لا يزال البعض يذكر جيداً ذلك الموقف الذي اتخذه أحد المذيعين التلفزيونيين الجدد، وهو يرفض تماماً كل المحاولات التي قادها مخرج البرنامج و(الماكيير) في سبيل اقناعه بضرورة وضع بعض المكياج على وجهه وهو غالباً (بودرة التبييض) التي تعد أهم عناصر مكياج المذيعين.. ومقدمي البرامج، وعندما بلغ الغضب بالمذيع الجديد مبلغه صاح في وجه الفريق العامل بعبارة :(انتو دايرين صوتي.. ولا وشي؟).. في اشارة لعدم المزج ما بين الموهبة والشكل.. وربما تعد تلك القصة السابقة هي مجرد نقطة في بحر (مكياج الرجال) واحد العناصر الصغيرة في قضية ربما كانت أكثر القضايا اثارة للجدل حتى الآن. ولم يقتصر (مكياج الرجال) على شريحة المذيعين التلفزيونيين وحسب، بل وصل حتى لشريحة الشباب حيث أصبحت (دواليب) البعض منهم أشبه ب (بوتيكات مصغرة) من حيث انتشار أدوات التجميل في حدود الممكن، وفي حدود الخيال في بعض الأحيان.. وفي اقدامهم الى صوالين الحلاقة لعمل الساونة وازالة الشعر من الوجه .. واستخدام بعض المواد لازالة النمش وغيره. * الظاهرة الغريبة لم تكن بالضيق (المجتمعي) الكافي حتى تقتصر على شرائح معينة.. ويردد البعض همساً ان الفنانين هم الذين ادخلوا هذا المفهوم لعالم الرجال.. بعد ظهورهم عبر القنوات الفضائية ومساحيق التجميل تتبرج على وجوههم واجزاء من الجسد ربما وصلت حتى (السلسل).. الذي كان في وقت ما محرماً على الرجال.. وباعثاً اكيداً للتخمين السئ حول شخصية من يرتديه.. بعض الفنانين لم يروا غضاضة في استخدام المكياج او (الميك آب) كما يحلو للبعض تسميته.. فشهرتهم وجمهورهم يحتم عليهم اللجوء لتلك الممارسة لضمان الظهور بشكل جيد يسر الناظرين او المعجبين ان شئنا الدقة.. (علاء الدين عمر) صاحب بوتيك بالقرب من موقف جاكسون.. تحفظ في البداية على الاجابة عن سؤال: (كم زبائنك من شريحة الرجال؟) حفاظاً على خصوصية العلاقة وحرصاً على عدم فقدانهم كزبائن (خفيفي الظل)..أي بمعنى انهم يشترون ما يحتاجونه بسرعة خوفاً من اصباغ احدهم عبارات السخرية والأسف عليهم.. لكن (علاء) اشار الى ان لديه زبائن من الرجال، وأكثر ما يقومون بشرائه هو أصابع (الجل) والصبغة بأنواعها وصابون ازالة القشرة والروائح.. ولم ينس ان يعلق قبل أن نغادر المحل بعبارة :(ومالو.. السماحة ما عيب يا استاذ).. وهي عبارة كانت مجرد تطييب على جرح عدد من زبائنه.. عموماً تبقى ظاهرة مكياج الرجال هي تسلل خفى الى عالم النواعم بسبب البحث عن قدر من الوجاهة والوسامة.. ولكن هل يمكن ان تستشري هذه الظاهرة بالمقدار الذي يصعب من خلاله التفريق بين الانثى والرجل؟! من يدري..؟ الخرطوم: أحمد دندش