القرار الذي اتخذه مجلس إدارة نادي المريخ بعدم إعفاء المدرب كروجر والذي جاء مخالفاً لكل التوقعات والضغوطات الإعلامية والجماهيرية لهو قرار صائب يستحق الإشادة ليس انحيازاً للمدرب كروجر ولكن انتصاراً لمبدأ لا يحيد عنه أي نادٍ يحترم نفسه وإلا لتعين على إدارة النادي أن تغير مدربها عقب كل هزيمة لأن الجمهور والإعلام يسلكون هذا السلوك الم عوج عقب كل هزيمة كأنما كرة القدم تلعب في اتجاه واحد لا يقبل غير الفوز . الأمر الثاني وأيا كانت المبررات فإن إعفاء مدرب واستبداله بمدرب بديل والفريق في قمة التنافس إنما هو أمر يخل بالأسس الصحيحة إذ كيف يعفى مدرب أشرف على إعداد الفريق وصاغه على الطريقة التي يراها وبنى عليها إعداده وليستبدل بمدرب ليحل مكانه وهو لا يعلم عن الفريق ما يؤهله لقيادته ولن يملك أن يغير ما صاغه المدرب الذي أشرف على الإعداد لأنه لن يتاح له أن يعد الفريق على طريقته في قلب الموسم فكيف يشرف عليه.. هذه الظاهرة بكل أسف أصبحت سلوكاً عاماً للأندية السودانية حيث يتعاقب على نفس النادي أكثر من مدرب في نفس الموسم مع أن الذي أشرف على إعداد الفريق مدرب واحد منهم وليس متاحا لغيره من المدربين الذين يتعاقبون على الفريق أن يعيدوا إعداد الفريق وفق رؤى جديدة. ولعل الملفت في هذا الأمر وأصبح ظاهرة لكبار مدربينا أنهم بكل أسف يعلنونها حرباً شعواء على المدربين عقب كل هزيمة مع أن شهاداتهم مجروحة لا تخلوا من رغبة خفية في أن يحلوا بدلاء للمدرب المستهدف من قبلهم ولا يدركون أنهم أنفسهم سيتعرضون لنفس المصير مع أول هزيمة لفرقهم فهل يضمنون النصر في كل المباريات فلماذا إذن يرسون هذه المفاهيم الخاطئة ولمصلحة من يفعلون ذلك . فلقد طالعت بكل أسف حملات شعواء قادها مدربون أساتذة بلا شك أمثال الكوتش الكبير سيد سليم ومحمد الطيب والفاتح النقر وغيرهم على رفيقهم كروجر مع أنهم ليس بينهم من لم يدفع ثمن هذه المفاهيم الخاطئة لهذا كان يتعين عليهم أن يتصدوا بالدفاع عن المدربين العاملين حتى يحين موعد تقييم المدرب تقييماً صحيحاً بنهاية الموسم وتقييم المردود للمدرب وليس باستغلال ردود فعل الجماهير عقب كل هزيمة ليكتبوا بأنفسهم أنهم سيكونوا ضحايا هذه المفاهيم يوم يتولوا تدريب الفرق ولن يسلم منهم أحد . فوالله وبدون تسمية فلقد اطلعت على إشادات سجلها نفس المدربون بكروجر قبل مباراة الذهاب في التصفيات التمهيدية وعقب معسكر الدوحة ثم انقلبوا عليه بعد الهزيمة وهذا وحده يكفي . الأمر الثاني فإن الانفعالات لا تقف عند المدرب وحده وإنما تمتد على اللاعبين مطالبين بالشطب مع أن من يطالبون بذلك يعلمون أن فريقهم ليس في موقف ليستغنى عنهم لأنه ليس متاحاً له أن يسجل البديل فما هي جدوى هذا النوع من التهريج غير أنه يلحق ضرراً بالفريق نفسه بما تثيره من تأثير نفسي سالب على اللاعب رغم اعتماد الفرق عليه.. تقييم اللاعبين لابد أن يكون حصرياً عند نهاية فترة التعاقد وبصورة موضوعية وفنية من قبل مختصين وليس الانفعاليين والعاطفيين الذين يجهلون أبجديات الأسس لتقييم اللاعبين والمفارقة الكبيرة هنا أنهم أنفسهم الذين هللوا للتعاقدات الجديدة لأنديتهم وكتبوا عنهم ما لا يخطر بالبال من إشادة بل كثيرون منهم هم أسباب التعاقد مع هؤلاء اللاعبين قبل أن ينقلبوا عليهم. والمؤسف أن إدارات الأندية تنساق وراءهم عند التعاقد مع اللاعبين ثم تتجاوب مع ردة أفعالهم عندما ينقلبون على من عملوا على التعاقد معهم والنتيجة المؤسفة لهذا الواقع. إن أنديتنا تغير جلدها بالاستغناء عن عدد كبير من لاعبي الفريق وتستبدلهم كل موسم مما يعقد ويضعف من فرص الانسجام والتفاهم في الفرقة وياليت أنديتنا تتعظ من الأهلي القاهري الذي تسيد أندية أفريقيا بلا منازع فإنه لم يحدث أن استغنى أو أضاف لفرقته أكثر من ثلاثة لاعبين في نهاية الموسم، وحتى هؤلاء يبقيهم على دكة الاحتياطي حتى يتحقق لهم الانسجام مع الفرقة حتى لا يخلوا بجماعيتها وانسجامها. إن أنديتنا تفتقر الآلية التي تتعاقد بها مع البدلاء حيث لا يتم ذلك وفق معايير فنية من حيث حاجة الفريق ومن حيث الاطمئنان على مستويات البدلاء لهذا ظللنا نشهد من يتم الاستغناء عنهم ولم يكملوا موسماً واحداً من التعاقد معهم. إن الفريق وبسبب تعدد البدلاء يفرض عليه أن يجاهد في فترة ضيقة ليخلق فريقاً جديداً متجانساً بعد أن تستبدل الكثير من عناصره وهو ما يستحيل في منطق كرة القدم. لهذا على إداراتنا كما فعلت إدارة المريخ هذه المرة ورفضت التجاوب مع ردود الفعل الإعلامية والجماهيرية فلم تعفي المدرب في خطوة غير مسبوقة على هذه الإدارات بما فيها إدارة المريخ أن تعيد النظر في سياساتها للتعاقد مع اللاعبين والاستغناء عنهم تحت أجواء رغبات وانفعالات الجماهير وكتابات الإعلاميين الخارجين عن حدود صلاحياتهم لأنهم لن يحققوا من كثرة التغيير في الفرقة كل موسم ودون أسس فنية سليمة من متخصصين إن كان لهم أن يضعوا أساساً لفريق يضعهم على درب الأهلي المصري.