هذه حكايات تنفتح على كل الوطن، ربما تأتي من الماضي، أو ربما الآن. ولكنها في كل الأحوال هي رؤيا للمستقبل. يسردها ضمير غائب ولكنه حاضر يشهد على كل الأزمنة.. وهي في نفس الوقت تصوير للخاص والعام معاً.. هي خيال خلاق، يجمع بين المحلي والكوني وينبض براهنية عصرنا الحديث. إذاً هي قراءة للحياة، في نقطة التماس بين القومي والكوني.. لذا تصلح لأن تكون مفتاحاً لتفسير الراهن! «المحرر» البيانو الموسيقي عبد العزيز داؤود، مطرب صاحب صوت قوي.. وهو صوت نادر قل ان يوجد بكثرة وهو يشبه صوت المطرب اللبناني الكبير وديع الصافي والصوت السوري الجبلي فهد البلان.. صوت أبو داؤود صوت غليظ «باص» ولكنه متعدد الطبقات ما بين النغم المنخفض والنغم العالي.. وهو مجدد للأداء وقد اكتسب هذا التجويد من ترديد المدائح في بواكير حياته الفنية.. غنى عبد العزيز أجمل ألحان برعي محمد دفع الله الذي خبر هذا الصوت، فصنع له ألحاناً مكتملة البناء لا يمكن ان يغنيها إلا صوت عبد العزيز داؤود.. من الأصوات السودانية الغنائية التي من معدن صوت أبو داؤود صوت المطرب عثمان مصطفى هذا الصوت الأوبرالي القوي، الذي يمكن ان يرتفع لأقصى درجات الارتفاع.. وهناك صوت أقرب ما يكون «للتينور...» هو صوت صلاح ابن البادية الذي يصدح عند أعلى الطبقات وعند ادناها.. وميزة عبد العزيز داؤود انه يمكن ان يهمس بالغناء همساً.. جميلاً!.. كل هذا الأصوات تمثل تنوع أصوات البيانو الموسيقي . الحلم الامريكي «الحلم الامريكي» هو ذاك الشعور الطافي بانتظار النجاح الغامض الآتي بعد المغامرة بالرحيل والهجرة للأراضي الجديدة التي اكتشفها فاسكو دي جاما و كرستوفر كولومبس في ذاك الزمن الغابر.. والأراضي الجديد هي امريكا الشمالية وامريكا الجنوبية واستراليا وبعض الجزر في المحيط الهادي.. وقد ساد هذا الحلم «الذهاب إلى امريكا» بين الأوروبيين.. وقد هاجر بعضهم إلى امريكا الشمالية وجاء الأدب الامريكي فيما بعد ليؤكد على هذا المعنى، بفرض تحفيز الاوروبيين على الهجرة إلى امريكا.. ? ومن أهم الأعمال هنا رواية الكاتب الامريكي «فيتزجرالد» الموسومة ب «جاسبي العظيم».. وهو الرجل المغامر الذي جاء إلى امريكا بهذا الغرض «أحلام الثراء» وقد استطاع بالفعل ان يكون ثرياً بشكل عظيم فأصبح اسطورة.. وهي أسطورة تؤكد على النجاح الذي يمكن احرازه وسط التنافس في اسواق الرأسمالية الحرة.. والتنافس هو الذي يجعل هذا الحلم ممكناً.. وفي الفيلم الشهير «تايتنك» الذي أخرجه الكندي «جيمس كاميرون» ومثله ليوناردودي كابريو والممثلة كيت ونسلت.. تجد السفينة تايتنك التي صنعت خصيصاً في انجلترا لتحقيق هذا «الحلم الامريكي».. وطوال كل تلك القرون الماضية، كانت الولاياتالامريكيةالمتحدة هي قبلة الهجرة من كل انحاء العالم تحقيقاً لهذا الحلم.. ربيع القصيدة العربية تطورت القصيدة السودانية الحديثة، ووصلت إلى أعلى مراحل نضوجها.. وذلك عبر أجيال من الشعراء المجيدين.. كمما وصل نقد الشعر الى تأسيس مدارس عديدة.. والآن تستقر القصيدة السودانية الحديثة، مما يجعل الأفق أمامها ينفتح على أبعاد جديدة.. وذلك بسبب تحولات عديدة تحدث في حياتنا الراهنة على المستويين العالمي والمحلي.. ولهذا فإن المشهد الشعري الآن يقف عند بدايات