دعا الخبير الأممي الدكتور الصادق أبو نفيسة، سوداني الاصل، كندي الجنسية، الشباب السوداني في مختلف المهاجر إلى أن يضع عصا الترحال حينما يشعر بأن الارض تضيق بوجوده، او ان فرص العمل ضئيلة امامه، فالوطن مهما اشتدت به الصعاب يصبح الملاذ الآمن لكل عائد من هجرة او اغتراب غير ذوي جدوى. وقال د. ابو نفيسة في حوار مع «الصحافة» ان كثيراً من السودانيين يعملون في منظمة الاممالمتحدة، منذ سنوات طويلة، ويضطلعون بأدوار مهمة داخل اروقة المنظمة، كما تحدث عن نسب العرب داخل المنظمة، وابرز الرؤساء الذين عمل معهم، والمناطق التي عمل بها، وفي ما يلي تفاصيل الحوار: ٭ كم نسبة العرب في الأممالمتحدة، وهل هم في حاجة أكبر للوجود والمشاركة، وكيف سبيلهم لذلك؟ التوظيف في السكرتارية «الأمانة العامة» يتم عن طريق نظام الحصص (quotasystem)، أما التعيين في بقية المجالات فإنه يتم عن طريق التنافس، غير أن جميع الأقسام في المنظمة تهتم بأن تعكس عملية التوظيف بغير الصفة العالمية للمنظمة وذلك عن طريق التمثيل الإقليمي تمشياً مع نص الميثاق. ويلاحظ أن لبعض الدول العربية تمثيلاً أفضل مما لغيرها، وقد يعود ذلك لأسباب تاريخية أو غير ذلك. وقياساً بمجموعة الدول العربية نجد أن تونس ولبنان تتمتعان بأكبر نسبة توظيف في المنظمة بالنسبة لعدد السكان في هاتين الدولتين. كذلك نجد أن السودان ومصر يحظيان بتمثيل معقول إلا أنه لا يتناسب وحجم سكانهما. أما بالنسبة لدول الخليج كمجموعة، فيمكن القول بصورة عامة أن تمثيلها ضعيف. ويمكن إرجاع السبب في ذلك إلى عزوف مواطنيها عن العمل في المنظمات الدولية. فلماذا يعتقد ذلك؟ وبالنسبة لليبيا يصعب تحديد وضعها الآن، غير أن لها عدداً من العاملين بمختلف المنظمات، إذ كان لها مساعد للأمين العام (ASG) في مطلع تسعينيات القرن الماضي في برنامج الأممالمتحدة للإنماء (UNDP) وفي برنامج الصحة العالمي (WHO) وفي السكرتارية. ٭ من هم رؤساء الأممالمتحدة الذين عَملت معهم.. ومَنْ أفضلهم ولماذا؟ حسب رؤيتي لأهمية القرار السياسي الإنساني في عصرنا الحاضر، لا سيما حينما يتعلق الأمر بمنطقة ساخنة مثل منطقة الشرق الأوسط، فإن الترتيب الآتي يتماشى مع رؤيتي لأداء كل من الأمناء خلال فترة عملي بالمنظمة: 1 بطرس غالي 2 بيريزد كولار 3 كوفي عنان 4 بانكي مون. ٭ ما أبرز المناطق التي عملت فيها، وهل كان دور الأممالمتحدة مقنعاً بالنسبة لك بحكم أنك تطلع على الأمور من الداخل؟ بدأت عملي مع المنظمة بعد نهاية الحرب الباردة، وكما ذكرت فقد اتسمت هذه المرحلة بانعدام التوازن الدولي وحُمَّى الصراعات الداخلية والإقليمية التي كان للولايات المتحدة فيها قرار الحسم. أما مناطق عملي فقد شملت كمبوديا، جنوب إفريقيا، أفغانستان «مرتان»، العراق «مرتان» غانا، ورئاسة الأممالمتحدة في نيويورك. وكان معظم عملي في تلك الدول ميدانياً ومتعلقاً بالديبلوماسية الوقائية الرامية لمنع أو فض النزاعات وبناء السلام وإرساء قواعد الحكم الراشد (Goverriance). ٭ هل أنت مقتنع بعمل المنظمة في مناطق الصراع خصوصاً التي عملت فيها ميدانيا؟ نسبياً أستطيع القول إن دور المنظمة كان مقنعاً لي في كل من كمبوديا، جنوب إفريقيا، غانا ونيويورك. ولم يكن مقنعاً في كل من أفغانستان والعراق، وذلك لأسباب ليس هنا مكان الخوض فيها. ٭ حق «الفيتو» يجعل الأممالمتحدة هشة وفاقدة لمصداقيتها.. أليس هناك علاج قانوني وإداري لهذا الحق الذي ينتهك سلطة الأمم؟ منذ إنشاء المنظمة قررت الدولة المنتصرة في الحرب أن تكون لها اليد العليا في تسيير الأممالمتحدة، ولذلك أقرت حق الفيتو بوصفه آلية للتوازن بين القوتين العظميين خاصة في ما يهدد السلم، غير أن هذا الحق قد تمدد لحماية مصالح القوى الكبرى. وبانتهاء الحرب الباردة، ضعف أو تلاشى العرف الذي كان سائداً في صنع القرارات الدولية، وهو عرف أو مبدأ الجماعية في اتخاذ القرارات الدولية الحساسة وقد عرف ب (Multilateralism)، حيث حل محله مبدأ الأحادية (Unilateralism) متمثلاً في الولاياتالمتحدة الأميركية، بالرغم من احتفاظ روسيا بمقعد الاتحاد السوفيتي السابق في مجلس الأمن، وبممارسة حق الفيتو أي حق النقض، إلا ان روسيا لم تكن بتلك القوة التي تؤهلها لمنازلة أميركا، كما أنها بدأت بالانكفاء على قضاياها الداخلية التي لعب الغرب دوراً كبيراً في حراكها. وليس هناك مخرج للخلاص من حق الفيتو أو تعديله إلا بتعديل ميثاق المنظمة لإحداث توازن في مجلس الأمن، بمعنى أن تفتح العضوية للدول النامية، وهي اليوم تتمتع بأكثر من ثلثي أعضاء المنظمة، وكذلك لبعض الدول المتقدمة، بحيث يتم ذلك التوازن إما لإلغاء هذا الحق أو لتعديل المعايير التي تسمح باستخدامه، غير أن تعديل الميثاق ليس بالأمر السهل، وهو بحاجة إلى تحول في قوة ووحدة كتلة الدول النامية، أو ما يعرف بكتل ال «77» والتي تضم «132» دولة بجانب دول أخرى يمكنها مساندة هذه الكتلة. ٭ أين تقع المرأة العربية من خريطة الأممالمتحدة؟ وهل الفرصة متاحة لها؟ لم يكن للمرأة العربية دور بارز في تلك الخريطة، ومرة أخرى يعود ذلك لضعف الوجود العربي في المنظمة. إن مواقع صنع القرار من مديري أقسام ومساعدين ووكلاء للأمين العام تملأ سياسياً، خاصة على مستوى الرئاسة والبرامج وغيرها، وهنا مربط الفرس، حيث أن الدول ذات الفاعلية والنفوذ في المجلات السياسية والإنسانية أو الدول التي لها حظوة عند الكبار بإمكانها تثبيت مواطنيها رجالاً ونساءً في تلك المواقع. ورغم ذلك فقد حدث في أواخر تسعينيات القرن الماضي أن حظيت سيدتان عربيتان بمركزين مرموقين في المنظمة، الأولى كانت الدكتورة ريما خلف أردنية وعينت في مرتبة مساعد أمين عام (VNDP) ومديراً إقليمياً، أما الثانية فكانت سيدة من البحرين حيث عينت في درجة (ASG) مساعد الأمين العام/ أو في وظيفة وكيل الأمين العام في الأمانة العامة.