ماذا وراء ترحيل المهاجرين من السودان؟    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    أكوبام كسلا يعيد قيد لاعبه السابق عبدالسلام    الأمر لا يتعلق بالإسلاميين أو الشيوعيين أو غيرهم    الخارجية: رئيس الوزراء يعود للبلاد بعد تجاوز وعكة صحية خلال زيارته للسعودية    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يستقبل رئيس وزراء السودان في الرياض    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تنفجر غضباً من تحسس النساء لرأسها أثناء إحيائها حفل غنائي: (دي باروكة دا ما شعري)    طلب للحزب الشيوعي على طاولة رئيس اللجنة الأمنية بأمدرمان    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    البرهان: لن نضع السلاح حتى نفك حصار الفاشر وزالنجي وبابنوسة    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    يوفنتوس يجبر دورتموند على التعادل    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعقد ما تضمنته نيفاشا..عملية ترسيم الحدود.. محفزات الوحدة أم كابحة للانفصال؟!..هجليج سابقا، جودة وكافي كنجي وجودا.. بؤر متوقعة لنزاع قادم!
نشر في الراكوبة يوم 24 - 05 - 2010

لم يتبق على إكمال تنفيذ اتفاقية نيفاشا سوىالقليل، في جانب النصوص الجامدة كما وردت في صلب المعاهدة بعيدا عن الإطار القيميلروح النص المضمّن نفسه، على بعد كتف يسير من استحقاق تقرير المصير لشعب جنوبالسودان وقبله شعب منطقة أبيي. من هذا النذر المتبقي، ترسيم الحدود كما كانت عليهعشية الاستقلال عن الحكم الثنائي في 1-1-1956م، وهي المهمة التي تطاول أمدتنفيذها، وتأجل تحقيقها لأسباب عدة، منها الفني ومنها الإداري وأغلبها السياسي ذيالصلة بحالات المد والجذر في بحر الشريكين!.
فمتى كان الشريكان متجاذبين ومتباعدين في المواقف، وما أكثر ذلك في الخمسة سنوات الماضية، قل مجهود اللجنة المكلفة بتلك المهمة. ومن باب التمني والأمل، فربما أدى الترسيم الدقيق، المحايد، إلى قدرا من الرضا بين القبائل المتساكنة على جانبي الشريط الحدودي، يؤدي إلى وفاق دائم بين حكومتي الشريكين في الشمال والجنوب، بما يدفع في النهاية إلى دعم الوحدة الترابية للسودان. كما وقد يؤدي الترسيم، إن لم يجئ دقيقا وعلميا، محايدا ونزيها، منحازا لتلك القبيلة أو الحزب أو الحكومة، دافعا منطقيا للانفصال حين التصويت على الاستفتاء. نقف في هذه المساحة التالية، حول ماضي عملية الترسيم، وما حاق بها من صعوبات ومعوقات، أبرز المناطق بالإضافة إلى منطقة أبيي، مثار الجدل أو المتوقع أن يتنازع عليها، آليات التوافق في حال عجزت اللجنة المكلفة عن إكمال مهمتها، بالنظر إلى أدوار الجهات ذات الصلة بالمنازعات الحدودية والإدارية، وغيرها من أبعاد يناقشها التحقيق التالي.
*وزير الحكم الاتحادي: لجنة ترسيم الحدود لم تستعن بنا ولا تسألوا عن أشياء إن بدت لكم....!
