأقليات. كذلك لا بد من الاعتراف بوجود المشكلة وبعدها نقدم أولوية الحل ونسد الفجوة بين الأقلية والأكثرية.
لكن بعض هذه الأقليات دائماً ما يهدد بتدويل تلك القضية؟
أعتقد أن الدعوة إلى التدويل غريبة، فلا توجد قضية غير مدولة عملياً نتيجة تلك الثورة المعلوماتية والإعلامية الحالية من صحف وقنوات فضائية وإنترنت وغيرها. نحن نعيش في عولمة والغرب لديه منظمات تعمل في هذا المجال الإنساني تذهب إلى الناس بكاميراتها وتتحدث إليهم. هذا هو شكل العمل الطبيعي لمنظمات المجتمع المدني في تلك البلدان، والعالم أصبح بفضل الثورة المعلوماتية قرية صغيرة جداً.
لا بد من إيجاد حلول للقضايا العالقة لدينا كي نسير في ركب العالم، لأن الحدود قد سقطت تماماً من خلال السفر ووسائل الاتصال الحديثة والإنترنت وغيرها.
هل أنت مع فكرة تعيين الأقليات وليس انتخابهم لتحقيق نظام ديمقراطي تمثله الطوائف والأقليات كافة؟
لا أرفض التعيين، لكن أؤيد الكوتا وتحديد نسبة مئوية معينة للأقليات والخروج من النظام المركزي إلى نظام لامركزي أو نظام فيدرالي، ووضع كوتا للأقليات وعمل فيدرالي للمناطق التي تتضمن أقليات معينة.
ثمة مخاوف من صعود التيار الإسلامي، بمعنى ضياع حقوق الأقليات. كيف ترى ذلك؟
في الحقيقة، التيار الإسلامي نفسه إصابه الكثير من التغيير، وهو ما حدث مع جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر والجماعة التي بدأت نشاطها عام 1928 وسمت حزبها «الحرية والعدالة». معنى هذا أن هذه الجماعات تتغير وليس العالم، ومصطلحات «الحرية والعدالة» و{الحرية والتنمية»... كلها أسماء حديثة وليست إسلامية والكلام الذي كانت التيارات الإسلامية تقوله قبل سنوات اختفى اليوم.
لو حكمنا على التيارات الإسلامية، سنتناولها من جانبين: المستوى الأول وهو البرامج التي تعرضها تلك التيارات، فتجد عندها مواقف مختلفة ومتغيرة. المستوى الثاني، لو وصلت إلى السلطة، في اختبار حقيقي لها، فكيف تتعامل مع الأقليات الموجودة؟
بات التيار الإسلامي يكيف نفسه مع الواقع أكثر من أن يكيف الواقع مع أهوائه، ورأينا نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة» في مصر رجلاً قبطياً وهذا إما أن يكون تمثيلاً حقيقياً أو دعاية. في الحالتين التيار الإسلامي هو الخاسر، لأن أفراده تراجعوا عن ثوابتهم وبدأوا يتغيرون حسب الواقع، إضافة إلى أن «الإخوان» يريدون أن يسيطروا على كل شيء في وضع الدستور، بالتالي يكون دستوراً أحادياً وإقصائياً لتفكيرهم في هذه المرحلة، علماً أن الدستور يجب أن يوضع بالقومية ليساعد التيارات الإسلامية والحركات الأخرى على العمل الديمقراطي.
هل من الممكن أن تكون الطائفية والمذهبية سلاحين فاعلين لتدمير المنطقة ودخولها في صراعات سياسية؟
أنا مع هذه المخاوف لسبب بسيط، وهو أن بعض التيارات كان بعيداً عن السياسة ولم ينظم نفسه في أحزاب سياسية، وبعد رجوعه إلى السياسة لجأ إلى الناحية القبلية كتنظيمات بديلة للأحزاب وهذه خطوة إلى الوراء، والنظم الانتخابية الحالية تشكل خطراً لأن الناس تذهب إلى الانتخابات على أساس طائفي ومذهبي، بما يعني أنه لن يتوافر عمل سياسي متطور في المستقبل القريب.
