رفض معتقلون سياسيون في السودان، أطلق سراحهم قبل أيام قليلة، دعوة الرئيس عمر البشير للحوار "قبل الاستجابة لمجموعة من الشروط التي وضعوها". وقلل المعتقلون، خلال مؤتمر صحفي عُقد يوم السبت، من أهمية قرار البشير إطلاق سراحهم، وشككوا في جدية دعوته للحوار مع كل القوى السياسية. وقال زعيم حزب التحالف السوداني عبد العزيز خالد في المؤتمر الذي شارك فيه عدد من المعتقلين المطلق سراحهم، إن الدعوة للحوار تتطلب "وقف الحرب مع الحركات المسلحة وتشكيل حكومة قومية انتقالية وإطلاق الحريات العامة"، وجدد رفض المعارضة المشاركة في حوار في ظل "هذه الظروف". وأوضح خالد، وهو جنرال سابق في الجيش، أن هذه "ليست شروطًا لعرقلة الدعوة للحوار؛ لأننا نؤمن به لكن يتعين أن يكون بأسس صحيحة ودون أخطاء تعيدنا إلى المربع الأول". وأعلن الرئيس السوداني الأسبوع الماضي إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين؛ وذلك تهيئة للمناخ المواتي للحوار مع كل القوى السياسية في البلاد. ولم تعلن السلطات السودانية عن العدد الإجمالي للمفرج عنهم، لكن وسائل إعلام محلية، قالت إن من بين المفرج عنهم 6 من قادة أحزاب المعارضة اعتقلهم الأمن السوداني منذ ديسمبر؛ بسبب توقيعهم على وثيقة مع الحركات المسلحة بكمبالا نصت على إسقاط النظام عبر المسارين السلمي والعسكري. من جهته، قال القيادي بالحركة الاتحادية محمد زين العابدين إنَّ الهدف من لقاء الحركات المسلحة في كمبالا كان "الحفاظ على وحدة ما تبقى من السودان لأن الحرب هي التي أدت إلى انفصال الجنوب". وأوضح أن الحركات المسلحة أكدت لهم أنها "لا تمانع في وقف الحرب في حال كانت هناك خطوات جادة لإدارة حوار شامل يفضي إلى تغيير حقيقي". واتهم جهاز الأمن والمخابرات بالعمل على تأمين الحزب الحاكم وليس تأمين البلاد وانتهاك الحقوق الدستورية، بحسب قوله. بينما استنكر القيادي بالحركة الاتحادية عبد الرحيم عبد الله "تكفير" بعض العلماء للموقعين على الوثيقة ووصفهم بأنهم "علماء سلطان"، ونبه إلى أن الوثيقة لم تنص على فصل الدين عن الدولة كما ادعت الحكومة وعلماؤها بل نصت على "عدم استغلال الدين في العمل السياسي". ووصف تنصل قادة أحزاب المعارضة من الوثيقة بعد يوم من توقيعها - بحجة أن الموقعين لم يكونوا مفوضين من أحزابهم - بأنه "عمل مشين" لأن كل ممثلي الأحزاب كانوا مفوضين من أحزابهم وعلى اتصال دائم بقياداتها. وتنصل قادة الأحزاب عن الوثيقة بعد يوم من توقيعها بحجة أن الموقعين لم يكونوا مفوضين وأن تفويضهم يقتصر على إقناع الحركات المسلحة بترك العمل العسكري ومناقشة رؤية أي طرف لحل أزمات البلاد. بينما وصف رئيس الحزب الناصري جمال إدريس قرار البشير إطلاق سراح المعتقلين ودعوته للحوار ب"كلام فارغ" لأن المعتقلين في الأصل انتهكت حقوقهم ولا يوجد مبرر قانوني لاعتقالهم. وشكك في الدعوة إلى الحوار بالقول إن الحزب الحاكم حتى الآن "لم يعترف بأخطائه وتمزيقه للبلاد ويريد أن يناور لاكتساب شرعية من خلال دعوته غير الجادة للحوار". من جهتها شككت القيادية بالحزب الناصري انتصار العقلي، التي كانت معتقلة أيضًا، في إعلان السلطات السودانية إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، وقالت إن 34 من النساء الناشطات لا يزلن معتقلات في سجن مدينة الأبيض (حوالي 588 كيلو متر جنوب غرب الخرطوم) ولم يطلق سراحهن. ورفضت أحزاب المعارضة في سبتمبر الماضي دعوة البشير لإدارة حوار وطني تمهيدًا لكتابة دستور جديد اقتضاه انفصال الجنوب في يوليو عام 2011 . وبررت المعارضة رفضها في حينها بأن دعوة البشير للحوار "غير جدية وأنه يهدف من خلالها إلى كسب مزيد من الشرعية لتكريس سلطته عبر مشاركة ديكورية للمعارضة". وفي يونيه ويوليو الماضيين، شهدت العاصمة الخرطوم وعدد من مدن السودان احتجاجات استلهمت شعارات الربيع العربي بسبب خطة تقشف قاسية تبنتها الحكومة شملت رفع الدعم عن الوقود وزيادة الضرائب، لكن الأجهزة الأمنية استطاعت احتواءها.