*برلماني: البرلمان القادم بمقدوره البحث عن آلية تنزع بؤر الخلاف في ترسيم حدود الشمال والجنوب
*أكاديمي: نهج ترسيم الحدود (دغمسة) تفتقد الشفافية وأقترح ترسيمها على أساس تنموي وليس قبليا أو سياسيا
تحقيق: عادل حسون
التأسيس وبداية المهمة:
تم إنشاء مفوضية ترسيم الحدود 1 يناير 1956م بمرسوم جمهوري في العام 2005م. تم اختيار عضوية المفوضية من قبل رئاسة الجمهورية، روعي فيه المهنية والتخصصية، برئاسة مدير الهيئة القومية للمساحة، البروفيسور عبد الله الصادق، ينوب عنه ممثل لحكومة الجنوب. استغرق عمل المفوضية أكثر من خمسة سنوات على مرحلتين، جمع الوثائق ذات الصلة برسومات تعيين الحدود على الخرائط، ومرحلة ترسيم الحدود على الأرض بناء على الخرط المعينة لحدود الأول من يناير 1956م. جمعت اللجنة المكلفة تلك الوثائق، من دار الوثائق القومية، مكتبة الكونغرس الأمريكي، وجامعة درم ببريطانيا، دار الوثائق المصرية وتركيا. كما استعانت اللجنة في مهمتها هذه، بمختلف الوزارات في البلاد، ومن الداخلية، الدفاع، القضاء، مصلحة الإحصاء والمساحة، وديوان الحكم الاتحادي. وأملت المفوضية، طبقا لتصريحات رئيسها، منتصف الشهر الجاري، بعد اكتمال التحضيرات المتعلقة بمرحلة الاستكشاف، بإنجاح عملية الترسيم عبر التنسيق والتعاون مع مجلس الدفاع المشترك والجيش الشعبي، إضافة لوزارتي الداخلية والدفاع وجهاز الأمن الوطني ومفوضية وقف إطلاق النار، منوها إلى أن العملية تتطلب التعاون الكامل بين تلك المؤسسات إلى جانب المواطنين. فيما أوضح الصادق أن 90% من التقرير النهائي للجنة ترسيم الحدود تم الفراغ منه، وسيرفع لرئاسة الجمهورية، لإجازته ومن ثم تبدأ عملية الترسيم على الأرض. وكان وزير الخارجية القيادي بالحركة الشعبية دينق ألور، قال أن 80% من أعمال ترسيم الحدود حدث فيها اتفاق بين الشريكين في اجتماعات اللجان المشتركة، وهي المناطق غير المتنازع على حدودها بين الطرفين، فيما تبقت النسبة الأخيرة تنتظر اجتماع مؤسسة الرئاسة للبت فيها. يذكر أن طول الخط الحدودي بين الشمال والجنوب، يبلغ 1940 كم في المسافة من الحدود مع دولة إفريقيا الوسطى غربا، إلى جمهورية إثيوبيا الفيدرالية، شرقا.
عقبات وصعوبات:
وفقا لذاكرة السنوات الماضية من عمر اتفاقية السلام الشامل، فإن منطقة أبيي، ستشكل العقبة الكأداء في عملية ترسيم الحدود المقبلة. ذلك أن المنطقة الغنية بالنفط، والمتنازع عليها بين الحكومتين الاتحادية وجنوب السودان، والصادر بشأنها حكما دوليا من محكمة التحكيم بلاهاي، ينتهي في خلاصة منطوقه، إلى إعادة ترسيم حدود المنطقة قبل استفتاء ساكنيها حول الانضمام إلى جنوب كردفان شمالا، أم البقاء جنوبا ضمن ولاية شمال بحر الغزال. إلا أن ثمة مناطق أخرى، بالإضافة لأبيي، على مدى الشريط الحدودي المفترض، يرجح المراقبون أن تغدو عظمة لنزاعات قادمة لما يحيط بها من تعقيدات إدارية وأمنية، ليس بين الشريكين فحسب، وإنما في ما بين القبائل المتماسة شمال وجنوب الشريط الحدودي المنتظر ترسيمه. ويعتقد هنا أن من بين المناطق المتنازع عليها، منطقة كافي كنجي أو حفرة النحاس، ومناطق أخرى متجاورة بين ولايات جنوب دارفور وغرب بحر الغزال وجنوب كردفان أبيي والنيل الأبيض، بالتماس مع ولايات الوحدة وأعالي النيل ثم ولايتي سنار والنيل الأزرق مع ولاية أعالي النيل. كانت تقارير صحافية محلية أشارت في وقت سابق من هذا العام، إلى أن نقاط الخلاف انحصرت في خمس مناطق على رأسها حفرة النحاس. وأشارت إلى أن اللجنة رفعت تقريرا مفصلا لمؤسسة الرئاسة حول الخلاف متضمنا وجهة نظر كل جهة، وذكرت أن الرئاسة ينتظر أن تعمل على حسمها وفق قرار سياسي. وطبقا لمحللون، فإن مناطق النزاع هذه، هي مناطق امتداد الرعي والزراعة للقبائل المتداخلة مع الجنوب، بالإضافة إلى المناطق الغنية بالنفط، كما في مثال، منطقة أبيي. يشار إلى رئيس حكومة جنوب السودان، زعيم الحركة الشعبية، الفريق سلفاكير ميارديت، اتهم الخرطوم بأنها ترجئ ترسيم الحدود بين شمال البلاد وجنوبها، في محاولة للاحتفاظ بالسيطرة على احتياطيات النفط. مضيفا أمام تجمع للناخبين في ولاية البحيرات، الشهر الماضي، إن السبب وراء عدم ترسيم الحدود أن هناك نفطاً، ويرغب الشمال في الاستحواذ عليه، كما ويرغبون أيضا في الاستحواذ على الأرض الزراعية التي يملكها الجنوب حتى تصبح أرضهم.
