زعماء أميركا اللاتينية يتعاملون مع 'تويتر' بحماس لا يضاهيه حماس في العالم فيسمحون لملايين المتابعين بالاطلاع على أكثر أفكارهم خصوصية. بوينس ايرس من برايان وينتر كريستينا فرنانديز: 61 تغريدة في 9 ساعات عندما تدفق مليون من أبناء الأرجنتين الغاضبين على الشوارع في وقت سابق من شهر ابريل/نسان احتجاجا على حكومة الرئيسة كريستينا فرنانديز، قررت أن تدون رسالة عبر موقع تويتر تلتها رسالة أخرى.. ثم أخرى. قالت في إحدى هذه التغريدات "نعم.. أنا عنيدة بعض الشيء وكبيرة في السن أيضا.. لكن في النهاية أنا محظوظة لأني بلغت هذه السن الكبيرة.. اليس كذلك؟"، كما أنها تحدثت عن لوحة الفسيفساء التي تعود إلى القرن التاسع عشر في قصرها "الرائع" ومزايا برنامج تابع للحكومة لمحو الامية. في نهاية اليوم كانت فرنانديز قد أرسلت 61 تغريدة خلال تسع ساعات وهو معدل كبير حتى بمعايير أميركا اللاتينية، حيث يتعامل الرؤساء وغيرهم من كبار الساسة مع مواقع التواصل الاجتماعي بحماس كبير لا يضاهيه حماس في أي منطقة بالعالم. منح ولع الزعماء السياسيين في أميركا اللاتينية بموقع تويتر على وجه الخصوص، ملايين المتابعين فرصة للاطلاع على عملية صنع القرار وقت حدوثها، وفي كثير من الأحيان على أكثر أفكار زعمائهم خصوصية. لكن هذا الوضع أشعل جدلا حول ما إذا كان بعض الزعماء يبالغون في نشر هذه الأفكار بلا قيود، مما يجعل السياسة تتسم بقدر اكبر من الاستقطاب، ويجعل المواجهات تأخذ طابعا شخصيا وربما يجعل الزعماء أنفسهم في صورة غير محببة، عندما ينشرون كلاما عن محادثات مع غرباء داخل دورة المياه على سبيل المثال كما فعلت فرنانديز هذا الشهر. قال الان كلاترباك مدير مجموعة (آر. إيه. بي) ومقرها بوينس ايرس، والتي تسعى لتحسين درجة تحضر الخطاب السياسي "كل من يستخدم تويتر يعلم أنه في بعض الأحيان يكتب شيئا ما ويضغط على زر الإرسال دون ان يفكر مليا في الأمر.. هذا وضع خطير في السياسة.. ورأينا أمثلة كثيرة على هذا." وأضاف "يجب أن نجعل زعماءنا السياسيين يرقون إلى معايير مختلفة.. نرى رسالة تقول: أنا أتناول شطيرة الآن.. وتفكر في قرارة نفسك وتقول.. ومن يكترث بهذه المعلومة؟" ومع شهرة زعماء اميركا اللاتينية من أمثال فيدل كاسترو الذي كان يلقي خطبا تصل مدة الواحد منها خمس ساعات من الكلام المنمق، فليس من المدهش أن بعض الزعماء في العصر الحديث تبنوا منبرا جديدا للتعبير عن أنفسهم من خلاله، لكنهم يسعون جاهدين أيضا لتقليص العبارات التي تعبر عن أفكارهم بحيث لا تتجاوز 140 حرفا. كما أن الساسة كانوا يوجهون الإهانات لآخرين حتى قبل عصر تويتر، مثلما وصف الزعيم الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز" في الأممالمتحدة العام 2006، الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بأنه "شيطان". لكن ما من شك أن هذه التكنولوجيا جعلت القدح والذم يصل إلى الناس أسرع من أي وقت مضى. بعد انتخابات فنزويلا التي شهدت تنافسا حادا والتي أجريت لاختيار رئيس إثر رحيل تشافيز كانت هناك لحظات تبادل فيها المرشحان الهجوم عبر تويتر. وأشار نيكولاس مادورو الذي فاز بالانتخابات في نهاية الامر إلى المعارضين باعتبارهم "فاشيين". وقال "في إطار كراهيتهم العمياء ويأسهم هم قادرون على كل شيء." أما المرشح الخاسر انريكي كابريليس فقد استخدم تويتر للتشكيك في النتائج بعد ساعات من إغلاق مراكز الاقتراع أبوابها قائلا "أصبح يوجد رئيس غير شرعي!" كما استخدم زعماء في دول أخرى تويتر وإن لم يمكن بنفس القدر. ويستخدم الرئيس الاميركي باراك اوباما تويتر بشكل مكثف لكن صفحته الشخصية تقول إنه يرسل بنفسه عددا محدودا فقط من التغريدات.. وحتى يوم الجمعة كان قد مر عليه نحو شهر دون ان يرسل تغريدة بنفسه. وعلى العكس من ذلك فإن زعماء أميركا اللاتينية الأكثر إفراطا في استخدام تويتر هم فرنانديز ومادورو والرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس والرئيس المكسيكي انريكي بينا نييتو، ويرسلون جميعا كما يقول المساعدون نسبة كبيرة من التغريدات بأنفسهم. كان تشافيز الأكثر شعبية على الإطلاق إذ كان لديه اكثر من أربعة ملايين متابع على تويتر قبل وفاته في مارس/اذار. لكن ليس كل رؤساء اميركا اللاتينية يحبون تويتر. فعلى سبيل المثال توقفت ديلما روسيف رئيسة البرازيل عن إرسال التغريدات عقب انتخابها مباشرة عام 2010. وقال أحد مساعديها "تعتقد أنه مضيعة شديدة للوقت." لكن بالنسبة لآخرين اصبح ذلك جزءا من هواياتهم. منذ ان ترك رئيس كولومبيا السابق ألفارو أوريبي منصبه عام 2010، كان يرسل في بعض الاحيان عشرات التغريدات يوميا، منتقدا سانتوس لضعفه في ملف الأمن ضمن انتقادات أخرى يوجهها له. ويقول منتقدو أوريبي إنه بخس قدر نفسه ويعيق عمل خلفه الذي اختاره، بتدخله المتكرر في شؤون الحياة اليومية. لكنه لم يبد أي مؤشر على التراجع، بل وعلق في مكتبه صورة ساخرة لنفسه وهو يمسك جهاز بلاكبيري يرسل عبره التغريدات. وقال أوريبي عبر البريد الالكتروني "إنه يتيح التواصل المباشر دون وسطاء.. الخطر يكمن في ان ذلك يغري الناس بالرد طبقا لانطباعاتهم الأولى، لذلك أحاول تجنب رؤية الكثير من الاستفزازات التي تصل." على افضل تقدير يساعد تويتر على تذكير الناخبين بأن ساساتهم من البشر بل ولهم نقاط ضعف.