أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في كلمته أمام قمة الدوحة أن «بناء تكتل اقتصادي عربي حقيقي يتطلب إصلاحاً عميقاً لمنظومة العمل العربي المشترك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية لتشمل دور وسلطات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجالس الوزارية المتخصصة ومنظمات الجامعة ومراكزها المتخصصة، بحيث تشكل جميعها منظومة واحدة متكاملة»، موضحاً أنها «مطروحة منذ سنوات عدة وأنه آن الأوان لاتخاذ قرار لحسمها». وقال العربي: «بات من الضروري إجراء عملية مراجعة شاملة لميثاق جامعة الدول العربية الذي تمت صياغته عند نهاية الحرب العالمية الثانية في ظروف دولية وإقليمية لم تعد قائمة بحيث تمكن الجامعة من الاضطلاع بوظائفها التي تمليها عليها تحديات العصر بظروفه الدولية والإقليمية الحالية». وأفاد أن هذه المراجعة «يجب أن تشمل أولويات العمل العربي المشترك وقواعده، والتعديلات الخاصة بعمل هيئات ومجالس الجامعة، ودعم دور الأمين العام ودوره في تنشيط العمل العربي المشترك، والنص على آلية دورية لمراجعة وتطوير ميثاق الجامعة». وأكد أن «القضية الفلسطينية هي دائماً جوهر الصراع في المنطقة»، مشدداً على أنه «لم يعد من المقبول الانخراط في مسار مفاوضات عقيمة أو القبول بمبادرات تفاوضية تتعامل مع قضايا فرعية وجزئية لتضييع الوقت وتكريس الاستيطان والاحتلال من دون أن تتعامل بجدية مع جوهر أساس هذا الصراع». ولفت العربي الانتباه إلى أن «المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لا بد وأن تتم وفق الأسس والقرارات الدولية لتحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة، وفي مقدمها قرارا مجلس الأمن 242 و 338 والقرارات الدولية الأخرى ذات الصلة». وقال إنه «من دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة داخل حدود 67 وعاصمتها القدس، لن تنعم هذه المنطقة بأي سلام أو أمن أو استقرار»، مشيداً بالإنجاز الذي حققته دولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ومشيراً إلى «ضرورة البناء على هذا الإنجاز لتأكيد الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة مكتملة المقومات واقعة تحت الاحتلال». وشدد العربي على «ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة وتنفيذ التفاهمات والاتفاقات التي تم التوافق في شأنها في القاهرةوالدوحة لاستعادة وحدة القرار الوطني الفلسطيني ووحدة مؤسسات الدولة الفلسطينية». وفي شأن الأزمة السورية أكد العربي أن «الجميع يدرك التداعيات الخطيرة الناجمة عن استمرار الأزمة السورية الدامية»، محذراً من أن «استمرار هذا الجرح النافذ في الجسد السوري يهدد بأخطار جسيمة تطاول مستقبل هذا البلد وأمنه، كما تطاول تداعياتها أمن واستقرار الدول المجاورة والمنطقة بأسرها». وبين أن الجامعة «وقفت إلى جانب انتفاضة الشعب السوري السلمية منذ انطلاقها وطرحت العديد من المبادرات»، معرباً عن أسفه «إزاء فشل تلك المبادرات في إقرار التسوية السياسية المنشودة». وحمل النظام السوري «المسؤولية الأولى عن تفاقم هذه الأزمة وبلوغها هذا المنحى الخطير بسبب إصراره على اعتماده الحل العسكري الذي بلغ مداه في استخدام الأسلحة الثقيلة من طائرات ومدافع وصواريخ ضد أبناء الشعب السوري»، مؤكداً أن «مجلس الأمن يتحمل مسؤولية الإخفاق في فرض الحل السياسي للأزمة بسبب عجزه عن اتخاذ القرارات اللازمة لوقف نزيف الدم في سورية». ودعا إلى توفير كل الدعم لجهود الموفد العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي وتمكينه من مواصلة جهوده في التوصل لتحقيق التوافق الدولي والإقليمي حول عناصر