مجذوب أونسة فنان جميل شكل إضافة حقيقية لمسيرة الأغنية السودانية بعدد كبير من الأعمال التي تتناقلها الأجيال حتى الآن، فأغنياته لها طابع رائع ومميز لعل ذلك يرجع لامتهانه صياغة الذهب في بداية حياته وعكس لمعانه على أغنياته حتى خرجت بهذه الحلة الزاهية.. (آخر لحظة) جلست اليه ووجهت إليه عدداً من الاتهامات منها الكسل الفني الذي يعاني منه لفترة طويلة، كما تطرق إلى أسباب تدني الساحة الفنية الآن التي أرجعها لعدة أسباب.. والكثير غير ذلك.. فإلى حديث الفنان الكبير مجذوب أونسة: ألا ترى أن اسم أونسة غريب بعض الشيء وغير شائع في السودان؟ - ضحك وقال: هو اسم العائلة ويرجع تاريخه إلى أيام السلطنة الزرقاء حيث كان هناك سلسلة ملوك باسم أونسة الأول والثاني وهكذا، فاطلق هذا الاسم على جدي تيمناً بهم، وبعد ذلك دار هذا اللقب في العائلة حتى أصبح اسماً لها، رغم أن جدي هو الشيخ عبد الكريم أبو حن وله مزارات بالمنطقة. تدور العديد من القصص مفادها أنك دخلت إلى عالم الغناء عن طريق الصدفة.. ما هي حقيقة هذا الحديث؟ - أنا أعشق الفنون بشكل عام خاصة الرسم، ولكن بصراحة لم أفكر في أن امتهن الغناء رغم أنني كنت أحب ترديد الأغنيات والقصائد، وشجعني مجموعة من المطربين الذين التقيت بهم في مدينة الدامر على الولوج لعالم الغناء، فكونت فرقة صغيرة من العازفين وكنت أغني في مساحات ضيقة لأن أسرتي كانت ترفض احترافي الغناء، ولكن بعد أن اتسعت شهرتي في ولاية نهر النيل أعلنت احترافي للغناء وشجعني على ذلك الفنان الكبير الراحل حسن خليفة العطبراوي عندما قال في إحدى الحوارات الصحفية (على الفن السلام في مدينة عطبرة والأمل معقود على مجذوب أونسة) وكنت وقتها أردد أغنيات الفنان محمد وردي وصلاح بن البادية. يرى بعض النقاد أن ثنائيتك مع شقيقك الشاعر حسين أونسة خ صمت منك كثيراً وجعلت أغنياتك تسير بوتيرة واحدة بدون تنوع؟ - رد بانفعال.. هذا الاتهام مردود تماماً، فقد تعاملت مع عدد كبير من الشعراء من بينهم حسن الزبير والصادق الياس وعبد العال السيد والفاتح حمدتو وغيره، ولكن بصراحة ما يؤلمني أن عددا كبيرا من هذه الأغنيات ظل حبيساً ولم ير النور حتى الآن رغم جاهزيته. مقاطعة.. ولكنك بصراحة فنان بلا جديد وتعيش على أعمالك القديمة؟ - سكت قليلاً وقال: هذا الاتهام صحيح لدرجة كبيرة ولكن له مسبباته فالمناخ الفني غير مهيأ الآن للإبداع وأصبح هناك ركود فني يرجع لحرب غير معلنة ضد الفن، لعل ذلك يرجع للظروف التي كانت تمر بها البلاد في الفترة السابقة، بالإضافة إلى أن شركات الإنتاج الفني أسهمت بصورة كبيرة في هذا الخمول من خلال فتحها الباب أمام الأصوات الجديدة التي تنتج أعمالها بأجور ضعيفة وأحياناً دون مقابل مادي، والمؤسف في ذلك ترديدهم لأغنيات كبار الفنانين، وحصلوا على شهرة مصطنعة جاءت على حسابنا. ولكن.. ألا ترى أن قانون الملكية الفكرية قد ساهم كثيراً في حفظ حقوق المبدعين؟ ü طبعاً القانون نظرياً ممتاز ولكن عملياً حدث ولا حرج مثله ومثل غيره من القوانين يمكن اختراقه والتحايل عليه خاصة وسط المناخ الفني الحالي المليء بالمتكسبين من الفن، فهناك حالات لا يمكن ضبطها تضر بالفنانين. مقاطعة.. ولكن اشتكى عدد من المطربين الشباب من بعض الفنانين والملحنين والشعراء الكبار الذين استغلوا هذا القانون في جني الأموال منهم؟ - ليس لدي فكرة عن هذا الحديث، ولكن أرفض مثل هذه الممارسات إن وجدت لأنها تخلق بيئة فنية مشوهة كفيلة بقتل الفن السوداني للأبد، ولكن مع ذلك فعلى المطربين الشباب الاجتهاد أكثر والاعتماد على أنفسهم لخلق لونية غنائية خاصة بهم لأن تكسبهم الحالي من أعمال الغير أدى لتردي الأغنية بصورة كبيرة. إذن.. بصراحة كيف ترى الساحة الفنية الآن؟ - بصراحة شديدة الكلمة الجميلة أصبحت قليلة وأرجع ذلك لبرنامج (نجوم الغد) والبرامج المماثلة له فقد كان لها أثر سالب بصورة كبيرة على ازدهار الفن، وأسهموا في ظهور أصوات ضعيفة لا تمتلك أدنى مؤهلات ولم يتم إخضاعهم لتمحيص كافي قبل ظهورها على الشاشة، لذلك لم تصمد طويلاً في الساحة رغم الضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حولها لأنها أصوات مصنوعة، بالإضافة إلى أن بعضهم يتغنى بكلمات لا يفهمها لا يُحسن نطقها فكيف يتم إظهارهم إلى الجمهور في أجهزة لها هيبتها ومكانتها. لكن بصراحة يقال إن هجوم بعض كبار المطربين على الشباب يرجع لأنهم تسيدوا الساحة الفنية من خلال تواجدهم الدائم في المناسبات الخاصة وانعكس ذلك سلباً عليكم؟ - هذا الكلام ليس صحيحاً فهنالك أصوات شبابية جادة ندعمها ونشجعها أمثال محمود عبد العزيز ووليد زاكي الدين وغيرهما من المطربين الشباب الذين ظهروا خلال ال (15) عاماً الماضية فقد مثلوا إشراقات فنية جديدة، أما دون ذلك فهراء وخصوصاً مدعي الفن الذين ظهروا مؤخراً فلا أرى فيهم نجوم غد ولا نجوم عز الظهر. دار جدل كثير جداً عن ضعف الأصوات النسائية في الساحة.. ما رأيك فيها؟ - هناك أصوات تركت بصمة مميزة على خارطة الغناء النسوي أمثال عائشة الفلاتية ومنى الخير وغيرهما، بالرغم من أنني لا أميل لفكرة أن تحترف المرأة الغناء.. والآن هناك بعض الأصوات الجميلة مثل ندى القلعة التي تختار أعمالاً تناسب إمكانياتها وقدراتها، وبصراحة لا استمع للأصوات النسائية الجديدة فليس فيها ما يلفت نظري لعدم وجود موهبة واعدة. كيف ترد على الأصوات التي تقول بأن مجذوب أونسة فنان يعيش على أعماله القديمة؟ - استعد لتقديم عدد من الأعمال الجديدة سوف ترى النور قريباً منها (مصلوب على الأقدار) وهي من كلمات الشاعر د. ياسر حسن عبد الله وألحاني ويقول مطلعها:- عكر مزاجي .. وكيف المزاج يرجع يا قلبي إنت رهيف .. يوماتي تتوجع بنزف جروحي نزيف .. ومشاعري تتقطع وكلما أحاول أقيف .. ألقى الضياع أسرع في الختام.. ماذا تود أن تقول؟ - أشكر أسرة العروسة المميزة (آخر لحظة) على هذه الإطلالة الجميلة عبر صفحاتها المليئة بالإبداع والإبهار الصحفي وأتمنى لها مزيداً من التقدم والازدهار ومواصلة النجاح. آخر لحظة