في نهاية السبعينات سبق الراحل المقيم الكابتن الدولي وأفضل الإداريين الذين عرفهم المريخ، بل والأندية أبو العائلة سبق الأجيال القديمة واللاحقة عندما شبه هيكل الاتحاد العام بالبروس وكان هذا التشبيه تعبيراً حقيقياً على العشوائية التي انبتت هيكل الاتحاد العام الحالي وكيف أنه زرع غير صالح فارض البروس لابد أن تنظف حتى تنبت زرعاً مثمراً وهكذا كانت خلاصة هذا النبت الشيطاني أن الأندية ظلت مغيبة عن الهيكل وأن أكثر من خمسين اتحاداً محلياً وما يزيد عن خمسة عشر ألف نادياً تضم أكثر من أربعين ألف لاعب يقوم عليها هيكل الرياضة هيكل خرب أخطر ما فيه أنه يشتت المواهب ويضعف الاهتمام بها ويشتت الإمكانات المادية على قلتها وأي مقارنة لهذا الواقع مع الدول العربية والأفريقية لمثلنا العصر الحجرىيوهو بهذه المناسبة هيكل لم يقرره أحد وإنما فرض نفسه عشوائياً كالبروس كما قال أبو العائلة ولكن لم تجرؤ أي سلطة في البلد أن تلتفت لهذا الخلل وأسلمت نفسها له كأمر واقع تحت غطاء مزعوم يزايد بأهلية الرياضة وديمقراطيتها بينما تتمثل هذه الأهلية في استقلالية الهيكل وتكوينه الديمقراطي ولكنها لا علاقة لها بالهيكل فهو مسؤولية الدولة ولو أن الأهلية لها علاقة بالهيكل لكانت الاتحادات في العالم هيكلاً واحداً ولما تباينت الهياك من بلد لبلد مع أنها تتفق على الأهلية. كان لا بد لي من هذه المقدمة لأدلل على أن هيكلة الرياضة مسؤولية دولة وفق استراتيجيتها للرياضة الا أن المسؤولين الذين تعاقبوا على الرياضة انصرفوا عن ما هو مسؤوليتهم وسلطتهم وتحولوا لخصوم ضد الأهلية والديمقراطية بالتدخل في شأنها الإداري وهذا ما ترفض الأهلية والديمقراطية التي اختارتها الدولة بإرادتها ولم يلتفتوا لمسؤوليتهم وسلطتهم في هيكلة الاتحاد وهذا شأن خاص بالدولة لهذا ومنذ صدر دستور 2005 وبالرغم مما جاء به من متغيرات جذرية ظل مغيباً لأن الوزارة المعنية به أصبحت جزءاً وعلة من علل الرياضة وتجاهلت مسؤوليتها في هيكلة الرياضة ثم رفعت يدها عن الهيكل وتفرغت للتدخل فيما لا يحق لها أن تتدخل فيه. لهذا بقي الدستور حبراً على ورق (ما عنده وجيع) وأصبح هيكل البروس هو الذي يفرض نفسه على الدولة. الآن وكما قلت فإن لائحة الترخيص التي أجرت تعديلاً جوهرياً حددت أهلية الأندية للمشاركة في المنافسات الخارجية رهينة بالحصول على الترخيص وبما أن شروط الترخيص لن تتوفر في أكثر من 90 في المائة من الأندية المنضوية اليوم في هيكل البروس إنما هي فرصة لاحت للدولة لتعيد هيكلة الاتحاد بالتوافق مع الدستور ولكي تقف على حتمية هذه النقلة النوعية التي أصبحت متاحة بتفعيل الدستور ولائحة الترخيص ونحمد الله أنهما يكملان البعض. فالدستور فصل الرياضة بين المركز والولايات وقصر سلطة المركز على المشاركات الخارجية فقط وأن تبقى الممارسة المحلية شأن الولايات وها هي لائحة ترخيص الأندية تشترط الحصول على الترخيص لكي يتأهل النادي للمشاركة الخارجية. يعني كلاهما اتفقا على شكل واحد إذن وبعملية حسابية بسيطة فإن هيكل الاتحاد العام يتحدد بعدد الأندية التي تحمل الترخيص وتتأهل للمشاركات الخارجية وبما أن الدستور قيد الاتحاد كتنظيم