الفنان الشاب أحمد حسن محجوب الشهير بقرقوري يمتلك صوتاً طروباً جداً وحضوراً طاغياً، ولكن ظلت بعض الأعمال الغنائية التي يقدمها مثاراً للجدل في الأوساط المختلفة والمعنية بالفن بصورة خاصة.. آخر لحظة جلست اليه ووجهت له الكثير من الاتهامات حول إفساده للذوق العام، وتشويه أغنيات الحقيبة وغيرها.. كما أبدى رأيه- بصراحة يُحسد عليها- في أداء أبناء جيله من المطربين الشباب، والألقاب التي تطلق عليهم بدون وجه حق.. كما تأسف للإساءات المتواصلة التي يرميهم بها عدد من الفنانين الكبار... والكثير غير ذلك.. فإلى حديث الفنان قرقوري:- البدايات كيف كانت.. وما مدى تأثير جامعة أمدرمان الأهلية في ظهورك؟ - بدأت الغناء منذ وقت مبكر في المرحلة الثانوية، وبعدها انتقلت للدراسة بجامعة أمدرمان الأهلية والتي كان لها دور كبير جداً في ظهوري وشهرتي الفنية، ومن ثم واصلت مشواري الفني. اشتهرت بلقب قرقوري.. من أين جاء هذا اللقب؟ - ضحك وقال: سمعت يا عبدالرحمن بنكتة «يا ريتو لو التمساح كان بلعني وريحني»، ده حالي! فهذا اللقب أطلقه عليَّ مدرب يُدعى عبيد شندي، وكنت وقتها ألعب في براعم الهلال، حيث كنت أشاهد مباراة بين الموردة والهلال الذي ارتدي شعاره، فأحرزت الموردة هدفاً جميلاً، فوقفت إعجاباً بالهدف، وتم فصلي من الفريق وعدت بالواسطة، وأطلق علي لقب قرقوري الذي ظل يلازمني حتى الآن. بصراحة.. أنت متهم بإفساد الذوق العام من خلال ترديدك لعدد من الأغنيات الهابطة على شاكلة (مهند ونور- الحب بقى كلام فاضي) وغيرها من الأعمال الهابطة؟ - أنا لا أفسد الذوق العام، هذا هو واقع الذوق العام، فالجمهور أصبح يطالب بالغناء الخفيف، ونحن نردد أغنيات خفيفة لأشياء ووقائع معاشة لا علاقة لها بالإفساد ولا تخدش الحياء.. فإذا قلت (الحب بقى كلام فاضي) فهل في ذلك إفساد للذوق العام- ولمن يرى ذلك فلا أريد أن أقول إنني أمير المفسدين ولكنني متأكد تماماً أنني لا أفسد الذوق العام. مقاطعاً.. ألا تعتقد أنك من خلال عمل (الحب بقى كلام فاضي) تهدم المشاعر والمعاني الجميلة والسامية للحب؟ - أنا لا أهدم معاني الحب السامية، بالعكس تماماً.. تختلف نظرة الناس من شخص لآخر في الحب، منهم من يعيش قصة حب جميلة والعكس، فلا يمكن أن أغني للشخص المبسوط في حياته فقط (حبيبي تعال مدام الريد اختلط بالدم)، فلماذا لا أغني للشخص الحزين طول العام أغنية تخرجه من حزنه، لأقوى موقفه قليلاً، مثل أغنية (مهند ونور)، فعندما عرض هذا المسلسل تزمَّر منه الشباب كثيراً لاهتمام النساء بشخصية مهند، ونتج عن ذلك الكثير من حالات الطلاق والخلافات الزوجية في كل العالم العربي، فنحن الدولة الوحيدة- وبهذا العمل الذي يوصف (بالهابط والتافة) استطعنا من خلال هذه الأغنية أن ننصف الرجال ونرد لهم حقوقهم ونقف ضد هذا المسلسل، ولم نوجه فيها إساءة لأي شخص لأن هذا مرض ليس إلا. مقاطعاً.. ولكنك وجهت إساءة كبيرة للمرأة السودانية وجرحتها لترديدك لعمل (مهند ونور) من خلال كلمات الأغنية؟ - أنا لم أجرح المرأة السودانية نهائياً.. فإذا قلت لها (اعقلي شوية وبطلي الأوهام ناس مهند ونور مسلسلات وأفلام).. لم أهن المرأة أو أخدش حياءها، ولكن أضع معالجات لمشاكل المجتمع، وبصراحة مافي سودانية بتشبه (نور)، فيمكن أن يكون هنالك أفضل وأجمل منها. وهذا المسلسل جاء نتاج قصة من وحي المؤلف وخياله بكتابة شخصية تخيلها برومانسية عالية جداً. فأين هذا الحب من واقعنا المعاش. ولكنك بصراحة تجري وراء صراعات فارغة على شاكلة دخولك للمحاكم لإثبات أحقيتك بترديد عمل متواضع مثل (مهند ونور)؟ - أولاً أنا لم أجرِ خلف المحاكم، ولا أحب المشاكل وأسعى دائماً لحلها بالطرق السلمية، بالإضافة إلى أنني لا أتعدى على حقوق الغير، ولكن أقول بصراحة الشاعر الذي يشتكي في المحاكم بسبب أغنية مثل مهند ونور ده «راسو فاضي» ويهدف من خلال هذا الشكوى إلى التكسب المادي، حيث طالب بتعويض قدره «600» مليون جنيه، ورد قرقوري ساخراً: عليك الله يا عبدالرحمن مهند الحقيقي الآن يكون عندو (600) مليون خلي قرقوري المسكين ده.. فإذا كان هذا الشاعر أصلاً يحتاج للمال فليترك الشعر ويتجه للتجارة، وأقول بكل صراحة هذه الأغنية لا ترتقي لمرحلة الدخول بسببها إلى ساحات المحاكم!! مع احترامي لك يا قرقوري.. أنت صاحب صوت جميل ومميز، ولكنك غير موفق في اختيار الأعمال وتهدر صوتك في أعمال «هايفة»؟ - أولاً أنا احترم وجهة نظرك ورأيك يا أستاذ، لذلك أحب أن أوضح لك بأنني لا أهدر صوتي في أعمال هايفة كما قلت، وإعي جيداً ما أفعله، بالإضافة إلى أنني امتلك عدداً كبيراً من الأغنيات الجميلة التي وجدت انتشاراً واسعاً في الساحة الفنية حتى أصبحت قبلة لعدد من المطربين الشباب الذين يحرصون على ترديدها.. فإذا كنت أنا يا أستاذ عبدالرحمن أهدر صوتي كما تقول في أعمال هايفة، فماذا يفعل من يتغنون بأعمالي!!. حلقة (ذوق جيل) التي شاركت فيها مع عدد من زملائك على قناة هارموني، وجدت الكثير من النقد وتم وصفها (بالسقطة).. ما رأيك فيها؟ - ذوق جيل، هي عدة حلقات والحلقة مثار الجدل فيها هي التي نقلنا فيها الغناء الواقعي الذي يسود الساحة الفنية الآن، وأوضحنا للجميع بأن الجمهور عايز كده، وبصراحة نحن (لم نقلب الهوبا)، بل عكسنا واقعنا الفني. مقاطعاً.. ولكنكم عكستم أسوأ مافي الساحة الفنية وأهبطها من أعمال.. ألست نادماً على المشاركة في هذه الحلقة؟ - أنا راضٍ عن نفسي تماماً، ولا أحس بالندم نهائياً، وهذا ليس تحديا لأننا كما قلت سابقاً حاولنا عكس الواقع لنفسية الشعب السوداني وماذا يريد عبر تجارب عايشناها في الحفلات الخاصة التي شاركنا بالغناء فيها. بصراحة شديدة.. ألا تعتقد بأنك وأبناء جيلك من المطربين الشباب دمرتم الأغنية السودانية وأفسدتم الذوق العام من خلال تشويهكم لأغنيات الغير وظهوركم بأعمال خاصة أقل ما يقال عنها أنها ركيكة ودون المستوى؟ - أولاً نحن لم نشوه أغنيات الحقيبة نهائياً، فأنا مثلاً أرددها بمثل طريقة أدائها السابقة، ولم أضف لها شيئاً من عندي سوى إدخال بعض الآلات الموسيقية في محل الكورس القديم، وهذا ليس تشويها لأن الأغنية يجب أن تستخدم في موضعها، وأي أغنية لديها وقت وزمن معين تخرج فيه، والفنان الذي لا يعرف ذلك «ده ما فنان». بصراحة.. الأصوات الشبابية التي ظهرت في الساحة الفنية مؤخراً.. هل شكلت إضافة أم كانت خصماً؟ - بصراحة شديدة أغلبية الأصوات التي ظهرت في الساحة كانت خصماً عليها ف 98% منهم ديل ما فنانين، وأنا لا أقول هذا الحديث من فراغ، فالفنان ليس صوتاً فقط وإنما إنجازات، فيمكن أن نخرج (10) فنانين في اليوم، ولكن هل يستطيعون أن يثبتوا وجودهم فالوسط الفني مثل الغابة (القوي ياكل الضعيف)، وفي النهاية كل فنان حسب اجتهاده وتطوره حتى يثبت وجوده ويصل للمقدمة. ما رأيك في بعض الألقاب التي تطلق على زملائك من المطربين الشباب، مثل الإمبراطور والقيصر وسلطان الطرب وغيرها.. هل وصلوا لمرحلة هذه الألقاب في وجود عمالقة الأغنية السودانية؟ - هي ألقاب ليس إلا، ولا تشكل أي إضافة، ومن المفروض أن لا تطلق في وجود العمالقة مثل وردي و ود الأمين وغيرهم، ولكن مادام كل فنان أصبح يصنف نفسه لوحده فمن الأفضل تكوين لجنة تصنيف لمعرفة الباشا من الإمبراطور، وتفرز بين العندليب والعنقريب. لماذا تعزي الهجوم المتواصل من قبل كبار الفنانين تجاهكم؟ - بصراحة نحنا فنانين «جوه عين أي زول» ودوام الحال من المحال، فكما جاء الكاشف وكرومة وسرور وذهبوا، سوف يأتي نفس اليوم الذي نذهب فيه نحن أيضاً، لذلك على الفنانين الكبار توجيه النصح لنا بدلاً من توجيه الإساءات لنا، حتى نستفيد من خبراتهم وحتى لا نعيش في أجواء المعارك.. وبصراحة شديدة نحن لا نحب الإساءات التي يوجهها لنا المطربون الكبار، فإذا رجعنا إلى ماضيهم لوجدنا كل واحد منهم ردد أغنيات هابطة و«عفص» عليها ليعلو. مقاطعاً.. هل تعني بهذا الحديث انعدام عملية تواصل الأجيال في الوسط الفني؟ - نعم.. ولكن في الفترات الأخيرة أصبح الفنانون أكثر وعياً بضرورة تواصل الأجيال، حتى أصبحنا نتواصل فيما بيننا ونلتقي في الاتحاد لنتشاور في أعمالنا، ولكن هذا بيننا وما بين الجيل السابق لنا فقط. الأستاذة أمنة السيدح سألت قرقوري: هل تعتقد أن هناك أهمية لوجود لجان إجازة الصوت، أم أن سوق الغناء هو الذي سيبقي على العناصر المميزة ويلفظ غيرها؟ - نعم لابد من وجود لجان لإجازة الصوت، ويتمثل ذلك في لجنة المصنفات ولجنة الإذاعة، ولكن مع فائق احترامي للجنة المصنفات أقول إن لجنة الإذاعة هي الأقوى والمعترف بها في اتحاد المهن الموسيقية. قرقوري بعيد جداً عن تجربة الفيديو كليب؟ - بصراحة أنا ما شايف لي فديو كليب ناجح في السودان، ولن ينجح في هذه التجربة سوى الفنان شكر الله عزالدين وطه سليمان وبتصويرها بإمكانيات عالية خارج السودان، وبصراحة كل التجارب الأخرى التي قدمت افتقرت للفكرة والسيناريو والتقنيات العالمية، لذلك لم تكن مقنعة، وأسعى لخوض هذه التجربة بفكر متقدم عن البقية. حاوره : عبد الرحمن جبر : تصوير: مصطفي يس