دعوات للحوار هنا وهناك ولقاءات ونداءات ولعل أبرز دعوات الحوار بين مختلف مكونات الساحة السياسية كانت دعوة النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه وأثارت الدعوة ردود أفعال متباينة مابين مؤيد ومعارض ومشفق وساخر وقالوا أنها بداية لصفحة جديدة وأن الكرة في ملعب المعارضة وقالوا أيضاً الدعوة لاتحمل جديد بل إمتداد لذات السياسات الإقصائية والشمولية ، ، وقال طه " إن المرحلة الحالية مرحلة الحوار الوطني وهو توجه الحكومة بكل مكوناتها السياسية وحق المشاركة مكفول للجميع " غير أن الدعوة لم تجد الأذن الصاغية وقالوا فيها ماقالوا .. وقالت المعارضة علي لسان فاروق أبو عيسي " لا نرى شيئا جديدا في ذلك، انه النهج نفسه ". وتواصلت المواقف الرافضة لدعوة نائب الرئيس السوداني ووصلت قمتها عند الحركة الشعبية – قطاع الشمال رغم أن هناك حوار مؤجل بين القطاع والوطني وبل قالت بعض التسريبات الصحفية أن الحوار يمضي خلف الستار وقال الأمين العام للحركة الشعبية - شمال - ياسر عرمان لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية " إن حديث النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان طه يعبر عن أزمة تخص النظام وحده الذي يبحث عن الشرعية، وأضاف أن النظام الحاكم في بحثه عن الشرعية يريد أن يوظف حتى معارضيه ". وقال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر "إن علي عثمان طرح مبادرة ولا طريق للوصول إلى هذه المبادرة إلا إذا تضمنت طرح حكومة انتقالية تسلم السلطة لحكم انتقالي وبعد ذلك يمكن أن ننظر في أمر مقابلته ". وقال القيادي بالحزب الاتحادي ( الأصل) الدكتور بخاري الجعلي " إن النداء إلى التحاور أو الحوار لا يعني أن النتائج سوف تكون مثمرة والسوابق كثيرة وليس صحيحاً أن الكرة في ملعب المعارضة فهي بالتأكيد في معلب الحزب الحاكم ". ويبدو أن الحزب الحاكم ( المؤتمر الوطني) الذي يوزع دعوات الحوار والتراضي ليس علي قلب رجل واحد في عملية التحول الديموقراطي والحوار مستقبل إدارة البلاد والأمثلة كثيرة ومنها موضوع تنحي رئيس الحزب ورئيس الجمهورية عمر البشير ، النائب الأول الأستاذ علي عثمان محمد طه تجنب تقديم إجابات واضحة للموضوع أثناء المؤتمر الصحفي الأخير وقذف بالموضوع إلي أجهزة الحزب والشعب ! في حين كان القيادي بالحزب قطبي المهدي أكثر وضوحاً وقال إن المؤتمر الوطني لايملك بديل للبشير ومن الضفة الأخري المخالفة جاءت تصريحات رئيس كتلة المؤتمر الوطني بالبرلمان غازي صلاح الدين الذي صرح لوسائل الإعلام قائلاً " أن أمر إعادة ترشيح الرئيس البشير من الناحية الدستورية محسوم إذ ينص الدستور على دورتين للرئاسة فقط ". وفي ظل الأوضاع الماثلة الآن في الساحة السياسية وحالة الإستقطاب الحادة والهجمة الشرسة علي الحريات وغيرها تبدو الدعوات المتلاحقة لصناعة دستور جديد أو الحوار مهمة أقرب إلي المستحيل مالم تقم الجهات المعنية ( الحكومة) بتوفير جو صحفي وديموقراطي للممارسة السياسية ، وتري المبادرة السودانية لصناعة الدستور " أن تحقيق المشاركة في صناعة الدستور لا يتأتى دون إجراء إصلاحات تشريعية عاجلة تهيئ المناخ لميلاد ديمقراطية حقيقية، ولا يمكن ذلك إلا بإزالة و إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات و القوانين المتعارضة مع الدستور الإنتقالي، بالقدر الذي يكفل مشاركة كل السودانيين بصورة ديمقراطية حقيقية مبنية على الثقة في المؤسسات و القوانين ". وتعتقد القوي السياسية المعارضة أن الدعوة لوضع دستور دائم في ظل المعادلة القائمة تعني إعادة إنتاج سلطة المؤتمر الوطني بإسم مختلف وتحت لافتة جديدة وكتابة عمر جديد للإنقاذ و تتخوف القوى السياسية من انفراد الحزب الحاكم بتفصيل دستور جديد يضمن له بقائه فى السلطة لفترة اطول معتمدا على اغلبية برلمانية كاسحة لا تعترف بشرعيتها احزاب المعارضة تأتي تصريحات العديد من قيادات الوطني حول الشريعة الاسلامية واللغة العربية وإنتهاء عهد التعدد الثقافي والديني في الشمال وتصريحات مصطفي عثمان اسماعيل الأخيرة أن الدستور قادم وقال لمن يأبي " موتوا بغيظم " كل تلك التطورات وغيرها تضيف مزيد من التعقيدات وتضع العراقيل أمام السير نحو برنامج وطني متقف عليه. يقول الدكتور محمود مصطفي المكي علي السودان أن يتبني نظام الدولة الاجتماعية التي تكون مسئولية السلطة فيها مسئولية دستورية عن محاربة الفقر والعمل علي تجسير الفجوة بين الأغنياء والفقراء وأن يكون لكل مجموعة الحق في العيش في اطار هويتها ودينها دون إملاء من أيه جماعة .. رغم أن هناك من يعتقد أن الأوضاع الحالية لاتصلح لكتابة أي دستور وأن المطلوب إجراءات أولية ضرورية تمهد الملعب السياسي لإستقبال مباراة سياسية تحتكم لقواعد اللعب النظيف وتثور أسئلة عديدة وشائكة حول ملامح الدستور القادم – بعد الإستجابة لمتطلبات اللعب النظيف - : هل نريد النظام البرلماني أم الرئاسي، هل النظام الرئاسي يكون في شكل مجلس أو في شخص واحد له عدد من النواب؟ كيف يختار هؤلاء النواب؟ تضييق سلطات رئيس الجمهورية الحالية أم الإبقاء عليها، وما هي الضوابط لحسن استخدامها؟ هل يقوم النظام الفيدرالي على الولايات القائمة أم على أقاليم السودان الستة القديمة؟ توسيع سلطات الولايات الحالية أم الإبقاء عليها كما هي، أسس توزيع الدعم المركزي للولايات، أسس توزيع إيرادات الدولة على أوجه الخدمات المختلفة، تحديد عدد الوزارات الاتحادية والولائية وعضوية مجالسها التشريعية، مصادر التشريع هل تكون إسلامية أم علمانية أم مدنية إسلامية؟ هل يوضع دستور لكل ولاية أم يكتفى بوضع دستور موحد شامل للمركز والولايات؟ تحديد وضعية الهيئة القضائية والقوات النظامية والخدمة المدنية والجامعات وكفالة استقلالها وقوميتها، وثيقة الحقوق والحريات الفردية والجماعية وحمايتها من انتهاكات الأجهزة التنفيذية ..الخ.