بؤر الخلاف.. مكامن للفرقة:
لجنة ترسيم الحدود، وعلى الرغم من تفاديها، في مؤتمرها الصحفي المشار إليه، التطرق إلى تسمية المناطق المتوقع النزاع عليها، إلا أنها قالت على لسان رئيسها، أنه اختيار الحدود بين ولايتي سنار والنيل الأزرق مع ولاية أعالي النيل لبدء عمل اللجنة التنفيذي على الأرض بعد اكتمال عمليات المسح الجوي والأرضي في تلك الجهات. وبينما استبعد نائب رئيس اللجنة، العقيد مهندس ريك دقوك، في مقابلة مع صحيفة (الرأي العام) حدوث خلاف بين الطرفين في منطقة حفرة النحاس، باعتبار أن الوثائق ستحسم هذا الأمر، أقر بأن الحكم العسكري في 1959م اتخذ قرارا بإستقطاع جزء معين من الجنوب وإتباعه إلى الشمال، أي من منطقة بحر الغزال إلى دارفور، بما يعني أن هذا الجزء كان من بحر الغزال، بحسب نص القرار. ليعود ويوضح أن تفويض لجنته يتحدث عن ترسيم الحدود يوم كانت عليها في 1-1-1956م وليس ما بعد هذا التاريخ أو قبله. يشير بوضوح إلى منطقة تسمى جودة، بوصفها حملت تباينا في وجهات النظر بداخل اللجنة ينتظر البت فيه. حفرة النحاس وكافي كنجي، صدر بشأنها قرار بالرقم 382 بتاريخ 12/8/1959م من مجلس الوزراء بموجبه تمّ ضمّ المناطق (كفيا قنجي وحفرة النحاس) إلى جنوب دارفور.
يذكر أنه سبق وأن تمت إثارة مشكلة أيلولة منطقة حفرة النحاس من قبل النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق سلفاكير ميارديت، في الاجتماع الرئاسي بشأن الحدود في أكتوبر 2007م. ويعتقد على نطاق واسع أن هذه المنطقة ملأى بالثروات المعدنية، بوصفها امتدادا لمنطقة كاتنقي في الكنغو المجاورة الغنية بالنحاس والمعادن الثمينة الأخرى. أما منطقة جودة والتي رجح نائب رئيس مفوضية الحدود نشوب نزاع بشأنها، فتقع شمال ولاية أعالي النيل، في منطقة الرنك، وهي الحدود بين النيل الأبيض وأعالي النيل. فيما أثارت منطقة هجليج الغنية بالنفط، نزاعا سابقا تأثر من جراءه مواطني المنطقة من المسيرية والدينكا. هذا وكانت مفوضية التقويم والتقدير لاتفاقية السلام الشامل دعت في مؤتمر صحفي الشهر الجاري إلى سرعة ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وتكملة ترسيم حدود منطقة أبيي المتنازع عليها توطئة لترتيبات ما قبل الاستفتاء لجنوب السودان. أبدت المفوضية استعدادها لمساعدة شريكي الحكم -طرفي اتفاقية السلام المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، لتنفيذ ما تبقى من اتفاق السلام وحل القضايا العالقة، وضمنها ترسيم الحدود.
