٭إحدى السمات الكارثية لمعظم قراراتنا الاقتصادية انها تصدر وبقوة واصرار شديدين على تنفيذها ثم بعد ذلك يتم التفكير في دراسة آثارها السالبة وكيفية احتوائها والامثلة لذلك كثيرة جدا سواء كانت قرارات تقع في اطار القطاع المالي او القطاع النقدي؟ ٭ خلال هذا الشهر اعلن عن صدور قرار من البنك المركزي بتوجيه كل البنوك المحلية بتجنيب نسبة (10%) من عائدات الصادرات لتمويل استيراد الادوية ومدخلات انتاجها وآثارها هذا القرار ما زال يثير ضجة كبيرة جدا وسط المصدرين ..؟! ٭ وكما هو معروف وحسب الاحصائيات الرسمية التي تصدر في الدولة دوريا فان صادرات البلاد بعد فقدان عائدات البترول بسبب انفصال دولة الجنوب اصبحت تتكون في المتوسط من صادرات الذهب والتي صارت تقدر في المتوسط بحوالي ثلاثة مليارات دولار في العام يليها في ذيل القائمة الصادرات التقليدية واغلبها تقريبا من القطاع التقليدي محصولات زراعية وماشية بعد اختفاء الصادرات التقليدية تشكل في المتوسط عائدات في حدود (500) خمسمائة مليون دولار في العام..؟! ٭ من هذه الارقام يتضح لنا ان حوالي (88%) ثمانية وثمانون في المائة من عائدات الصادر تأتي من صادرات الذهب الذي يتم شراؤه وبيعه للصادر بواسطة البنك المركزي الذي تحول كما يقولون بالبلدي (سر صياغ السودان) او (شيخ صاغة السودان)..؟! ٭ يوم الثلاثاء 26/مارس الجاري نشرت الصحافة بالصفحة الاولى تحت عنوان: (تسعيرة جديدة للادوية بعد تراجع الدولار).. تصريحا للسيد/ وزير الصحة بضرورة الالتزام بنسبة (10%) المحددة من عائدات الصادر لتمويل وارادات الادوية والمواد الخام للمصنعين لها محليا وهذه نقطة مهمة جدا..! ٭ ومن هذه النقطة المهمة تجيء العديد من الاسئلة المهمة على اساس ان تقديرات احتياجات البلاد من استيراد الادوية والمواد الخام لمصانع الادوية تتراوح بين (350 الى 400) ثلثمائة وخمسون مليون الى اربعمائة مليون دولار في العام وهذا المبلغ يصل لاجمالي حجم عائدات الصادرات التقليدية الفعلية في العام في المتوسط خلال الثلاثة اعوام الاخيرة؟! واذا ما حسبنا مشاركة هذا القطاع رغم رفض قطاع المصدرين للقرار فانها سوف تكون في حدود (50) خمسين مليون دولار في العام رغم كل نتائجه السلبية المتوقعة على قطاع الصادرات التقليدية؟! ٭ بالتالي اذا ما اردنا لقرار البنك المركزي النجاح في تمويل استيراد الادوية ومدخلات تصنيع الادوية فيجب ان يلتزم البنك المركزي على تطبيق توفير هذه النسبة من صادرات الذهب بالتمام والكمال لأن ذلك سوف يوفر لواردات قطاع الادوية حوالى (300) ثلثمائة مليون دولار سنويا اضافة لما هو متوقع من قطاع الصادرات التقليدية والذي سوف يوفر (50) خمسين مليون دولار وكلهما سوف يوفران احتياجات هذا القطاع بمتوسط الحد الادنى وهو (350) ثلثمائة وخمسون مليون دولار في العام؟! ٭ بالتالي وبكل وضوح فان نجاح قرار البنك المركزي باستقطاع (10%) عشرة في المائة من عائدات الصادر لتمويل واردات قطاع الادوية سوف يعتمد اساسا وكليا على التزام البنك المركزي بأن يطبق هذا ال قرار على نفسه اولا بتوفير هذه النسبة من عائدات الذهب التي يشرف عليها حاليا شراءً وبيعا للصادر كما هو معلوم ومعروف. ٭ اهل السودان ظلوا يتابعون من خلال اجهزة وقنوات الاعلام قيادات القطاع الاقتصادي وهي تجتمع بقيادات الدولة والطبقة الحاكمة وتؤكد لهم انها اتخذت القرارات الكفيلة بتوفير الادوية ومدخلات الانتاج من خلال الالزام بأخذ نسبة (10%) عشرة في المائة من عائدات الصادرات وكما اوضحت فان اكبرها واضخمها يأتي من الذهب... ٭ اذن فان نجاح تنفيذ هذا القرار يعتمد كليا على التزام بنك السودان بتطبيقه على صادرات الذهب التي يشرف عليها شراءً وبيعاً للصادر واتمنى وارجو ان يكون البنك المركزي حريصا على ذلك لأنه بعدم تنفيذه هذا القرار على صادرات الذهب يكون قد هزم القرار الصادر منه ويكون لاتحاد المصدرين مليار حق في رفض تطبيق هذا القرار على عائدات صادراتهم التقليدية التي تمثل حوالي (12%) اثني عشر في المائة من اجمالي عائدات الصادرات.. ٭ اذن فان نجاح تنفيذ قرار البنك المركزي لحل مشكلة تمويل واردات الادوية ومدخلات الادوية سوف يعتمد اساسا وكليا على ان ينفذ هو ما يليه في توفير التمويل (10%) عشرة في المائة من صادرات الذهب فهل سوف يفعل ام لا..؟! والايام القادمة سوف تثبت ذلك من عدمه وبالعدم سوف يكون امام اتحاد المصدرين مليار حق لرفض تنفيذ قرار البنك المركزي الذي سوف يحطم قطاع الصادر التقليدي كله..! الصحافة