لندن تتطور استراتيجية الادارة الامريكية تجاه القاعدة في شمال افريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، من مجرد اتهام التنظيم الذي يمثله الى تحديد اهداف لضربها ونقل التجربة الباكستانية واليمنية في ملاحقة ناشطي القاعدة فيهما وتصيدهما عبر الطائرات بدون طيار. وتبني الادارة استراتيجيتها بعد تأكدها من ان الفاعل المدبر للعملية التي قتل فيها السفير الامريكي كريستوفر ستيفنز في 11/9 الماضي هي من تنفيذ عناصر في القاعدة ربما تكون مرتبطة بتنظيم بلاد المغرب الاسلامي. وقد نقلت مجلة 'تايم' الامريكية عن مسؤول امني ليبي سابق قوله انه متيقن من وقوف التنظيم وراء الهجوم. وقال رامي العبيدي للمجلة 'ليس الامر مجرد اعتقاد بل معرفة'. واضاف انه يؤمن ايمانا شديدا ان العملية خططت لها ونفذتها قاعدة بلاد المغرب الاسلامي. وعلى الرغم من مرور ثلاثة اسابيع على الحادث الا ان تداعياته السياسية لم تنته في واشنطن، خاصة ان مقتل السفير هو الاول منذ عقود اضافة الى خسارة الادارة لرصيدها الامني بعد سحب معظم عملائها اضافة الى مقتل اثنين من القوات الخاصة 'سيل'. ومما يجعل الموضوع مثارا للجدل هو تطور الرواية حول الحادث من مجرد احتجاج تطور وبشكل سريع الى هجوم غير مدبر، حسب تصريحات سوزان رايس مبعوثة الادارة في الاممالمتحدة. وقد تعرضت تصريحات رايس للانتقاد من قبل نواب في الكونغرس حيث تجاوزها المسؤولون الامريكيون فيما بعد وقدمت السفيرة توضيحا لها. وفي هذا السياق يقول العبيدي ان الحادث لم تكن له علاقة بالفيلم التافه والمسيء للنبي محمد مذكرا ان القاعدة بدأت تعمل في ليبيا منذ بداية الثورة للاطاحة بنظام القذافي العام الماضي وقام اتباعها باختراق العديد من كتائب الثوار. ويضيف ان اتباع القاعدة كانوا موجودين في ليبيا وينتظرون اللحظة المناسبة للتحرك حيث جاءت في 10/9 عندما بث شريط لايمن الظواهري زعيم القاعدة، شريطا نعى فيه القيادي الكبير او يحيى الليبي. ونقلت عن نعمان بن عثمان، عضو سابق من الجماعة الاسلامية الليبية للدعوة والقتال انه بعد بث الشريط قال لخبراء غربيين لم يسمهم ان الساعات ال 48 ستكون حرجة فان لم يحدث شيء بعد 13/9 'فنحن محظوظون'. ومن هنا فان الموقف الامريكي الان يقوم على فرضية تورط القاعدة فيه ولكن المهمة امام المحققين هي الربط بين عملية بنغازي وتنظيم بلاد المغرب الاسلامي. ويقول بن عثمان ان مسؤولا امنيا ليبيا اخبره ان من بين ال50 معتقلا في بنغازي، ماليين وجزائريين مما يؤكد وجود علاقة بين التنظيم المغاربي وليبيا مما يعني وجود قنوات مفتوحة ومما يؤكد هذا الامر هي كميات الاسلحة من والى ليبيا في الاشهر الاخيرة وبعضها اسلحة ثقيلة اخذت من ترسانة القذافي التي نهبت. وكانت السلطات الجزائرية قد اعتقلت في نهاية الشهر الماضي اشخاصا كانوا يقومون بتهريب كميات كبيرة من الاسلحة فيما يعتقد انها كانت متجهة نحو النيجر ومالي. ويقول محللون نقلت عنهم المجلة ان السبب الذي جعل من الادارة الامريكية تفشل باحباط العملية ينبع اما من تقليلها من الخطر الامني او فشلها في الحصول على معلومات كافية. قائمة الاستهداف ولهذا السبب تحول تنظيم بلاد المغرب الاسلامي الى الموضوع الاهم على النقاشات السرية التي تدور داخل البيت الابيض للتعامل مع الحادث ومع ان المسؤولين الذين نقلت عنهم صحيفة 'واشنطن بوست' اكدوا ان لا قرار اتخذ بعد حول عملية الرد على مقتل السفير، لكن 'نيويورك تايمز' اشارت الى ان الادارة بدأت تحضر عمليات لملاحقة واعتقال او قتل المتورطين في العملية، خاصة ان الحكومة الجديدة ليست قادرة على القيام بالمهمة حسب مسؤولين نقلت عنهم يوم الثلاثاء. وقالت ان قيادة العمليات المشتركة تقوم بتجميع ما يمكن وصفها بحزمة من الاهداف وجمع معلومات عن الذين يشك بتورطهم بالعملية. وتقوم القيادة بتحضير الدوسية في انتظار قرار رئاسي من باراك اوباما للبدء في العملية. ومن الخيارات التي تناقش للانتقام من مقتل السفير اما غارات بطائرات بدون طيار او عمليات خاصة من مثل التي قتلت زعيم التنظيم اسامة بن لادن. ويبدو ان الادارة معنية بعمل ما نابع من الحملة التي يشنها