* حقق المريخ مراده من لقاء السوكرتا، وعاد من الميناء بثلاث نقاط ثمينة، افتتح بها رصيده في بنك الدوري، على حساب خصم صعب، يمتلك مجموعة متميزة من اللاعبين الموهوبين. * شهدنا اللقاء من داخل إستاد بورتسودان، واستمتعنا بمباراة جميلة وممتعة، جمعت بين أعرق مدرستين في كرة القدم السودانية. * لا غرابة، فمباريات الزعيم والسوكرتا كانت وما زالت مكمناً للمتعة، ومستودعاً للعب الجميل منذ قديم الزمان، علماً أن لاعبي الفريقين اجتهدوا بالأمس لإمتاع الجماهير، وانصرفوا للعب الكرة، وقدموا مباراة جميلة بمعنى الكلمة. * لعب شباب حي العرب بجرأة عالية ودافع قوي، وتفوقوا على المريخ في خواتيم المباراة، وكادوا أن يخطفوا التعادل، لكن غارزيتو أحسن إدارة المباراة، وعرف كيف يرتب أوراقه، وكيف يستخدم بدلاءه كي يحافظ على النتيجة ويتدارك الانخفاض الذي حدث للياقة فريقه في شوط المدربين. * تعامل الفرنسي مع المباراة بذكاء، مستهدفاً تمر الشام وبلح اليمن، وكان له ما أراد، لأنه حصد النقاط وقطع شوطاً جيداً في إعداد الفريق لاستحقاقاته المقبلة. * لم يأبه الفرنسي للعرض والمستوى، بقدر ما استهدف الظفر بالنتيجة، لأن ذهنه كان مشغولاً بإعداد فريقه لمباراتي تيلكوم الجيبوتي، وسوني الغيني. * من تابعوا النهج الذي اتبعه الفرنسي مع فريقه قبل مباراة الأمس لم يفاجأوا بالانخفاض الذي حدث للياقة لاعبي المريخ في الجزء الأخير من اللقاء. * شهدت الأيام الخمسة التي سبقت السفر إلى بورتسودان تدريبات قاسية، وتمارين مجهدة للفرقة الحمراء (صباح مساء)، كان من الطبيعي أن تنعكس سلباً على أداء الفريق في الحصة الثانية. * استشعر غارزيتو حرج الوضع البدني لفريقه عقب وصوله إلى الخرطوم، واضطر لإخضاعه إلى برنامج إسعافيٍ قاسٍ، بتدريبات عنيفة، أجهدت اللاعبين، وأثرت عليهم سلباً في خواتيم مباراة الأمس، التي شهدت إصابة باسكال وأمير كمال بشد في العضلة الخلفية لكليهما، بخلاف تراجع المردود البدني لغالبية أفراد الفريق، ما خلا كونلي وعلي جعفر. * معلوم أن الإصابة بشد في العضلة الخلفية تنتج في العادة بسبب الإجهاد. * لم يكن أمام غارزيتو أي خيار سوى المجازفة برفع معدل الأحمال البدنية لفريقه، مع تمام علمه بأنه مواجه بمباراة دورية صعبة، أتت بعد لقاء افتتاحي تعرض فيه المريخ إلى هزيمة موجعة. * أقدم الفرنسي على مجازفة محسوبة، ومغامرة لا مهرب له منها، لأنه لم يمتلك أي خيار آخر بخلاف العمل على رفع معدل اللياقة، ومضاعفة الأحمال البدنية في الفترة القصيرة التي سبقت مباراة حي العرب، لأنه يعلم أن الفوز في المباريات المحلية بفريق مضغوط بدنياً ممكن، لكن التفوق في البطولات الخارجية بفريق غير جاهز لياقياً غير وارد. * عندما حدث التراجع البدني في الحصة الثانية أجاد غارزيتو إدارة المباراة، وأحسن استخدام الدكة، وسحب السماني الصاوي، ودفع بجلال في الطرف الأيمن، حول باسكال إلى عمق الوسط، ليلعب بمحورين (باسكال وعاشور)، ثم دفع بعلاء وضفر بديلين لباسكال وأوجو. * استهدفت تبديلات غارزيتو إنعاش الفريق بدنياً، وتقوية محور الوسط لتأمين النتيجة، بخلاف السعي إلى تجهيز علاء الدين وضفر لمقبل المباريات. * بدأ المريخ المباراة بجدية، واستحوذ على الملعب، وسيطر على منطقة الوسط، لكن رماته لم يحسنوا ترجمة سيطرتهم الميدانية إلى أهداف، حتى أتت الافتتاحية من المدافع علي جعفر، بهدف رأسي جميل، سجله من ركنية رفعها له أوجو بالمقاس. * لعب غارزيتو المباراة بطريقة (2:4:4)، خلافاً لما تعودنا عليه مع مريخ 2015، عندما كان يتبع طريقة (1:3:2:4)، وأعتقد أنه قصد ذلك، لتمام علمه بأن فريقه ليس على ما يرام من الناحية البدنية. * أشرك الفرنسي باسكال على الطرف الأيمن، وعلي جعفر على الطرف الأيسر، ولعب بكونلي في وظيفة المساك الأيمن، وأمير كمال كمساك أيسر، ووضع أمامهم عاشور الأدهم منفرداً في المحور، وعلى يمينه رمضان، وعلى يساره السماني الصاوي، ودفع بالنيجيري أوجو أمام الثلاثي، وخلف المهاجمين الصريحين بكري المدينة ومحمد عبد الرحمن. * أمنت تلك الطريقة منطقة دفاع المريخ في الحصة الأولى، باستثناء كرة وحيدة ارتدت من القائم بعد هجمة مرتدة سريعة، تناقل فيها لاعبو حي العرب الكرة بسرعة وتركيز، فغافلوا مدافعي المريخ وكادوا أن يصيبوا مرمى الحارس عصام عبد الرحيم. * في المقابل أهدر بكري المدينة فرصتين، وعاند الحظ السماني الصاوي في كرة جميلة سددها على الطائر، وعلت العارضة بقليل. * فرحت جماهير المريخ في الثغر بالفوز، لكنها لم تسعد بالمستوى العام للفريق، لأنها انتظرت الأفضل، ومن تابعوا ما حدث في ساحة المريخ قبل المباراة كانوا يعلمون أن ذلك لم يكن متاحاً بكل تأكيد. آخر الحقائق * جائزة رجل المباراة يستحقها النيجيري كونلي أودونلامي بلا منازع. * أدى مباراة كبيرة، ولعب بثبات وصحوة تامة، ولم نرصد له أي خطأ. * كما ساهم في صناعة اللعب من الخلف بمهارة لاعبي الوسط. * زاد (كونلي الجاهز) على تألقه وجسارته بإنقاذ فريقه من هدف مؤكد في الزمن الصعب. * تخطت الكرة الحارس عصام عبد الرحيم، وأيقن الجميع أنها ولجت الشباك، لكن الأرض انشقت عن كونلي فأبعد الكرة الخطيرة بصحوة وذكاء. * أودونلامي مدافع من طينة العظماء، ولا غرابة، لأنه لعب أساسياً مع منتخب نيجيريا طيلة الفترة الماضية. * وضح من لقاء الأمس أنه أكثر لاعبي المريخ جاهزيةً من الناحية اللياقية. * بجانب كونلي تألق علي جعفر، وقدم مباراة عالية المستوى، دفاعاً وهجوماً. * توج علي تألقه بهدف رأسي بديع، كفل به للمريخ الظفر بنقاط المباراة. * دفع غارزيتو بباسكال في الطرف اليمين وقدم مباراة جيدة. * في المجمل كان خط الدفاع أفضل خطوط الفريق أمام السوكرتا. * أهدر بكري المدينة فرصتين، كان في إحداهما على انفراد كامل بمرمى السوكرتا. * امتلك المساحة والزمن، وكان بمقدوره أن يتقدم ويضع الكرة في المرمى بهدوء، لكنه فضل التسديد القوي فأخطأت كرته المرمى بقليل. * حتى رمضان حظي بفرصة مماثلة، انفرد فيها بالحارس لكنه تأخر في التسديد. * أوجو صنع هدف الفوز لكن مستواه ما زال بعيداً عن المأمول. * من الواضح أن ما زال متأثراً بالملاريا التي أصابته قبل مباراة الاتحاد السكندري. * لعب عاشور الأدهم في المحور منفرداً، وقدم مباراة جيدة، لكن الإنهاك ظهر عليه في خواتيم المباراة. * تحرك محمد عبد الرحمن في مساحات واسعة، وقدم مباراة جيدة، لكن الرقابة الصارمة حرمته من التسجيل. * قلبا دفاع السوكرتا متميزان في الرقابة، وجيدان في ألعاب الهواء بسبب طولهما الفارع. * في حي العرب تألق لاعب المحور أبو القاسم الذي لعب بمهارة وهدوء يحسد عليهما. * بعد نهاية المباراة سألت غارزيتو عن رأيه في أداء فريقه فقال إنه غير منزعج لتراجع معدل اللياقة في الجزء الأخير من المباراة لأنه توقع ذلك بسبب قوة التدريبات التي خضع لها اللاعبون في الأيام الماضية. * ظهور علاء وضفر في الحصة الثانية أسعدنا بشدة. * بدا علاء الدين في لياقة جيدة، وشارك في قلب الدفاع بعد أن اضطر أمير إلى الخروج من الملعب متأثراً بالإصابة. * وقتها كان غارزيتو قد استنفد تبديلاته الثلاث. * عاد ضفر وفييرا.. والعقبى لراجي. * بدأنا الحصاد، ونتوقع الأفضل في مقبل المباريات. * غارزيتو مطمئن.. إذن المريخ بخير. * بعد نهاية المباراة وقف الفرنسي في بوابة الفندق (ديديان)، ولم يغادرها إلا بعد أن استوثق من دخول كل لاعبيه إلى غرفهم. * آخر خبر: ثلاث نقاط غالية، سيكون لها ما بعدها بإذن الله.