للوهلة الاولى وانت تتجول فى مدينة جدة الميناء الاكبر للمملكة العربية السعودية لا تحس انك غريب من السودان وذلك للسحنة السمراء لاكثرية سكان المدينة ولولا التطور الهائل فى العمران والطرق والمباني لاعتقدت اننى فى الخرطوم وكثيرا ما كان يداعبني صديقي السعودي عبد العزيز ابو لمار انني فعلا فى الخرطوم وليس جده ويضحك (ما شايف الناس السمرة الحلوة دى) .. التقيت للمرة الاولى باخلاص وسيدة وهما سيدتان من السودان وتحديدا من مدينة بورتسودان فى افطار سودانى اصيل فى ساحة فندق (نوركم) فتحلق المئات من السودانيين وبعض الاخوة السعوديين فى مائدة الافطار المكونة من العصيدة بملاح التقلية والقراصة وسلطة الروب والفول والدمعة ومشروب الحلو مر والكركديه اضافة الى القهوة السودانية المميزة والشاي . أعجبنى كثيرا ان تأتى نسوة من السودان وان يشددن الرحال رغم الصعوبات لعمل الطعام للسودانيين في المملكة العربية السعودية فى رمضان وفي موسم الحج تقول (سيدة) وهى تعمل فى كوافير انها تاتى فى المواسم لعمل الاكل فى جدة منذ (15) عاما وقالت انهن منذ ان تطأ اقدامهن جدة يستخرجن كرتا صحيا وتصديقا مؤقتا لعمل الطعام فالسلطات كان منعتهم من العمل لكنها تفهمت وضعهن لأن كثيرا من السودانيين لا يفضلون الطعام السعودي وخصوصا فى رمضان ولذلك سمحت لهن وهن بالعشرات لصنع الطعام السودانى ، اثناء تناولي للافطار شاهدت بعض السعوديين يأكلون العصيدة فسألت سيدة عن ذلك فقالت ضاحكة كثير من السعوديين اصبحوا يأكلون الطعام السوداني خصوصا العصيدة بملاح الروب والتقلية بعضهم يأتى لأخذها الى منازلهم فيقولون لها اعطينا (هرم) والبعض الاخر يقول لها (جبل) نسبة لشكل العصيدة المعروف .. اما عن كمية الطعام التي تصنعها كل يوم فتقول سيدة انها يستعن بادارة الفندق لمعرفة عدد النزلاء بالفندق والقادمين حتى نزيد كمية الطعام او ننقصها اما المواد الغذائية فهن يجلبنها من سوق (الكرنتينة) وهو سوق سوداني شعبي بما تحمل الكلمة فتجد فيه كل شيء سوداني ابتداء من التوابل والفحم وحتى المطاعم بل وحتى (ستات الشاي) وتضيف سيدة انهن يستخدمن العملة السودانية اضافة الى الريال السعودي فى تعاملاتهن بل تقول نعطي حتى من لا يمتلك ثمن الطعام نعطيه ليأكل فالخير كثير والحمد لله فى بلد الرسول وتقول : قروش (السعودية) قروش مبروكة والحمد لله واضافة الى عملها فى صنع الطعام تعمل كذلك فى رسم الحناء و(المشاط) للسودانيات والسعوديات وتمتلك خبرة فى ذلك فهي تدير محل تجميل في بورتسودان فالمشاط (البوب) ب(10) ريالات والحنة (100) ريال اما تجهيز العروس كاملة ب(500) ريال . اما اخلاص فهى تتخصص في عمل الشاي والقهوة فتقول انها المرة الاولى لها بالسعودية وقد استفادت منها ماديا كثيرا وستداوم كل موسم وتضيف كثير من السعوديين والقطريين وغيرهم من الجنسيات اصبحوا يحبذون القهوة السودانية وياتون لتناولها هنا بكافة طقوسها . اخلاص وسيدة فضلن ارتداء النقاب على عادة أهل المملكة العربية السعودية حتى يندمجن فى المجتع لكنهن اوضحن انهن فى تعاملهن مع السودانيين يكشفن عن نقابهن ويتعاملن بنفس تعامل السودانيين المتواضع من غير تكلف . جدة : بكرى خليفة