في معرض الفنان البلغاري سفيلن بيتروف الذي بدأ أولى أيّامه الثلاثاء في المسرح الوطني بأبوظبي، تنوّعت المنحوتات المعروضة في أشكالها ومواضيعها إلا أنّها اندرجت جميعها تحت ثيمة علاقة الإنسان بالبيئة المحيطة وقدرته على التأقلم معها، وإن كان ذلك لم يكن ظاهراً لكل من شاهد المعرض وتنقّل بين الأشكال فيه. 48 منحوتة أفرزت طبائع صانعها ومزاجاته التي لم يستطع إخفاءها في ثنايا وأبعاد كل واحة منها سواء كانت صغيرة ام كبيرة. فعلى الرغم من أنها بدت مشتقة من النمط الكلاسيكي في فن النحت حيث الخطوط ذات الأشكال الواضحة، إلا انها تميّزت بفرادتها وبإضفاء صبغته الذاتية عليها. وكما يقيّمه نقاد الفن، تتميز منحوتاته من تماثيل ورؤوس وغيرها بتعابير مجازية، يتوصل إليها من خلال اعتماد معالجة معقدة للأسطح، معدنية كانت أم صخرية، وكأنه يتعمّد إحداث تباين بينها وبين خشونة المادة النحتية التقليدية. وهذه السلاسة ليست بعرضية وإنما تنبع من طريقة معالجة المادة، الشيء الذي يبرع به ويجعله متفرداً عن غيره من النحاتين. خلال المعرض كان من الواضح تأثّر الفنان الشديد بالبيئة الإماراتية التي جسّدها بأكثر من منحوتة. ويمكننا أن نعمّم على المعرض ككل أنّه عالج هذا النوع من البيئة حتى من خلال بعض المنحوتات التي لم تعطِ هذا الانطباع بشكلٍ مباشر وعلني. ففي النهاية كان الإنسان والمكان أبطال هذا المعرض الذي استقطب في افتتاحه أهل الفن والإعلام في عاصمة الإمارات. على سبيل المثال وب 5 مجسمات ومنحوتات تراثية مصنوعة من البرونز جمعها كلها تحت عنوان heritaje تنقّل بيتروف بين أبرز معالم البيئة الإماراتية ببساطة مطلقة تميّزت بتشريحٍ قوي وخالٍ من التعقيد بالشكل العام. حيث أظهر الإنسان الإماراتي في الصحراء وهو يحمل الصقر ويتباهى به ناظراً معه باتجاه الأعلى، كما أظهره برقصاته الشعبية التقليدية المتنوعة، حاملاً عصاه التي يستخدمها في تشكيل لوحاته الادائية. كذلك قام باستحضار الجمل سفينة الصحراء أكثر من مرة، مركّزاً على تفاصيله الجسدية الملائمة للبيئة الإماراتية التي حولته إلى وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها في كثير من مجالات الحياة. كما ألقى فناننا الضوء على الخط العربي، ولكن هذه المرة بطريقة مختلفة، فقد استخدمه وحوّله إلى أشكال متداخلة بعضها مع بعض بواسطة الرخام والبرونز اللامع. اختار بيتروف أبوظبي مكاناً لإقامته منذ سنواتٍ عديدة نظراً لما قدمته له ولفنه من تقدير واحتضان، باعتبارها تتطلع لأن تكون عاصمة ثقافية وفنية على مستوى العالم كله. حصل سفيلن بيتروف على شهادة ماجيستير في فنون النحت من المعهد الوطني للفنون الجميلة في العاصمة البلغارية صوفيا عام 1988. بالإضافة إلى حصوله على دبلوم مدرسة الخزف والجاج عام 1978. وهو اليوم يتمتع بعضوية عدد من النقابات والجمعيات العالمية والمحلية، هي: نقابة الفنانين البلغاريين 1989، الجمعية الدولية للفنون التابعة لمنظمة اليونسكو 1989، جمعية الإمارات للفنون التشكيلية 1996، جماعة أبوظبي للفن 2011. يعمل سفيلن بيتروف مع هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة بصفته أستاذاً نحاتاً منذ سبتمبر/أيلول 1995 وحتى الوقت الحاضر. ميدل ايست أونلاين