بسم الله الرحمن الرحيم المؤتمر الشعبي إتفاقية التعاون بين السودان وجنوب السودان كان المأمول سابقاً أن تؤدي إتفاقية نيفاشا 2005 إلي إنهاء الصراع المسلح بين أهل السودان وتقود إلي وحدة وطنية طوعية تحقق السلام والرخاء للشعب . لكن لسوء تصرف حكومة المؤتمر الوطني في سياساتها الظالمة واحتكارها للسلطة صوّت مواطنو جنوب السودان للانفصال بل اشعلت الحرب أخيراً في هجليج بين الجارين . والتأزم اللاحق للاتفاقية قد عطّل المصالح البترولية والتجارية وحركة المواطنيين وأزهق الأرواح ، فساءت الأحوال والمعيشة للشعبين . ذلك حتي تدخل المجتمع الدولي بالقرار 2046 لمجلس الأمن لإجبار حكومتي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية للجلوس للتفاوض لحل خلافاتهما وإلاّ ففرض عقوبات تحت الفصل السابع . ثم جاءت الآن وفاقات التعاون بين السودان وجنوب السودان بدواعي ضغوط مجلس الأمن والأزمة المالية التي ترتبت من إيقاف ضخ البترول وإرتفاع كلفة الحرب والململة الشعبية التي ظهرت احتجاجات في الشارع العام خاصة في السودان . ان الاتفاقية انعقدت ثنائية المنهج مثل نيفاشا وأغفلت موضوعات الأزمة المهمة وهي مسألة الحدود وقضية ابيي ومصير جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور . وإن عنصر العجلة ومسابقة الزمن – بعد تصريحات أمبيكي بأنه سوف يعيد الأمر لمجلس الأمن إن لم يتفق الطرفان – جعلهما يرجعان إلي الاتفاقيات السابقة وجعل اتفاقياتهما مستدعية لملاحق اتفاق لا سيما وضع القوات المسلحة في مواقعها المرسومة حيث أنها اعتمدت أساساً علي مذكرات التفاهم الأمنية السابقة ، كما أصبحت قرارات لجان الحدود ومراقبة تنفيذها رهينة بقبول الأطراف المعنيين بها كالقبائل والأمن والإدارات وليست ملزمة دون ذلك . اننا من منطلق موقفنا الثابت من أيما اتفاق ضد الاحتراب والمؤيد دوماً لعلاقات سلمية موجبة بين شعبي السودان نرحب بما جري من وفاق ، نأمل أن يصدق الطرفان في الوفاء بالتزاماته ، كما نرجو أن يستكملا التوافق في بقية القضايا في منهج وطني إجماعي . إنه لا يمكن تحقيق السلام الدائم في السودان وبين جيرانه شمالاً الذين اجتاحتهم الثورة الديمقراطية وجنوباً في السودان المنفصل إلا بديمقراطية النظم المتجاوبة ، وأن يتحول النظام الحاكم في الخرطوم خاصة إلي نظام ديمقراطي عبر انتخابات حرة . لقد فوّت المؤتمر الوطني باصراره علي إحتكار السلطة بالقوة العديد من الفرص للانتقال بالوطن من دولة الحزب الواحد إلي دولة الوطن والمواطنة الشاملة المتساوية . لقد مثلت نيفاشا 2005 نقطة رجاء لتحول هيكلة الدولة لتشمل الجميع في حرية ، وكذلك بعد الانفصال مظاهرات الشعب في الصيف الماضي . والآن هذه فرصة إن فوّتها المؤتمر الوطني وظل يستغل المناسبات ويستبدّ حزبياً بالأمور فلا مناص من حملة العمل الجماهيري لاقتلاعه من السلطة حتي ينعم الوطن والجوار الإقليمي بالسلام والاستقرار . الخرطوم 1/ اكتوبر 2012 م