سواء أصبح ميت رومني الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة أم لا في انتخابات أمس، فإن رجل الأعمال السابق والمليونير هذا خاض حملة انتخابية استمرت نحو ست سنوات تميزت برغبة قوية في محاولة محو صورة الرجل البارد والانتهازي. وفي سن الخامسة والستين راكم هذا المورومني الأب لخمسة أولاد والجد ل18 حفيدا، نجاحات مهنية: فهو خريج جامعة هارفارد العريقة ومستشار موهوب ورب عمل مثير للإعجاب ومنقذ الألعاب الأولمبية الشتوية في سولت لايك سيتي (يوتا، غرب) في 2002 والحاكم الجمهوري لولاية ماساتشوستس بين 2003 و2007. ونكساته الوحيدة كانت في السياسة، بعد هزيمته في 1994 في السباق إلى مجلس الشيوخ وترشيح أول فاشل للانتخابات الرئاسية في 2008 حيث خسر أمام جون ماكين في الانتخابات التمهيدية. ومنذ ذلك الحين اعتبر رومني مرشحا دائما وفي حال هزم في انتخابات أمس، فإن ذلك سيشكل دون شك نهاية حملة طويلة لإقناع أميركا بدعمه لا سيما أن في حصيلته عمليات إنقاذ كثيرة لشركات. لكن مئات ملايين الدولارات التي أنفقها على الدعاية لم تنجح أبدا في أن تخلص رومني من صورته كرجل متحفظ وبارد يغير فجأة مواقفه الآيديولوجية. ورومني «الحقيقي» هل هو «المعتدل» الذي كان مؤيدا في أحد الأوقات لحق الإجهاض أو هو هذا المتطرف اليميني المؤيد بقوة لاقتطاعات في الموازنة. ولد ويلارد ميت رومني في 1947 في ديترويت عاصمة قطاع صناعة السيارات في ميشيغن (شمال) وبدأ الاطلاع على السياسة في سن 15 عاما حين رافق والده جورج إلى حملة ناجحة لمنصب الحاكم. ثم شهد فشل والده أمام ريتشارد نيكسون في الانتخابات التمهيدية الرئاسية في 1968. التقى آن ديفيس في 1965 وكان عمرها 15 عاما، ثم تزوجا في 1969 عند عودة ميت رومني من مهمة تبشيرية للكنيسة المورمونية في فرنسا وتحديدا في الهافر وبوردو وباريس استغرقت سنتين ونصف السنة. وعلى مدى 30 شهرا كان رومني يعمل من الصباح حتى المساء على إقناع الفرنسيين باعتناق هذه الديانة الآتية من أميركا. وفي يونيو (حزيران) 1968 اصطدمت سيارة ب«السيتروين» التي كان يقودها، مما أدى إلى مقتل الراكبة في المقعد الأمامي ونجاة رومني. وعند عودته استقر الزوجان في بيلمونت قرب بوسطن في ولاية ماساتشوستس، حيث بدأ رومني دروسه في هارفارد، أرقى جامعة في البلاد، ونال إجازة دراسات عليا في إدارة الأعمال والقانون في 1975. انضم إلى مجموعة بوسطن كونسالتينغ ثم ترأس شركة للاستثمار تدعى «باين كابيتال» ساهم في تأسيسها عام 1984 وغادرها في نهاية التسعينات. وقام في سياق نشاطاته في الشركة باستثمارات كثيرة كما أعاد شراء مئات الشركات، مما ضمن له جني ثروة تقدر ما بين 200 و250 مليون دولار. ويقول رومني: «لقد أمضيت حياتي في القطاع الخاص وليس في القطاع العام. أنا رجل يريد، عبر خبرته، مساعدة الأميركيين». كما لمعت صورته حين أنقذ دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سولت لايك سيتي عام 2002. وخلال الفترة التي قضاها حاكما لماساتشوستس، إحدى الولايات الأكثر تقدمية في البلاد، اعتبر معتدلا براغماتيا وإداريا جيدا، وقد نجح في امتصاص العجز في ميزانية الولاية. ومن النقاط المثيرة للجدل في أدائه كحاكم أنه أقر نظام ضمان صحي في الولاية شبيها بنظام «أوباما كير» الذي أقره الرئيس على الصعيد الوطني والذي يندد به الجمهوريون. وقلما يلقى رومني تقدير الجناح المتشدد من الحزب، مما حمله خلال الأشهر الأخيرة على تبني خطاب يميني النبرة في المسائل الاجتماعية مثل الإجهاض والهجرة ومثليي الجنس، ولو أن ذلك جعله عرضة للاتهامات بتبديل مواقفه. في المقابل حاول المقربون من رومني طوال الحملة تقديمه للناخبين بصورته «الحقيقية» كما قالوا بصفته رجلا نزيها ومرحا وإعطاء بعد إنساني أكبر لشخصيته. وفي تجمعاته الانتخابية يتم عرض فيديوهات عائلية له ولقاءات دينية حيث يروي الزوجان آن وميت والدموع في عينيهما تفاصيل عن لقائهما الأول وإصابة زوجته بالتصلب اللوحي ومحاولات رومني لتوفير المال. لكن سخاء المرشح الجمهوري ليس صوريا وإنما واقعي، كما يروي سكوت هلمان ومايكل كرانيش في سيرة حياته «رومني الحقيقي». وبين 1986 و1994 أوكلت إليه مسؤوليات إدارية ومالية واجتماعية بصفته «أسقفا» مدنيا لمدينة بوسطن مكلفا رفاه رعيته.