* رغم أنني شاهدت مريخ السودان من سنين عديدة في أوج أمجاده فإنني في الواقع والحقيقة عِشت مباراته الأخيرة أمام ريفرز النيجيري بذكريات هذه الفترة. * ففي أوائل الستينات حتى السبعينات ومابعد ذلك كان يلعب للمريخ فطاحلة الكرة في السودان، هاشم محمد عثمان، جعفر حسن التوم(قاقارين) وأذكر لمن فاتهم الاستماع أن السفير لاعب الهلال وقبله أشبال المريخ علي حسن التوم لكن هو الأصل في تسمية قاقارين وإنما الأصل شقيقه الأكبر جعفر الذي لقّبه القبطان حاج حسن عثمان بقاقارين يوم صادف ذلك رحلة فضاء سوفيتية أول رحلة فضاء فيها اسمه جاجارين، ولم يكن لقب قاقارين وحده الذي أطلقه القبطان ولكن ألقاب عديدة كل لنجوم المريخ مثلاً بوكاسا وكاوندا والنفاثة وملك التغطية والبيجو ومازدا والقانون وابوجنزير وهكذا إضافة إلى أنه سمّى نفسه القبطان وسمى بقية الرموز أقطاباً وسمى مريخ السودان سودان المريخ وهو الذي كان رئيساً للجنة الترقيات من جندي نفر إلى مشير مريخ، العمدة عبد الله عباس، التقر، ابراهومة، ماوماو، جقدول، أحمد عبد الله، قرعم، عبد الرحيم الشيخ، ماجد وبرعي، وفي الند القوي هلال امدرمان سبت وود الأشول وأمين زكي والديمان وصديق منزول وصديق محمد أحمد والكوارتي وجكسا وعبد المحمود وأبوعلي ودريسة وحبشي، متّع الله بالصحة والعافية منهم من كان حياً وإلى جنات الخلد من رحل إلى الرفيق الاعلى. * كان ماجد وبرعي وكمال عبد الله وجقدول وابراهومة (سنتر فرود) خط الهجوم حينما كان اللعب بخمسة مهاجمين، ولن أتحدث عن خط الدفاع ولا حتى ظهيري الجنب والظهير الثالث، فقد كانت هذه الخطوط تلعب على راحتها لأن هجوم المريخ كان كاسحاً بالمعنى، وكان من شهد ذلك الزمان الحلو يتفرج ويستمتع بخط هجوم كاسح (والعبد لله يومها بين الزرع والضرع والخلوة ويادوب (اقنب) فوق التكن في الساقية، الكل يعرف طريقه للمرمى وكان الفريق المنافس يلعب مدافعاً ولكن مع من؟ كان اللاعبين طوال القامة باستثناء القصير المكير المستثنى ابراهيم محمد علي (ابراهومة) الذي كانت الكرة تخرج من قدميه مثل السهم للزملاء، كانت تقول لهم (جيبوا) أقوان، وكان جقدول أستاذ الجناح الأيمن في السودان بل كان ينافسه لاعب الموردة ود الزبير في هذه الخانة وكان أحمد عبد الله أستاذ الجناح الأيسر وكان الثلاثي ماوماو وبرعي وماجد تخرج الكرة من أرجلهم كالصواريخ وكانت جماهير المريخ في غاية الراحة والاطمئنان لأنها كانت على يقين بأن هؤلاء المهاجمين سوف يدكون مرمى المنافس سواءً من على بُعد أو من قريب. التاريخ يعيد نفسه * ربما يسألني أحد المغرضين لماذا نحن بهذه الفرحة في مباراة غير مصيرية ولكونه يقول لي غير مصيرية فعرفت قصده إما معارض أو هو حاسد ومغتاظ من انتصار المريخ الذي كان يظنه مستحيلاً، ومثل هذا لا يستحق الرد لأنه يقول إن المباراة غير مصيرية ونعلم كلنا أنها مصيرية والفائز فيها يترقى لدور المجموعات، وترقى مريخ السودان للمجموعات بنتيجتها. * والحقيقة وأنا أشاهد لقاء مريخ السودان والنيجيري من مدرجات الشعب (وأقف على رجل واحدة) واليك أشكو النطاسي البارع مستر علاء الدين رئيس القطاع الطبي الناجح آلام ركبتي، شعرت بدقائق كثيرة زادت بعد المباراة بقوة هجمات المريخ ولكن في هذه المرة من الوسط والهجوم وكان المصري عاشور شعلة نشاط متوهجة وكان في كل مكان في الملعب وقيل إنه عندما خرج أولاً لدخول الملعب للتسخين شاهد حشوداً لم يرها حتى في الشقيقة بلاده، ومباراة للزمالك والأهلي فرجع إلى قومه يذكّرهم إما النصر أو الشهادة وأمطر بكري شقلوب العقرب مرمى النيجيري بقذائفه ولكن سوء الطالع حال دون تمزيق الشباك، وصاد عاشور مرمى النيجيري بقذيفة لا تُصد ولا تُرد، قال أحدهم تفرج عليها الحارس زينا فقال له عاشور جيب من جوة، وهكذا جاء الثاني والثالث لينتهي عليه شوط اللاعبين وثلاثية نظيفة هي التعادل مع النيجيري إلى أن جاءت قدم التكت لتقول كلمتها العليا وهاج الملعب وبدأ الصياح بكلمة واحدة رددها 66 ألف مشجع فوق فوق مريخنا فوق، وما خاب ظن مدرب قدير اسمه ماو عندما قال كسب المريخ لاعباً فذاً اسمه التكت، لو أُتيحت له فرصة المشاركة لن يخرج من التشكيلة، شكراً ماو وشكراً المعلم الخبير غارزيتو الذي يعرف قدرة نجومه ويشركهم على حسب رؤيته الفاحصة. * 66 ألف مشجع هم الرقم الأعلى حتى الآن والأقرب لهم 63 ألفاً هم من دخل لقاء الجزائر ومصر من الجمهور، 66 ألفاً جاءوا ليزفوا فريقهم وخرجوا كذلك من كل فج عميق ورقصوا ورقص معهم كلتشي واوجو وكونلي رقصة الأفارقة بعد مباراة ريفرز، وكما قلت سابقاً اذا أراد فعل ليس برشلونة وحدها * حمادة الحتالة للزعيم ابوراس عليه رحمة الله الصغير سناً الكبير قدراً البار بوالديه القريب منهم اتصل بي بعد المباراة وقال لي خلي عنوان مقالك يكون (ليس برشلونة لوحده) وكلنا نعرف ماذا حدث من نجوم برشلونة بعد أن خسروا لقاء الذهاب أمام سانت جيرمان برباعية نظيفة وعادوا ليفوزوا 6/1 ويتأهلوا لربع النهائي. * وفوق فوق مريخنا فوق.