سوق ابو جهل او سوق النسوان اسم لمعلم يحفظه اهل عروس الرمال عن ظهر قلب، لانه شكل جزءاً من وجدان وتاريخ المدينة العريقة، ويرجع تاريخ السوق الى اواخر القرن التاسع عشر، حيث كان يمثل ملتقى لتجارة خيرات كردفان من التبلدى والنبق والقضيم واللالوب والكركدى والعرديب والدوم والويكة، والتوابل من شطة وغيرها، اضافة للمحاصيل الفول والدخن والسمسم والذرة والخيرات الاخرى، اضافة للالبان ومشتقاتها من جبنة كازقيل الشهيرة، والسمن والعسل القادم من جبال النوبة والجنوب، فيأتى اهل الريف والقرى بداوبهم لبيع انتاجهم وشراء حاجياتهم، فتوسع السوق بدخول الاوانى والاقمشة وحتى الصيدليات وكناتين مستلزمات الاسرة، وبمرور الزمن اخذ السوق شهرة ليس على مستوى السودان فحسب بل كل العالم، واصبح اهم المعالم السياحية بالابيض للتسوق، وفى مطلع التسعينيات غير اسمه باسم الصحابى الجليل ابن مسعود قاتل ابو جهل، اعتقادا من ذلك المسؤول الذى تفتقت عبقريته بأن السوق سمى على الكافر أبو جهل، ولو قرأ تاريخ الابيض أو سأل الباحث موسى شيخ الربع او عمنا الراحل الجمل ابرز تجار السوق او العم محمد اول وقدورة الطاهر او غيرهم من الذين يحفظون تاريخ سوق ابوجهل ومدينة الابيض، لما اتخذ قراره الذى لم يتداوله الناس الا عبر الاوراق الرسمية فقط، فالاسماء التاريخية لشتى المواقع تحفظ، لأن لها ارثاً مربوطاً بالاحداث.. فالروايات تحكى عن سر تسميته بأن شخصاً كان جاهلاً «يترسل» للنساء، فمن كثرة مناداته بيا جاهل نسب له السوق باسم أبو جهل، كما ان كثرة الجهال «غير المتعلمين فى ذلك الزمن، جعل الناس يطلقون عليه سوق الجهال، وهناك روايات اخرى لكنها لا تخرج بعيداً عن هذا السيا . ويسمى ايضا بسوق النسوان لكثرة النسوان العاملات به، وحتى النسوان كن فى الماضى الجميل لا يرتدن الاسواق الكبيرة، لذا يلجأن للاسواق الطرفية كسوق ابوجهل وود عكيفة وابوشرا للتسوق، لذا صار اسمه الثانى «سوق النسوان»، ولكن المؤكد تماماً حسب الباحث فى التراث الاديب موسى شيخ الربع الذى كان جده أحد رموز السوق، ان السوق لم يسم قط على الكافر ابو جهل. وسوق ابو جهل امتاز فى الماضي باسعاره الزهيدة وجودة بضاعته وحسن معاملة التجار والعاملين فيه، وشكل مفخرة للمدينة التي تتسوق منه وتهدى لزائريها خيراته، لذا من زار الأبيض ولم يتسوق من سوق أبو جهل فقد اهم ذكريات المدينة.. فالماضى التليد للسوق لم تستطع السلطات تطويره ولا حتى اسرة السوق التى تعزو السبب فى ذلك لحالة الشد والجذب ما بينهم وبين الحكومة، كما يقول الاخ عبد القادر الطاهر|«الشهير بقدورة» احد رموز السوق الذى اكد ان لديهم افكاراً ورؤى طموحة للارتقاء بالسوق وجعله مزاراً عالمياً الا ان حالة عدم الاستقرار مع السلطات المحلية قبل اكثر من ثلاثين عاماً أقعدت فكرتهم وهزمت همتهم، ولكنه استدرك بأن الأمر الآن فى طريقه للوصول الى حلول ستسهم فى تطوير السوق. واكد سليمان عبد الوهاب «بوب» احد محبى المدينة ومرتادى سوق ابو جهل أن السوق الآن قد شاخ، وان لم تتداركه جميع الجهات فإنه سيمضى الى ذمة التاريخ، وسيكون تاريخاً كميدان الحرية وحديقة البلدية وغيرها من المعالم التى اندثرت، وقال: «لكننا نتعشم فى أن يسرع أهل الشأن من التجار والسلطات لتطوير السوق الذى يشكل جزءاً من وجداننا واشواقنا». وما بين ماضٍ تليد لسوق جميل اصبح معلماً صنعه الآباء والجدود وحاضر يهدد بغياب معلم بارز من معالم المدينة ومستقبل مجهول، تبقى أشواق بل ومطلب كل اهل السودان قبل كردفان والابيض بأن يتم تطوير هذا السوق التليد الذى زاره ادباء وباحثون وشعراء فى قامة نزار قبانى وبنت الشاطئ والزعيم الازهرى ومحمد أحمد المحجوب ورؤساء دول عظمى.. فهل يصمد سوق ابو جهل كصمود سوق «واقف» بالدوحة بقطر وسوق باب شريف بجدة واسواق العتبة والازهر والحسين والازبكية بالقاهرة وغيرها من الاسواق التاريخية فى العالم، ام تزحف عليه اعمدة العمارات وتمحو أثره فلا تبقي منه سوى صورة وذكرى تقول «كان هنا سوق ابو جهل». الصحافة