مثلما قلت قبلا عندما استضافني الزميل العزيز هيثم كابو عبر محطة خارجية في محاكمته الفنية عن أسطورة محمد وردي التي كان يقدمها بنجاح شديد عبر قناة هارموني المتوقفة حاليا قلت له حينها أعذرني عن هذه المشاركة، أولاً وردي قامة فنية ستطالني سهام النقد إن تحدثت عنه بشئ من ارائي الخفية في دواخلي لأنه وباجماع الكل خط أحمر ممنوع التحدث عنه بشئ من النقد، ثانياً وردي قدم لأجيال أبي وكل الآتين بعدهم حتى الجيل الذي يلينا فااطرب وامتع وأقنع وأعجب فأصبح فنان الزمان والمكان فكيف لي أنا إبنة الثمانينيات أن أتحدث عنه، لم يقنع كابو حديثي هذا بل ازداد إصراراً بعد مبرراتي أن أشارك لأنه وكعادته يحب المشاكسة والمعاكسة وسخونة الأحداث وبالفعل سجلت له الإفادة ونزلت بسياط نقدي على الراحل وردي تحدثت عن فنه بإيجابية تامة وهذه لا تحتاج إلى شهادة مني ولكنني انتقدته في تعاليه وبرجه العاجي الذي يسكنه والمهم حديث عن شخصه ربنا يرحمه يتقبله قبولا حسنا المهم في الموضوع وفي كل ماذكرت سابقاً ردة فعل وردي الذي علمني درسا في فنون الرد والحديث لن أنساه ماحييت لن انسى هزة رأسه وابتسامته التي علت شفتيه بكل رضا وقبول بحديثي واكتفى بقوله ابنتي بلالة قد يساوي عمرها عمر أحد احفادي من أين لها بهذا الإنطباع وحديث دبلوماسي أدركت فقط أن وردي نخبوي وتراجعت عن فكرة الغرور وادركت إنه جهوي حينما غنى لأهله بالرطانة وادركت إنه ثوروي حينما سمعت ياشعبا لهبت ثوريتك وتلقى مرادك والفي نيتك وكثير من الأغنيات المايوية وادركت وطنيته حينما غنى لاستقلال الوطن فكانت اليوم نرفع راية استقلالنا ويسطر التاريخ مولد شعبنا ونحن اليوم نسطر حروف من حزن بمداد الدمع على الراحل الساكن في القلوب والوجدان محمد وردي ومايزال ادراكي يتوجه إلى وردي حينما يغني للحب والمحبوب الناس القيافة حبينا اللطافة ونحن حبينا أي حاجة عند وردي التلحين والغناء والحديث وحتى الضحك ووردي نفسه قيافة وأناقة تحكي عن فنان له عظمته وذوقه الخاص في اختيار ملابسه كما ذوقه في اختيار اغنياته وألحانه. تمر علينا اليوم ذكرى وردي ولا نظن أن الشعب قد نساه واغنياته حاضرة وعظمة فنه محفورة. حلو القول إن أردتم أعزائي القراء أن تستمتعوا بالكتابة عن ذكرى عليكم بمادة مجاورة في هذه الصفحة كتبها الزميل مجنون القلم هيثم صديق قرأتها حرف حرف وسطر سطر وفقرة فقرة فلم أجد أو استمتع طوال حياتي بمثل هذا التميز والسهل والجميل فشكراً لك هيثم وانت تتحفنا بهذا الإبداع المجنون. أجراس ملونة * وصيتك يا قلبي الخانك تخونو.. والفائت حدودك أوعى في يوم تصونو. * ما أجمل الراحل وردي وما أجمل الوصية.. وما أجمل ما قدم. * غاب وردي عن الوطن فترة طويلة فبقي موجوداً بما قدم وحضر وردي إلى الوطن فرحبنا به ترحيب الموجود بيننا دوماً، ورحل وردي إلى دار الخلود فظل محفوراً فينا، ما أعظمك يا فنان بقامة وطن. * قدم لجيل البطولات، ولجيل التضحيات، ولجيل محمود عبد العزيز، وحتى جيل أحمد ابني ذو الخمس سنوات سينشأ يسمع لأغنيات وردي، فهل تحتاجون أكثر من هذا لنؤكد للعامة أنه فنان الزمان والمكان. * في أول ظهور للراحل محمد وردي بعد قدومه للسودان عبر سهرة سقط اسمها سهواً من ذاكرتي على شاشة قناة النيل الأزرق أنتجها المبدع النور الكارس ظهر وهو يغني جالساً على الكرسي ولكن صوته لم يتغير واحتفظ برونقه ورخامته وظهر في آخر حفلات رأس السنة بصالة اسبارك سيتي على شاشة قناة النيل الأزرق ايضاً فكان هو وردي نفسه لم يتغير رغم مرور السنوات وأفلح مؤخراً في إعادة توزيع أغانيه حسب حباله الصوتية ولم يتغير شئ من الألق والإبداع. * أقابلك في زمن ماشي، وزمن جايي، وزمن لسه، أشوف الماضي في عينيك باكر، وأريت باكر يكون هسه، كلما دندنت بها ظلت صورة وردي أمامي وهو يؤديها مع انفعال جماهيري متواصل. * غنى للدوش، غنى للحلنقي، وشكّل ثنائية في بداياته مع اسماعيل حسن، محمد علي أبوقطاطي، صلاح أحمد ابراهيم والطير المهاجر هي الأشهر وللفيتوري وللكثير من المدارس الشعرية المختلفة. * يا بلدي يا حبوب، يا أب جلابية وتوب، وسروال ومركوب، للراحل سيد أحمد الحردلو، وردي وطني وغيور على ترابه من الطراز الأول. * محمد عثمان وردي يحترم فنه، بكافة محتوياته، اختيار الكلمات، الألحان، احترام الجمهور والمعجبين، احترام الزمن، وقدسية التعامل مع الشعراء، وهي عوامل تكاملت مع مقدراته الصوتية واللحنية والأدائية فأخرجت عبقري للأغنية السودانية وأسطورة لن تتكرر. * آمال النور رغم احترافها للفن لكنها ظل تعتز أنها تقف خلف وردي وضمن كوراله الموسيقي إلى أن توفاه الله، رغم كينونتها الفنية المعروفة.