ماركالا (مالي)/داكار (رويترز) - ظهر انشقاق يوم الخميس في تحالف الجماعات الإسلامية الذي يحتل شمال مالي بينما تستعد القوات الأفريقية والفرنسية لشن هجوم يستهدف طردهم من معقلهم الآمن في الصحراء الكبرى. وقال مفاوض بارز من جماعة أنصار الدين المتمردة التي ساعدت في السيطرة على الشمال من أيدي الحكومة المالية العام الماضي انه الآن جزء من فصيل يريد اجراء محادثات ويرفض تحالف الجماعة مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وهو جناح القاعدة في شمال أفريقيا. ولم يتضح بعد عدد المقاتلين الذين انضموا إلى الحركة الإسلامية لأزواد الجديدة. لكن الإعلان عن تشكيلها سيشجع المفاوضين الدوليين الذين سعوا طويلا إلى تفريق التحالف الإسلامي الذي تعتبره واشنطن وغيرها من القوى الغربية تهديدا امنيا خطيرا. وقال الغباس آغ أنت الله - الذي ينتمي للطوارق - لرويترز من معقل جماعة انصار الدين في بلدة كيدال بشمال شرق مالي "يجب وقف إطلاق النار حتى يمكن اجراء محادثات." وقال إن الحركة الجديدة ستركز على طلب الحكم الذاتي للشمال موطن الطوارق. وتقصف الطائرات الحربية الفرنسية منذ نحو اسبوعين مواقع المتمردين ومركباتهم ومخازنهم في وسط وشمال مالي بينما تتجمع القوات الأفريقية لشن تدخل عسكري تدعمه الأممالمتحدة. واوقفت هذه الضربات تقدم المتمردين نحو الجنوب. واستعادت القوات الفرنسية والمالية البرية عدة بلدات بعد تفادي المتمردين القتال المباشر وتركهم سياراتهم ليختبئوا في مناطق جبلية. وشاهد مراسل لرويترز يوم الخميس نحو 160 جنديا من بوركينا فاسو ينتشرون في بلدة ماركالا الصحراوية بوسط مالي - وهي اول قوة افريقية تشترك مع القوات المالية والفرنسية. وحلت هذه القوة محل القوات الفرنسية في حماية جسر على نهر النيجر. ووقفت نساء ماليات يلوحن للمركبات الفرنسية المدرعة والشاحنات وسيارات الجيب القادمة من الشمال من سوجو - التي تبعد نحو 30 كيلومترا من ماركالا متجهة إلى بلدة ديابالي التي استعيدت في الآونة الأخيرة من ايدي المتمردين. وغطت مزاعم سكان وجماعات حقوقية بأن القوات الحكومية المالية اعدمت عددا من الطوارق والعرب المتهمين بالتعاون مع المتمردين على انباء تقدم القوات الفرنسية والافريقية. ونفى الجيش المالي هذه المزاعم لكن انباء قتل جنود الجيش المالي واغلبهم من الأفارقة السود للطوارق والعرب اصحاب البشرة الأقل سمرة اثارت المخاوف من ان يؤدي التدخل العسكري إلى حرب عرقية. وقال جندي حكومي مالي طلب عدم الكشف عن هويته لرويترز "حمل هؤلاء السلاح علينا وقتل زملاؤنا... لم يعد لي اي اصدقاء من الطوارق." وخارج ديابالي - وهي بلدة بنيت منازلها من الطوب اللبن وسط اشجار المانجو وتحيطها قنوات الري على بعد 350 كيلومترا إلى الشمال من العاصمة باماكو - قال ضابط بجيش مالي قال ان اسمه الكابتن سامسا ان جنودا بالجيش القوا القبض على مجموعة ممن يشتبه انهم اسلاميون كانوا يختبئون في احد المنازل المحلية. وقال شهود عيان إن الاسرى نقلوا بعيدا في شاحنات. واتهم رئيس المجلس الإسلامي الاعلى في باماكو إسلاميين اجانب في الشمال بمحاولة فرض فهم غريب للشريعة الإسلامية على البلاد التي دخلت الإسلام منذ الف سنة. وقال رئيس المجلس الإسلامي الاعلى في باماكو محمود ديكو في مقابلة اجرتها معه صحيفة لا كروا الكاثوليكية الفرنسية "بأي حق يفرضون الشريعة هنا؟" ودمر الإسلاميون في شمال مالي اضرحة إسلامية تاريخية بحجة كونها بدعة وفرضوا عقوبات تنص عليها احكام الشريعة كرجم الزاني وقطع يد السارق. ويسيطر الإسلاميون في الشمال على بلدات كبيرة مثل تمبكتو وجاو وكيدال. ويجمع تحالفهم جماعة انصار الدين وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا ويقدر عدد مقاتليهم بنحو ثلاثة آلاف. وتزايدت المخاوف من أن يصبح الإسلاميون في شمال مالي خطرا على جيرانهم الأفارقة والقوى الغربية بشدة الأسبوع الماضي عندما سيطر مسلحون على صلة بتنظيم القاعدة يعارضون التدخل العسكري الفرنسي في مالي لفترة قصيرة على منشأة للغاز في الجزائر المجاورة. وقتل 37 رهينة اجنبيا على الأقل في الحادث الذي انتهى باقتحام القوات الجزائرية للمنشأة. ومما يعكس المخاوف الأمنية الاوسع امرت فرنسا قواتها الخاصة بحماية مناجم اليورانيوم التي تديرها شركة اريفا الفرنسية في النيجر المجاورة لمالي والتي توفر الوقود لمحطات الطاقة النووية الفرنسية. وتثور أيضا مخاوف من ان يؤدي التدخل العسكري إلى طرد الإسلاميين إلى الخارج عبر الحدود الصحراوية وهو ما قد يؤدي إلى ضرب استقرار الدول المجاورة. وقال وزير ليبي ان على الاممالمتحدة ان تنشر قوات لحفظ السلام بعد انتهاء الهجوم الأولي. ويقول خبراء عسكريون إن الانتشار السريع للقوات البرية الأفريقية - المتوقع ان يصل عددها في النهاية إلى اكثر من خمسة آلاف جندي - ضروري للحفاظ على قوة الدفع التي خلقتها العمليات العسكرية الفرنسية في مالي. وستكون العملية العسكرية في مالي على رأس جدول اعمال قمة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا يوم الاحد. وجاء اغلب القوات الأفريقية المشاركة في التدخل العسكري في مالي من دول اعضاء بالتجمع الاقتصادي لدول غرب افريقيا (ايكواس) مثل بنين ونيجيريا والسنغال وتوجو والنيجر. وتتضمن القوة جنودا من تشاد يمتلكون خبرة في الحرب الصحراوية. وعرضت بوروندي ارسال قوات عسكرية ايضا. لكن هناك تساؤلات حول ما اذا كانت القوات الافريقية تملك السلاح والعتاد اللازمين لشن حملة مستمرة في الصحراء والجبال في شمال مالي الذي تعادل مساحته مساحة تكساس. ومن المقرر ان يجتمع المانحون الدوليون في أديس أبابا في 29 من يناير كانون الثاني لمناقشة التدخل العسكري في مالي وقالت فرنسا انه ستكون هناك مطالب أن يقدموا نحو 340 مليون يورو (452 مليون دولار). وقال القاسم واني مدير مجلس السلام والامن التابع للاتحاد الافريقي انه بالاضافة للغرب يسعى الاتحاد الافريقي ايضا إلى الحصول على الدعم المالي والمادي من الصين لتمويل عملية مالي. وقال ان الصين تدعم بالفعل عملية حفظ السلام في الصومال