منطلقات جديدة تدفع الشعر للحركة واكتشاف احوال جديدة تعبر عن حقيقة القصيدة الجديدة.. وهذا أمر يمكن ان تتشارك مبادراته كل الأجيال في السودان.. ومثلما اخترعت الأجيال قصيدة التفعيلة، يمكن لهذه المرحة التي أخترعت الثورة ان تنجز ثورة الشعر الجديد.. نجوم بين التألق والأفول ? للشاعر المصري إبراهيم ناجي قصيدة يرثى فيها تقلبات الزمن.. «كل نجم خبأ بعد التماع» وهناك أيضاً نجوم في الفن يتألقون لمدة طويلة.. ثم ينزوون.. ولكنهم أيضاً بعد ان طواهم النسيان.. فجأة يعودون.. إذ يعيد الجمهور اكتشافهم.. وغالباً ما يكون هذا الجمهور هو جمهور جديد لم يعاصرهم في بداياتهم ولا يعرف شيئاً عن مجدهم الغابر.. ولكنه يسمع ويرى أعمالهم القديمة تلك الآن فقط! فما هي العوامل الموضوعية التي ساعدت هؤلاء على التألق مجدداً.. ? من الثابت ان هناك داخل كل قديم عوامل أخرى تساعد على حياته من جديد! فكل عمل قديم يحمل في تركيبه لحظة حياة جديدة قادمة.. وهذا ما يجعلنا نغني أغنية الحقيبة اليوم.. ونقرأ أشعار الشاعر العباسي ابو الطيب المتنبي!! القارئ يريد!! ? القارئ الآن ينتبه متيقظاً للصحف التي تصدر الآن! وتصدر الصحف الحديثة الميلاد.. ويرتفع هذه وينخفض توزيع تلك .. والمدة بين الارتفاع والانخفاض قد تطول وقد تقصر.. وذلك لان القارئ اصلاً كان يبحث عن صحافة مختلفة.. يبحث عن صحافة ليست جامدة في الأفكار والأخيلة.. ولكن الصحف داخل هذه المنافسة قد لا تستطيع ابداع شيء ذي قيمة.. فتأخذ في تقليد بعضها البعض.. القارئ يبحث عن الابداع الحقيقي.. يبحث عن صحافة جديدة.. الكتابة عما لا نعرف! ? هناك دائماً كتابة يكتبها كاتبون حول ما لا يعرفونه هم من الحياة فهم يكتبون تجاربهم.. مثلما كتب ماركيز في كتابه «عشت لأروي» ومثل همنجواي في كتابه «باريس مائدة متنقلة».. وقد كتب نجيب محفوظ سيرته الذاتية عبر سرده الغنائي.. وكذلك فعل الفرنسي مارسيل بروست في روايته «البحث عن الزمن الضائع» .. إلا أن الكتاب الجدد يكتبون عن الاشياء التي لا يعرفونها.. فهم يبحثون عن أجابات لاسئلة تبحث عن أصول الاشياء التي لا يعرفونها.. عن الأشياء وماهيتها! هم يريدون ان يحددوا شكل الزمن المعاصر وما استجد فيه؟ حوارية الغناء ? لماذا يعبر الغناء عن الحزن دائماً؟ ? ربما لان عمر الحزن أطول، واعمق من عمر الفرح.. أو ربما ان الشعور بالشجن اكثر امتاعاً من الفرح! ? أو ربما لان الحزن الحقيقي جداً.. وان الفرح انفعال مؤقت.. ? ربما لان الانسان يحقق ذاته جزئياً، عبر الفرح.. ويعبر عن كل الشقاء الانساني عبر الحزن! ? ربما لان الانسان محاط، ومحكوم عليه بشروطه البشرية التي لا يمكن مقاومتها.. وامام هذا الوضع، ليس أمامه إلا ان يحزن!! رامبو والتفكيكية ? الشاعر الفرنسي الشاب «آرثر رامبو» شاعر فرنسي.. ظهر في فرنسا اوائل القرن التاسع عشر الميلادي وكان صديقه الشاعر الكبير وقتذاك «فرلين» ظهر رامبو قبل ظهور المدرسة الفلسفية النقدية والادبية المعروفة بالتفكيكية عند فيلسوفها «دريدا».. وهي تعتمد في تنظيرها على ان ليست هنالك مرجعية لأي شئ.. الافكار والأفعال.. والمرجعية تعني ذاك المعيار الذي نقيس على ضوئه صحة الاشياء أو خطأها!! ? هكذا قامت اشعار رامبو ضد كل شئ.. وهي لا تعترف