مستقبل مظلم.. مآلات على كف المجهول:
لسنا منجمون أو عرافين، ولكن ما نوقش سابقا لا يبّشر بخيرٍ إطلاقاً. إذ أن على مفوضية ترسيم الحدود انجاز مهمتها بإكتمال ترسيم الخط الحدودي 1- 1- 1956م على الأرض، قبل الاستفتاء، أي قبل ستة أو سبعة أشهر من الآن. وإذا علمنا أن استفتاء منطقة أبيي يجب بنص الدستور، أن يجرى قبل ستة أشهر من استفتاء جنوب السودان، أي في موعد لا يتجاوز الشهر القادم. وإذا استرجعنا تصريح رئيس المفوضية، بروفيسور، عبد الله الصادق، الذي يتوقع ضمنه فراغ لجنة ترسيم الحدود من عملها نهائيا في نوفمبر القادم، يصبح تاليا، أن هناك ثمة خطأ ما!!. خصوصا إذا أدركنا أن الاتفاق وتجاوز الخلافات المحددة بنسبة 20% في مؤسسة الرئاسة، طبقا لتصريح الوزير دينق ألور، رهين باحتمالات النجاح أو الإخفاق في ذلك الاتفاق. هناك جهات ذات صلة بعمل الحدود ونزاعات الولايات الحدودية، لا يدخل تفويض اللجنة في عملها، لكنها بمقدورها أن تلعب دورا ما في هذا الإطار. جهات مثل، مجلس الولايات، الغرفة العليا في الهيئة التشريعية القومية، ووزارة الحكم الاتحادي. توجهنا بهذه التساؤلات، بالتركيز على دور المؤسسات الأخرى في تسهيل مهمة ترسيم الحدود بتذليل الصعاب المتوقعة، إلى كل من سعادة الفريق عبد الرحمن سعيد، وزير الحكم الاتحادي، وأحد ممثلي ولاية الخرطوم عن المؤتمر الوطني في مجلس الولايات، رئيس اللجنة القانونية بالمجلس السابق، البروفيسور إسماعيل الحاج موسى. فجاءت إفاداتهما لل(الأخبار) على النحو الآتي. يقول وزير الحكم الاتحادي،:.. أن الوزارة رغم أنها تضم إدارة متخصصة في شأن الحدود، إلا أن مفوضية ترسيم حدود 1-1-1956م لم تلجأ إلى مشورتها طوال السنوات الخمس الماضية. ولم تكن وزارة الحكم الاتحادي، جزءا من أي نقاش حول ترسيم الحدود، على الرغم من أنها تمتلك وثائق ذات صلة بتفويض لجنة الترسيم. ويشير الوزير إلى أن ترسيم الحدود وفق عمل المفوضية، مهمة أشبه بترسيم الحدود الدولية. فبينما اختصاص الوزارة ترسيم الحدود الداخلية والنظر في خلافات المناطق الإدارية على مدى القطر، إلا أنها غير مشتركة في عمل مفوضية الترسيم، ولا تملك قولا في هذا الموضوع، ولا تسأل حتى في تفاصيله، عملا بالأثر الحكيم، (لا تسألوا عن أشياءً إن تبدوا لكم تسوءكم). من جهته يقول البروفيسور إسماعيل الحاج موسى، أن النتيجة النهائية لعمل اللجنة لم يظهر بعد، إلا أن ما رشح في الأنباء أنهم يسيرون بخطى جيدة وموضوعية. يشدد على عدم اختلاق أي من الشريكين، للنزاعات خصوصا في إطار الدولة الواحدة، إذ أنه من الصعب التكهن بمآل نزاعات الحدود في حالة الانفصال وقيام دولة جديدة على الحدود الجنوبية. يستنكر على الأخوان في الجنوب استباقهم للأشياء خصوصا الأمين العام للحركة الشعبية ونائبه، حول الانفصال، ورمي التهم بالمؤتمر الوطني. ويرى بأنه من الممكن في حال حدوث خلافات في عمل مفوضية ترسيم الحدود، الجلوس للنقاش حول نقاط النزاع بعدما تتضح على وجه