اثناء تجولنا بسوق الكلاكلة اللفة لفت انتباهنا شاب يمتطي ركشة ينبعث من خلال جهاز تسجيلها صوت محمود عبد العزيز صادحاً: (مهما ما المشوار يطول بمشي علي الدرب الطويل.... عشان احقق يازمن احلامي والحلم الجميل )...ولعل ما يلفت الانتباه هنا ليس تلك الكلمات الجميلة ولكن ما يلفت الانتباه حقا ويجعلك تفرك عينيك من الدهشة عندما تعلم ان سائق هذه الركشة (معاق) يمشي علي (عصاتين) يضعهما خلف مقاعد الركشة، يدعي مزمل عطا محمد...التقت به (كوكتيل) فماذا قال...؟ حوامة دكاترة: في بداية حديثه معنا حكي مزمل عن سبب اعاقته قائلا: في عام 2003 عندما كنت اقود دراجة نارية في شمال كردفان وحصل لي حادث ادي لالتهاب في النخاع الشوكي مما تسبب في شل حركتي وبعدها (طفت) على جميع الدكاترة الفي السودان ولكن لم تأت (حوامتي) بفائدة، والحال في حالوا تسعة سنين وانا من دكتور لدكتور وانا اعمل سائق اكثر من ثلاثة سنين. تجميد الدراسة: ويضيف مزمل : انا للعلم ادرس بكلية الرازي مختبرات طبية ولكني الان مجمد السنة لظروف مادية لانني اكبر شخص في الاسرة، ووالدي انسان بسيط يعمل في بيع الخضار، لذلك قررت ان اترك المقاعد الدراسية واعمل سائقا للركشة لاساعد الوالد في المستلزمات الاسرية وبعدها اذا الحال تحسن الحال ارجع للدراسة. كركبة عصايات: وعن المواقف الطريفة يحكي مزمل ويقول : (أوقفني رجل كبير وقال لي ياولدي ماشي المحل الفلاني وعليك الله حصلني سريع بعدها قلت له ماعندك مشكلة وفي نص الطريق صاح فيني بصوت عال قائلا: ياولد امشي سريع... بعدها مشيت ليه بسرعة اربعة وعندما إزدادت سرعة الركشة (كركبت عصايتي) الكانت في المقعد الخلف فنظر اليهم متوجسا وبعدها قال: (ياولدي العصايات دي تابعة ليك.؟).. فقلت له: ايوا...ليصيح مرعوباً: (نزلني نزلني سريع). تكلفة العلاج: وعند سؤالنا له هل من الممكن ان تتعالج رد مبتسما وكأنه يردد خلف الفنان محمد النصري (رغم الجراح بنبتسم نكسر حواجز الانهزام) وقال: (نعم من الممكن ان اتعالج وارجع زي ما كنت معافى امشي على قدمين وليس عصايتين ولكن العين بصيرة والايد قصيرة، وعندي نية للسفر الاردن ولكن الامكانيات محدودة وعندما سألت من تكلفة العملية بالاردن من قبل فترة قالوا انها تكلف اكثر من خمسين مليون ورغم ان الحالة صعبة لكن مافي شي بعيد علي الله وربنا يهون. خجل من المواصلات: مزمل اختتم حديثه معنا وقال في أسى: (تكثر الاشياء التي تحزنني عندما اركب المواصلات ويكون بها شخص كبير او امرأة يقفون شماعة وانا قاعد على كرسي وهذا يدخلني في احراج لان الناظر الي وانا قاعد بالمقعد يظن انني معافي وهذا ما يجعلني انزل اكثر من مرة قبل المكان الذي ذاهب اليه ليركب في مقعدي رجل كبير او إمراة). السوداني