بشئ سوى بالنوازع الذاتية.. ووفق هذا كتب ديوانه الشهير «الزورق النشوان».. ? جاء رامبو للحياة الادبية وهو في الثامنة عشرة من عمره وكان قد فعل ثورته الادبية هذه وهي ثورة هائلة استطاعت ان تغير مجرى مسار الشعر الاوروبي وقتذاك، ثم هجر رامبو الشعر وأصبح تاجراً للرقيق حينما هاجر لاثيوبيا.. ثم عاد إلى باريس حيث أصيب في رجله التي قطعت.. ومات أثر ذلك مباشرة.. ? وفي السبعينيات من القرن الحالي.. ظهر الشاعر السوداني الشاب «بانقا عباس رامبو» تيمناً بهذا الشاعر المعجزة.. وكتب رامبو السوداني شعراً متمرداً جميلاً.. ثم فجأة اختفى.. ? اختفى لمدة تزيد عن الأربعين عاماً.. وها هو الآن يعود كاتباً للنثر.. ? ولكننا نتساءل.. أين الشعر؟؟ نرجو ان تتجاوز أيها الشاعر العذب كل هذه السيرة التفكيكية.. وان تجعل لشعرك مرجعية ما!! الفنون الشعبية فرقة الفنون الشعبية، التابعة لمركز الفنون الشعبية بام درمان، أسسها المجلس القومي للآداب والفنون، منذ سنوات ماضية عديدة.. وكان دورها المرسوم منذ ذاك الوقت هي ان تكون خزانة تأريخية لحفظ الثقافة الشعبية السودانية التي انتجتها ولايات السودان المختلفة في بيئاتها الجغرافية والتأريخية والتي تمثل تجليات الثقافة الشعبية لهذه البيئات المختلفة وذلك بحسبان انها جزءاً من الثقافة القومية السودانية.. فأنت تجد فيها رقصات قبائل البقارة والنوبة والهدندوة والفونج وهكذا.. وإلى جانب هذه الفرقة هناك متحف الفنون الشعبية المقام بمباني المجلس القومي للثقافة بالخرطوم.. وهو يحتوي على المصنوعات اليدوية الشعبية.. وبذا تكتمل صورة هذه الحافظة الثقافية الشعبية.. ? ولكن السؤال هو أليس هنالك تناقض ما بين الفكرتين، فكرة الثقافة الشعبية التي هي من صنع ولايات وبين الثقافية القومية التي هي مجموع هذه الثقافات جميعاً في الروح السودانية العامة وليس في التفاصيل! ? بالطبع ليس هنالك تناقض، إذ أن الحراك الثقافي المركزي في العاصمة القومية يعمل على تمازج كل هذه العناصر جميعاً لخلق ثقافة قومية تمثلها الثقافة الرسمية التي تصنعها المؤسسات الثقافية من مزيج الثقافة الشعبية وخيارات الواقع الثقافي المعاش.. الكاتبات السودانيات ? الكاتبة السودانية تحصر نفسها في الكتابة اليومية المباشرة والسهلة التي تتضمنها التزاما?.. من الجهد الذهني والجسدي.. من ترحال وسفر.. ولذا فإن تجربة الكتابة عندها تحتاج لابعاد أخرى توسع في تجربة الكتابة وتعمقها.. اغلب كتابات المرأة على الصحف محصورة في ابداء الآراء حول المشكلات الاجتماعية او السياسية اليومية.. أو هي تنحصر في مناجاة ذاتية لتصبح اللغة فيها عبارة عن حرائق في غابات اللغة.. اما الكتابة التي تحتاج للبحث المرجعي.. او الميداني.. تلك التي تتبع مناهج أكاديمية فلا نجدها إلا عند الاستاذة الجامعية العالمة في التدريس والبحوث العلمية.. ? هناك كاتبات قلائل يشتغلن بالأدب بالمعنى المهني العام.. حيث يتفرغن للتأليف الشعري أو الروائي او يكتبن للدراما التلفزيونية أو المسرحية.. و ربما يعزو هذا لتأخر ظهور الكتابة كمهنة ابداعية وسبق الكتابة الصحفية التي لا تحتاج لمثل هذه الجهود.. ولعل تأخر ظهور المرأة المبدعة في الأدب العربي المعاصر يرجع لهذا السبب.. الراي العام