مركزي بالإشراف على المشاركات الخارجية فإن حاصل العملية الحسابية أن الاتحاد يقوم هيكله على الأندية حاملة الترخيص وهي الأندية المؤهلة للمشاركات الحارجية ويبقى النشاط لغير المؤهلين قاصر على الولايات حسب النظام اللامركزي ومن هنا يقتصر هيكل الاتحاد العام على الأندية المرخصة لأنها المؤهلة للمشاركة الخارجية لأن الدستور قصر مسؤولية الاتحاد كتنظيم مركزي على المشاركات الخارجية. ولكي أقرِّب الصورة لابد من الوقوف على ما جاء بالدستور ولائحة الترخيص لنرى كيف تحققت التوأمة بينهما. خص الدستور الفصل الرابع لنظام الحكم اللامركزي وحدد الخطوط الفاصلة بين مستويات الحكم المركز والجنوب والولايات وفي المادة 26 من هذا الفصل حدد الروابط بين مستويات الحكم ونص على المبادئ واجبة الاحترام فيما بينها وفي الفقرة (ب) من هذه المادة نص على ما يلي: (احترام كل منها لذاتية الآخر) وفي الصفحة 63 في المادة 178 فقرة (أ) نص على انشاء مجالس تشريعية بالولاية تحكم ما يدخل تحت اختصاصها وهو الذي أشار في المادة السابقة على أنها سلطة واجبة الاحترام وحول تحديد صلاحيات المجلس التشريعى للولاية نص الدستور في المادة 180الفقرة 3 على ما يلي: (يختص المجلس التشريعي الولائي بسن القوانين في المجالات المدرجة في الجدولين (ج ود)، وهذا يعني أن أي تغول على هذه الصلاحية كما جاءت في الجدولين (ج ود)، وبصفة خاصة (ج) يعتبر عدم احترام للدستور وانتهاك لصلاحية الولاية لهذا من الأهمية أن نقف على ما جاء في (ج ود). وهنا الفت النظر أن الجدول (أ) حدد فيه الدستور صلاحيات الحكم المركزي ولم يتضمن هذا الجدول أي صلاحية للمركز خاصة بالهيكل الرياضي وبالرياضة عموما ًوفي الجدول (ج) والخاص باختصاصات الولاية نص في الفقرة 43 منه على اختصاص الولاية (بالترفيه والرياضة داخل الولاية). وفي الجدول (د) الخاص بالاختصاصات المشتركة التي تخضع لترتيبات بمشاركة الحكومة القومية أي المركز والولايات حدد فيها في الفقرة 19مسئولية الطرفين عن إبرام العلاقات الخارجية والمشاركات الرياضية الأمر الذي يعني أن وزارة الشباب والرياضة الاتحادية بحكم أنها تمثل المركز ليست مسؤولة وحدها عن هذا الجانب وكان يتعين إنشاء مجلس يجمع الوزارة مع الولايات وهذا يعني تلقائياً أن الاتحاد العام كتنظيم مركز يجب أن تقف مسؤوليته في هذهع الفقرة (19) إلى المشاركات الخارجية وها هي الفيفا تحدد الذين يحق لهم المشاركات الخارجية هي الأندية حاملة الترخيص وعليه تصبح المعادلة واضحة وهي أن يقتصر هيكل الاتحاد العام على الأندية المرخصة وحدها وما تبقى من أندية غير مرخصة هي شأن ولائي الأمر الذي يعني أن تقوم الجمعية العمومية للاتحاد العام بالتمثيل المباشر للأندية المرخصة. ولكن أين المسئول ومتى نتجرد حتى لا يقع الهيكل فريسة لحسابات الانتخابات وأن الاتحادات المحلية لم تعد صيغة للتمثيل في المركز وأن التمثيل للأندية المرخصة في الاتحاد العام ويبقى من حق الولاية أن تحدد الهيكل بالولاية لبقية الأندية غير المرخصة وإذا كان لها أن تمثل في المركز فهذا عبر اتحاد واحد للولاية وليس هذا الكم الهائل من اتحادات المدن فالمدن لا تمثل في المركز.