في «دار المسيرية».. القبائل العربية تحلم بمياه أبيي المجلد (السودان) ا. ف. ب في نهاية طريق متعرج يقع معقل قبيلة المسيرية العربية التي تخشى ان تفقد الحق في استخدام مياه النهر المجاور اذا ضمت منطقة ابيي الى جنوب السودان بعد استفتاء 9 يناير. في ضيعة المجلد يكتب الان الفصل المقبل في تاريخ اكبر بلد في افريقيا، وقد يؤدي الى استمرار الفوضى مع اقتراب الاستفتاء حول استقلال الجنوب، بالتزامن مع استفتاء آخر في ابيي ليختار سكانها بين الشمال او الجنوب. ويهاجر البدو الرحل الشماليون المنتمون الى قبيلة المسيرية كل عام منذ ما يقرب من قرنين، في موسم الجفاف الى منطقة «بحر العرب» الجنوبية بحثا عن المرعى لقطعان الابقار، ثم يتوغلون في الاراضي الخصبة للجنوب. النهر.. ومحكمة لاهاي غير ان هذا المجرى المائي الذي يسميه الجنوبيون «نهر كير» يمر في ابيي الحدودية بين الشمال العربي المسلم والجنوب الذي يدين غالبية سكانه بالمسيحية. وبعد مواجهات عنيفة في مايو 2008، ومخاوف من عودة الحرب بين الشمال والجنوب، احال الطرفان نزاعهما الى «العدل الدولية»، فقررت تقليص مساحة ابيي معتبرة انها تقتصرعلى الاراضي التاريخية لقبيلة «دنكا نغوك»، ورأت ان الشرق والشمال (حيث ابار النفط) يتبعان الشمال. لا نريد نفطا.. بل نريد مياها ووافق السياسيون الشماليون والجنوبيون على القرار لكن المسيرية لم تقبله. وقال اميرها مختار بابو نمير لفرانس برس في مكاتب الاستخبارات في المقلد «لا نريد نفطا، بل نريد مياها. لدينا خمسة ملايين رأس ماشية». وفي المقلد يعتبر الامير بمنزلة ملك. وفي القاعة وضعت صور للرئيس عمر البشير ولوالد الامير، بابو نمير، مما يشير الى الولاء القبلي. لا نص على المسيرية ويعتبر ابناء القبيلة انهم اصحاب المنطقة، وانهم استقبلوا الجنوبيين من قبيلة دنكا نغوك اعتبارا من نهاية القرن التاسع عشر. ويقضي قانون الاستفتاء بان يشارك ابناء قبيلة دنكا نغوك و«مواطنون اخرون»، ولا ينص على مشاركة المسيرية صراحة. ويحذر الامير «ان لم اتمكن من الاقتراع فلن يكون هناك استفتاء». ويتابع زعيم القبيلة المسؤولة عن غارات دامية ضد الجنوبيين ابان حرب الثمانينات «لا يمكن ان تتبع ابيي الجنوب»، اذ سيفقد المسيرية مياه بحر العرب ومراعي جنوب السودان. النزوح الاضطراري ويقول امير القبيلة «ستنفق مواشينا ولن يبقى لنا الا ان نهاجر الى الخرطوم للبحث عن عمل او التسول». وفي سيارة متهالكة، يغادر شباب من المسيرية المقلد بحثا عن عمل في الخرطوم، برحلة تستغرق 30 ساعة. ويقول محمد «لا اريد ان امضي حياتي في متابعة بقرة، وفي كل الحالات ليس لدي بقرة». وتجرى مفاوضات تحت رعاية الولاياتالمتحدة لمحاولة التوصل الى حل وسط لانقاذ ابيي من الجحيم. ويؤكد الامير انه «حتى الان (بداية موسم الجفاف) ليست لدينا مشكلات مياه او مرعى ولذلك اذا فشلت المفاوضات لا يمكن ان نتنبأ بما يمكن ان يحدث». ويتابع شقيق الامير صادق بابو نمير «هناك شباب يريدون اجتياح ابيي، لكننا لا نريد حمام دم».