الجمهوريون الذين يتهمون اوباما في اسابيع الاخيرة قبل الانتخابات بالفشل الامني بتوفير الحماية لبعثات امريكا في الخارج. انتهاك السيادة وعلى الرغم من التحضيرات الا ان هناك خشية من اثر هذه العمليات التي ستنفذ على التراب الليبي على موقف الليبيين منها خاصة انها ستؤدي الى قتلى. كما ان عمليات خاصة داخل الاراضي الليبية يعني خرقا للسيادة الليبية وهو ما يرفضه مصطفى ابو شاقور، رئيس الحكومة الجديد. ومما يعقد الامر هو ان الحكومة الليبية لا تزال تعتمد في القضايا الامنية على الميليشيات 'الجيدة' في تامين النظام في البلاد، وهناك امكانية ان المنفذين للعملية ربما فروا وذهبوا الى الحدود الجنوبية من ليبيا. ويركز المسؤولون في مكافحة الارهاب على جماعة انصار الشريعة التي يشار اليها باصابع الاتهام على انها من يقف وراء العملية، حيث يعتقدون انها اعدت خطة اولية جاهزة للتنفيذ حيث انتظرت اللحظة المناسبة التي جاءت بعد الخرق الامني للسفارة الامريكية في القاهرة. وتقول الصحيفة ان دور الجماعة التي هددت بتسوية القنصلية بالتراب، سر مفتوح. وقال شهود عيان انهم شاهدوا بعض الجرحى من المهاجمين تلقوا العلاج في المستشفيات. وفي هذا الاتجاه عبر اعضاء في المجلس الوطني المنتخب عن احباطهم من فشل الحكومة التحقيق او مساءلة اي عضو في الجماعة. ورفضت الحكومة الكشف عن اسماء المعتقلين، فيما نفى بعض المسؤولين في وزارة الداخلية معرفتهم باي تحقيق جرى مع معتقلين، وكل ما تم حتى الان هو تعيين قاض خاص لادارة التحقيق ولم يكشف عن اسمه. وفي الجانب الامريكي لم يستطع اعضاء مكتب التحقيقات الفدرالية السفر الى بنغازي بسبب الاهتمامات الامنية، ويعملون من السفارة الامريكية في طرابلس عوضا عن ذلك. لكن التطور الاهم هو زيادة قيادت العمليات المشتركة من عمليات جمع المعلومات عن انصار الشريعة وناشطين اخرين ممن لهم علاقة بتنظيم بلاد المغرب الاسلامي. ومن اجل المساعدة في تحديد المنفذين زادت وزارة الدفاع من عمليات الجمع والمراقبة من الجو حيث تقوم تجسس بالتحليق في سماء ليبيا بشكل مستمر. وحتى الان لا يزال التحقيق في مراحله الاولية، فلم يعتقل الا عدد قليل ومن يحتاج المحققون لمساءلتهم ينتظرون مكالمة للادلاء بشهاداتهم. ونقلت صحيفة 'واشنطن بوست' عن وليد فرج، وهو عنصر في ميليشيا محلية انه شاهد العملية من اولها لاخرها، ولكن لا الامريكيين او الليبيين زاروه. واضافت الصحيفة معلومات جديدة عن الحادث حيث قالت ان بعض العاملين في شركة امنية خاصة تلقوا تحذيرات من عائلاتهم بترك العمل بسبب الشائعات التي تدور حول هجوم قريب على مجمع القنصلية. وتقول الصحيفة ان مسؤولين جنائيين ليبيين برروا عدم اعتقال افراد انهم لا يزالون في مرحلة جمع المعلومات، وقال واحد من محامي التحقيق انه لم يعتقل حتى الان سوى ثلاثة اشخاص. سنخسر حبهم واكدت في سياق اخر صحيفة 'لوس انجليس تايمز' عمليات الجمع وقائمة الاستهداف التي تعدها قيادة العمليات الخاصة، حيث نقلت عن مسؤول امريكي قوله ان قرارا لم يتخذ بعد في تنفيذ العمليات على الرغم من تحليق الطائرات بدون طيار بشكل مستمر فوق الاجواء الليبية. واعترف مسؤول اخر قائلا ان الادارة حتى الان ليست لديها صورة كاملة عن المنفذين ولهذا يصعب تحديد هوية الاشخاص المرشحين للقائمة. واشارت الى مخاوف الحكومة الليبية من اثار عمليات امريكية في اراضيها حيث ستؤدي الى تأليب الرأي العام، وقالت ان ادارة اوباما قد تقوم بالتعاون مع الحكومة الليبية وتزويدها بالمعلومات كي تقوم هي بتنفيذ عمليات الملاحقة، حيث قال مسؤول انه قد يتم اتخاذ قرار في مرحلة ما للتشارك في المعلومات. وقالت ان قائمة المستهدفين عادة ما تعد بالتعاون مع (سي اي ايه) وتستخدم للملاحقة، القتل او الاعتقال. ويحذر محللون من تصاعد مشاعر معادية لامريكا حالة القيام بهجمات داخل ليبيا حيث قال محلل ان 'امريكا تتمتع باحترام وحب من جانب الليبيين اليوم'، واضاف انه كانت امريكا قادرة على فعل امر بالسر فهذا شيء اما ان وضعت جنودا على الارض واخذت تنفذ عمليات فسيؤدي هذا الى ردود افعال شعبية تمحو كل ما حققته امريكا من شعبية واحترا