لكن البعض يرى أن الأقليات ساعدت على تشكيل أزمتها بنفسها؟
لست مع هذا الطرح، وأرى أن أصل الأزمة هو صراع ثروة وسلطة، وأرى أن هذه الأقليات خارج السلطة والثروة، ووجد أفرادها أنفسهم مهمشين فاخترقوا هذا التهميش ورضوا أن يكونوا أقلية، وهم يريدون أن يندمجوا من خلال أسس وقوانين محددة، ففي النهاية لا بد من أن يكون الإنسان منتمياً إلى دولة في إطار القانون. وهذه الأقليات تتمسك بما يسمى الدفاع عن النفس، والسعي إلى وسيلة للحماية ولو في إطار الجماعة الصغيرة.
كيف يمكن احتواء الخلافات بين الأقليات والأغلبية العربية؟
لا بد من تفعيل قوانين المواطنة والاعتراف بوجود مشكلة والبحث عن طرق لحلها من خلال التجارب الموجودة في العالم، ولا بد للدولة من أن تكون دولة مدنية، لأن الدولة «غير المدنية» ستكون غير عادلة لأنها ستنحاز إلى الأكثرية التي تنتمي إليها. حتى إن أرادت أن تعدل تجاه الآخرين سنجدها تزيد من عزلتهم من دون أن تدري.
كيف في رأيك نعيد دمج الأقليات في المجتمع بشكل إيجابي؟
ينبغي أن تكون الحقوق ثابتة وتتوافر تربية سياسية جديدة قائمة على مبدأ المواطنة والتطبيق، لتجد الأقلية أن الإنسان فيها مواطن لديه تمثيل في البرلمان والحكم المحلي، وأبناؤه يحظون بفرص في الوظائف، هكذا تثبت له أنه مواطن مثل بقية المواطنين الآخرين في المجتمع.
هل أنت مع وضع قوانين ومواد محددة في الدساتير الجديدة، خصوصاً تلك التي تتعلق بالأقليات؟
الدستور لا بد من أن يكون شاملاً للجميع مع تأكيد الخصوصيات التي من الضروري التوقف عندها، لطمأنة المجموعات الأخرى والأقليات الموجودة.
ما تفسيرك لحدوث بعض أعمال الفتنة الطائفية بعد الربيع العربي على غير المتوقع؟
لأن النظام السياسي تغير، لكن الحياة الاجتماعية واليومية لم تتغير بعد سقوط الأنظمة، والمشاكل على حالها أيضاً. وعلى رغم تغير النظام السياسي، ما زالت نظرة الناس إلى الأقليات كما هي. لا بد من تغيير الثقافة والفكر، وهو أمر يحتاج إلى وقت طويل.
هل مشكلات الأقليات تمهد للمشروع المسمى بالشرق الأوسط الجديد؟
كان هذا الكلام منتشراً جداً في فترة الستينيات، ومشروع الشرق الأوسط انتهى وظهر واقع لم تتوقعه الولايات المتحدة، وما حدث عام 2011 من ثورات ما كان في حسبانها. لكن الأقليات تعاني خللاً سياسياً مستمراً، وإن تحدث أحدهم ورفع صوته مطالباً بحقوقه اتهم بالخيانة والعمالة وأنه ضد الوطن. مشكلة الأقلية موجودة ولا يجب أن ننكرها كمشكلة، فالعالم كله لديه أقليات ولا بد من تغير العقلية العربية تجاه الأقليات والبحث عن حلولها من الداخل بدلاً من ربطها بالخارج.
الدكتور حيدر إبراهيم أحد أبرز الباحثين والمفكرين السودانيين، ولد عام 1943، نال درجة الدكتوراه في فلسفة العلوم الاجتماعية في جامعة فرانكفورت. أستاذ في عدد من الجامعات العربية، كما عمل في كثير من المؤسسات العلمية المختلفة، له مؤلفات بحثية وفكرية عدة من بينها: «التغيير الاجتماعي والتنمية، لاهوت التحرير، الدين والثورة في العالم الثالث، أزمة الإسلام السياسي، التيارات الإسلامية وقضايا الديمقراطية، العولمة وجدل الهوية، المجتمع المدني والتقليدي في السودان، المجتمع المدني والتحول الديموقراطي في السودان»، وغيرها من مؤلفات.
الجريدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.