الدقة. يستدل هنا بما أناطه الدستور الانتقالي بمجلس الولايات في النظر حول قضايا الحدود والنزاعات الإدارية بين الولايات. ولجنة المجلس التي كان يرأسها بهذا الشأن، والتي أجرت دراسات وعقدت اجتماعات وناقشت بالتفصيل مقترحات بتغيير أسماء بعض الولايات وعواصمها، وهو التكليف الدستوري الذي قد يتماس مع عمل المفوضية، والذي قطع شوطا كبيرا، لكنه توقف بناء على إرادة الشريكين، واتفاقهما على تأجيل النظر في التوصيات النهائية للجنة، إلى المجلس القادم. ولا يستبعد أن يقوم المجلس المنتخب القادم بالبناء على ما سبق من جهد، والبحث في آلية معينة أو وسيلة محددة، بالتشاور مع وزارة الحكم الاتحادي أو غيرها من المؤسسات، لتدارك خلافات ترسيم حدود الأول من يناير 1956م.
نقد.. ومقترح بحل:
الباحث والأكاديمي، د. مجدي النعيم، يقول في إجابته على تساؤلات (الأخبار)، أنه وعلى مستوى أول، فإن تعثر إكمال ترسيم الحدود، عملا من أعمال التلكؤ التي شابت تطبيق اتفاقية السلام الشامل. وعلى مستوى آخر، فإن كل ما تم ترسيمه حتى الآن، نوع من أنواع سوء النية و(الدغمسة). إذ أن ما تم لم يتم بشفافية، ولم يطلع المعنيون، وهم المواطنون في المناطق الحدودية، على التفاصيل. كما لم يتم إشراكهم في هذه العملية. ويرجع الأسباب وراء ذلك لما سماه، ارتباط ترسيم الحدود بصراعات ومطامع حول النفط، وحساسيات قبلية ترتبط بالأرض والمراعي والزراعة. بينما مصلحة الناس في الشمال والجنوب ستمس مباشرة في حالتي الانفصال أو الوحدة، ومن هنا جاءت أهمية أن يكونوا طرفا في هذه العملية. د. النعيم، يؤكد على أن ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وفق ما نصت عليه الاتفاقية، لا غضاضة عليه، ولكن على المستوى الأقل، وهو مستوى الولايات والمحليات والوحدات الإدارية، وهو مستوى النزاعات الحقيقية التي تكلفنا أرواح طائلة، يبقى مصيرها معلقا. يشير إلى مسئولية نظام نميري في التلاعب بالحدود الإدارية، وقبله الإدارة البريطانية التي رسمت الحدود على أسس سياسية، فيما جاءت الحكومات الوطنية لتعمق المسألة، وفقا لمصالح سياسية أو نخبوية خاصة. ويضيف بأنه وفي حال الانفصال أو الوحدة ستنشأ حروب داخلية بين القبائل بأعنف من ما جرت سابقا. وهو خطر يتجاوز تفويض لجنة ترسيم الحدود، فهي مهمة النخبة السودانية أساسا، والأحزاب السياسية حكومة ومعارضة، لأن الخطر سيطال الشمال والجنوب وما بينهما، فالجنوب نفسه هناك صراعات دامية في حدوده الداخلية ما بين مقاطعة ومقاطعة مجاورة لها. ويتساءل مجدي النعيم، لما ترسم الحدود بين قبيلة وقبيلة أخرى كما فعل البريطانيين؟، لما لا يترك الحل السوداني أن يعمل وفق منطق، أسميه، وأقترح تسميته، بترسيم الحدود على أساس تنموي لا قبلي أو سياسي؟. ويجيب بأن هذا الحل هو الطريق الوحيد لتجاوز مآس الحروب الحدودية بين القبائل، المتوقع نشوبها في حالتي الوحدة أو الانفصال.
عادل حسون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.