ظهر الرئيس الأميركي باراك أوباما مهاجما في المناظرة الثالثة والأخيرة التي جمعته الليلة قبل الماضية مع خصمه المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية ميت رومني في جامعة «لين» في مدينة «بوكا ريتون» في ولاية فلوريدا المتأرجحة والحاسمة في سباق البيت الأبيض. ورأى 53% في استطلاع للرأي أجرته شبكة «سي بي اس» ان أوباما هو من فاز بالمناظرة، كما اظهر استطلاع آخر أجرته شبكة «سي ان ان» الاخبارية الأميركية ان أوباما كسب المناظرة بنسبة 48% مقابل 40%، وفي حين يسعى أوباما الى ولاية ثانية، يسعى رومني الى دخول البيت الأبيض لأول مرة رئيسا للولايات المتحدة، وحاول رومني خلال المناظرة الأخيرة قبل 15 يوما من الانتخابات عدم الوقوع في أخطاء فادحة تجعله يخسر النتيجة الاجمالية للمناظرات الرئاسية الثلاث بعد تفوقه في الأولى وتفوق أوباما في الثانية. وتناولت المناظرة، التي أدارها الإعلامي الأميركي المخضرم بوب شيفير مقدم برنامج «واجه الأمة» على شبكة «سي بي اس»، الاخبارية الأميركية الفضائية 6 محاور هي: الشرق الأوسط وشمل الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، والوضع في سورية والربيع العربي، ودور أميركا في العالم، والموقف بين إسرائيل وإيران، والوضع في أفغانستان، ونمو الصين والعلاقات الأميركية معها، مع الختام بكلمة للمرشحين، وتبنى الرئيس الأميركي باراك اوباما موقفا هجوميا حيال خصمه الجمهوري ميت رومني فاتهمه بانه يعتمد مواقف «مخطئة ومتهورة». ومع اقتراب موعد الاقتراع وجد اوباما نفسه بشكل مفاجئ على قدم المساواة تقريبا مع خصمه بعدما كانت استطلاعات الرأي تشير الى تفوقه عليه وشكلت المناظرة الأخيرة فرصة ليحاول تسديد ضربة لخصمه تضعف تأييد الناخبين له. اما رومني فلزم موقفا حذرا متجنبا ارتكاب أي خطأ كبير يمكن ان يجعله يظهر غير مؤهل لتولي القيادة، غير انه ظل في موقف دفاعي باستثناء الأوقات التي تمكن فيها من إعادة تصويب النقاش حول مسالة الاقتصاد مهاجما اوباما بهذا الصدد. وقال الرئيس المنتهية ولايته خلال المناقشات المحتدمة بل المتوترة احيانا وهو يحدق في خصمه «اعلم انك لم تكن في موقع يخولك عمليا تعاطي السياسة الخارجية، لكنك كلما عبرت عن راي كنت مخطئا»، وتابع: «قلت انه يجدر بنا دخول العراق مع انه لم يكن هناك اسلحة دمار شامل، قلت انه يجدر بنا الابقاء على جنود في العراق»، علما ان الرئيس يشدد باستمرار خلال حملته الانتخابية على انه وفى بوعده وسحب القوات الاميركية من العراق في نهاية 2011. ويبدو ان إستراتيجية اوباما الهجومية آتت مفعولها بحسب استطلاعات الرأي الفورية التي جرت، حيث رأى 53% من الأشخاص «المترددين» الذين استطلعتهم شبكة «سي بي اس» ان الرئيس خرج منتصرا من المواجهة مقابل 23% اعتبروا رومني منتصرا. كذلك كشف معهد «بي بي بي» عن نسبة تاييد قدرها 52% لاوباما لدى مستطلعين «مترددين» مقابل 42% لرومني، فيما أعطى استطلاع اجرته شبكة «سي ان ان» تقدما طفيفا للرئيس (48% مقابل 40%). غير ان كريستوفر ارترتون خبير الشؤون السياسية في جامعة جورج واشنطن اشار الى ان »رومني تمكن من ان يثبت انه ليس المحافظ الخطير والشرس الذي حاول اوباما وصفه» وهذا ما قد يساعده «بصورة خاصة في الولايتين اللتين يترتب عليه الفوز فيهما، وهما فلوريدا واوهايو». وكان لاوباما التعليقات الأشد وقعا في المناظرة ولاسيما عند انتقاده مواقف رومني بشان سورية وايران والخلافات التجارية مع الصين فاتهمه بانه يسعى ل«إصلاح سجله» من خلال تخليه عن مواقفه المحافظة المتشددة سابقا ووصف مواقفه في الملفات الدولية بانها «مخطئة ومتهورة». وبعدما قضى المرشح الجمهوري أشهرا طويلة يصف اوباما بأنه ضعيف ويسعى للمهادنة، أيد في الجوهر العديد من مواقف الرئيس في مسائل الاستراتيجية العالمية سعيا منه لكسب أصوات الناخبين المترددين. وأيد قرار اوباما الانسحاب من أفغانستان بحلول العام 2014 كما أيد استخدام الرئيس الطائرات من دون طيار ضد ناشطين يشتبه بأنهم إرهابيون وهنأه حتى على تصفية أسامة بن لادن، في محاولة واضحة للظهور في صورة المعتدل. كما توافق المرشحان على نقاط عديدة مثل الدفاع عن إسرائيل والتحذير من البرنامج النووي الإيراني والتأكيد على وجوب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد. وقال دوتي لينش أستاذ الاتصال في الجامعة الأميركية بواشنطن انه «بموافقته مع اوباما على النقاط الكبرى في السياسة الخارجية، فان رومني لزم خطا حذرا وحاول إعادة تصويب النقاش نحو الاقتصاد، الموضوع الذي يعتقد انه أقوى موقعا فيه». غير ان اوباما تصدى لخصمه قائلا انه «في مسألة السياسة الخارجية، يبدو انك تريد استيراد السياسات الخارجية التي كانت سارية في الثمانينيات، مثلما تريد استيراد السياسات الاجتماعية من الخمسينيات والسياسات الاقتصادية من العشرينيات». من جهته شكك رومني في استراتيجية اوباما وقال «اهنئه على تصفية أسامة بن لادن والتصدي لقيادة القاعدة، لكننا لن نتخطى المشكلة بالقتل فقط». ودعا اوباما الى بذل المزيد من اجل إنهاء العنف في سورية وطالب بتشديد العقوبات على إيران بشأن برنامجها النووي وقال عن القادة في طهران «اعتقد انهم رأوا ضعفا حيث كان ينبغي ان يروا قوة اميركية». وبالنسبة لسورية أعرب اوباما عن ثقته بان أيام الرئيس السوري بشار الأسد «معدودة» لكنه اكد انه «سيترتب في نهاية المطاف على السوريين ان يحددوا مستقبلهم بأنفسهم»، فيما دعا خصمه الجمهوري ميت رومني الى «تسليح» المعارضة الساعية الى إطاحة النظام. وبشأن إيران اكد اوباما ان الهدف هو منعها من امتلاك السلاح الذري من خلال «عقوبات ساحقة»، مضيفا «لا يمكننا السماح بحصول سباق تسلح نووي في المنطقة الأكثر اضطرابا في العالم»، من جانبه دعا المرشح الجمهوري الى تشديد العقوبات على ايران وعزلها على الصعيد الديبلوماسي. كما اتهم رومني الرئيس المنتهية ولايته بإثارة توتر بين اميركا وحليفتها إسرائيل ورد اوباما مؤكدا «ما دمت رئيسا لن تحصل ايران على السلاح النووي» مؤكدا ان الولاياتالمتحدة ستقف الى جانب إسرائيل في حال تعرضها لهجوم. وبعيد انتهاء المناظرة قال مدير حملة اوباما جيم ميسينا «ان الولاياتالمتحدة رأت قائدها الأعلى، وشخصا غير جاهز لتولي القيادة»، من جانبهم اكد الجمهوريون ان المناظرة عززت موقع مرشحهم الرئاسي.