خطة الحل التي جرى وضع أسسها في اجتماع مجموعة العمل الدولية في حزيران (يونيو) الماضي في جنيف. وأوضح العربي أن «المنطقة العربية شهدت منذ قمة الدوحة 2009 تغيرات مهمة تحمل أبعاداً وتداعيات بالغة الأثر على مجمل الأوضاع في المنطقة العربية حاضراً ومستقبلاً»، وأكد أن هذه التغيرات «تفرض على الجامعة العربية مسؤوليات كبرى تجاه توفير كل أشكال الدعم والمساندة الفعالة لعملية التغيير الجارية في تلك الدول لمساعدتها على تجاوز أعباء هذه المرحلة الانتقالية في أقصر وقت ممكن وبأقل قدر من الخسائر أو التكلفة الاقتصادية»، مشدداً على أن «أمن واستقرار أي دولة من الدول العربية يمس مباشرة مستقبل واستقرار جميع الدول العربية والمنطقة برمتها». ورحب الأمين العام للجامعة بانطلاق الحوار الوطني الشامل في اليمن، معرباً عن تطلعه إلى أن يحقق أهدافه في تحقيق بنود المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية. وأشار إلى أن الجامعة تتواصل مع قطر والاتحاد الأفريقي لدعم تحقيق السلام والتنمية في السودان وإقليم دارفور، داعياً الدول الأعضاء إلى المشاركة الفعالة وتقديم تعهدات مالية مقدرة لمؤتمر المانحين الدوليين الذي سيعقد في الدوحة يومي 7 و 8 نيسان (أبريل) المقبل . ولفت إلى أن دعم العملية السياسية الجارية في جمهورية جزر القمر تستحق من الجميع التحية إضافة إلى قدر النجاح الذي تحقق مؤخراً في الصومال على صعيد إتمام المرحلة الانتقالية في البلاد وانتخاب برلمان ورئيس جديد للبلاد، مبرزاً وجوب دعم مسيرة إعادة الإعمار وبناء مؤسسات الدولة في الصومال. وقال العربي: «إن الجامعة العربية تواصل دعمها التام لدولة الإمارات العربية المتحدة لإيجاد حل سلمي وعادل لقضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة عن طريق المفاوضات الثنائية أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية». وكان نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي الذي نقل رئاسة القمة الى أمير قطر في بداية الاجتماع، دعا إلى تشكيل مجلس أمن عربي يتولى حل الإشكالات الأمنية وفق صيغة يتفق عليها، وتؤهل الدول العربية لمقاربة قضايا الأمن العربي كله وبالشكل الذي يكون فيه البيت العربي هو المرجعية والإطار الشامل الذي يتولى حل كل خلاف يقع بعيدا عن التدخلات الخارجية، واقترح النقل الموقت لمقر البرلمان العربي من دمشق إلى بغداد. ورأى الخزاعي أن «تشكيل مجلس الأمن العربي هو الرد العملي على اللامبالاة الدولية بقضايانا وأزماتنا التي باتت تعصف بوجودنا وتهدد استقرارنا وتشل مشروع التنمية في بلداننا، وبدونه سوف نظل رهائن لدى من لا يعنيه أمرنا وبالشكل الذي لا تتوافر معه جدية لملامسة أوجاعنا وتضميد جروحنا أو علاج قروحنا وهو ما يصيرنا في موضوع يلومنا عليه الصديق ويشمت بنا فيه العدو». كما دعا على «تفعيل اقتراح إقامة مؤتمر لنصرة القدس وأهلها الصامدين في مواجهة العدوان الإسرائيلي على المقدسات، وخصوصا المسجد الأقصى، يتم التأكيد من خلاله على أن القدس الشريف جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية، وأن جميع الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي باطلة قانونا ولا يترتب عليها إحداث أي تغيير على وضع المدينة القانوني كمدينة محتلة». ودعا الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي أكمل الدين احسان اوغلو الائتلاف الوطني السوري الى التمسك بالحل السلمي للأزمة السورية، أما رئيس البرلمان العربي أحمد بن محمد الجروان فأعلن رفضه استمرار العنف والقتل في سورية مطالبا الدول والمنظمات المنخرطة في الصراع بأن ترفع الغطاء عن النظام وتوقف امداده بالسلاح.