عُرف عن الفنان الراحل خليل إسماعيل أنه كان يمتلك عدداً غير قليل من الكلاب.. كان يطعمها بعينيه قبل يديه.. مما جعل بينهما علاقة حميمة جعلت هذه الحيوانات تُصاب بما يشبه اللوعة في حالة غيابه عنها.. ويحكى أن خليل إذا شعر أن واحداً من هذه الحيوانات يعاني من وعكة بسيطة يظل طوال ليله ساهراً.. قلت له مرةً: ألا تشعر أن وجودك بين هذه الحيوانات قد تتعرض معه حياتك إلى الخطر؟.. قال باسماً: لقد تنكر لي كثير من الناس كنت أفرش لهم رموشي يمشون عليها، وأشار إلى أن الوفاء عند هذه الكلاب قد يكون أكثر من وفاء الآدميين.. ومن ناحية أخرى أخبرني الأخ الفنان أبو عركي البخيت أن هذه الكلاب قد اعترضت سبيلنا ونحن نحمل جثمانه إلى خارج المنزل.. وأضاف: إلا أنها ترجعت أخيراً وهي تنظر إليه محمولاً على أكتافنا في حزن عميق.. مما جعلني أشعر أنها تعلم أنه الوداع الأخير. * أثناء زيارة تفقدية قام بها الراحل عمر الحاج موسى إلى مدينة كسلا، كنت من بين الوفد الصحفي المرافق له.. الذي أذكره أن الوقت كان صيفاً، كادت معه أن تحترق قمة جبال التاكا احتراقاً.. بعد لحظات من وصولنا قلت أستأذن السيد الوزير في القيام بزيارة إلى الأهل والأصدقاء، فقال لي أرجو أن لا تنسيك فرحتك بالأحباب أن توجِّه دعوة رقيقة مني إلى الشاعر الراحل محمد عثمان كجراي، حيث إني في أمسّ الحاجة لاتكاءة شرقية مضمخة بعبق من صندل قصائده خرافية الإبداع.. كانت سعادتي بتلك الأمسية التي جمعت بين عمالقين أكبر من خيال المتنبئ وهو يمدح سيف الدولة.. وكيف أنسى أن شاعراً في قامة الراحل مصطفى سند قال: لكم تمنيت أن أكتب الشعر الذي يكتبه كجراي.. ويُحكى أن كجراي تلقى أمراً من وزارة التربية والتعليم بنقله إلى مدينة غير كسلا، فرفض تنفيذ النقل مما أدى إلى فصله عن العمل نهائياً. وصلت الأخبار إلى الراحل عمر الحاج موسى فأمر بإعادته للعمل مترقياً. * ذات صباح خريفي بدأ المذيع الراحل أحمد قباني في قراءة نشرة الإخبار الرئيسية من إذاعة أم درمان.. واصل قباني قراءته للنشرة بصوته العميق النبرات دون أن يتنبّه إلى أن هناك عقرب صغير يتجه إليه في خفة راقصة باليه.. أحسَّ قباني برعشة من فزعٍ مكتومٍ يستولي عليه.. فأخذ يسأل نفسه قائلاً: ترى كيف يتسنّى له الخروج من هذا المأزق.. خطرت بباله أن يقوم بقطع قراءته للنشرة والنجاة بعمره من لدغة مؤكدة، ولكنه تذكر أن مدير عام الإذاعة السودانية العقيد الراحل التاج حمد سيرمي به من خلال نافذة قطار يجري بسرعة ألف كيلومتر في الساعة، خاصة وأنه يتهيأ هذه الأيام للحصول على نجمة جديدة تبرق على كتفه.. كما أن الصحافة السودانية ستجعل منه مادة أساسية على صدر صفحاتها الأولى، إلا أن النجدة قد أتت إليه على طبق من الحنيَّة حين تحوَّلت العقرب وهي بكامل إرادتها إلى خارج الإستديو. عسل شرقي جداً: لو كسوك عقد الجواهر يبقي نورك ليهو جاهر أما أمواج الضفاير خلت الليل كلو داير إنت نايم في حريرك والمساهر بيك يساهر قنون