إعداد الأندية للموسم الرياضي هو مفتاح البطولات ولكن عندما يتحول الإعداد لتظاهرات في االصحف فإنه بلا شك مؤشر سالب لأن أهم مقومات الإعداد أن يجري في صمت ولكن طالما أن باب النجار مخلع فإننا لن نشهد إعداداً بالمعنى العلمي وربما نشهد سياحة تستنزف المال فيما لا يجدي، فالمدربون أنفسهم نراهم يتواجدون في ساحة الصحف أكثر من وجودهم في الملعب حيث أنهم يتسابقون في إطلاق التصريحات وإجراء الحوارات وكلها تكشف حال الفريق وبالتفصيل الدقيق حتى باتت الصحف تتناول التنافس بين اللاعبين في المراكز ومن نجح منهم ومن أخفق حتى أصبحت فترة الإعداد ساحة للتنافس بين اللاعبين تحت الأضواء والمؤسف أن أكثر هذه الأحاديث تنشرها الصحف على لسان المدربين تحمل تقييماتهم للاعبين ولا أدري لمصلحة من يكشف المدربون عن الأوضاع الداخلية لمعسكرات الإعداد وقد بلغ بنا الأمر أن نشهد قمة كروية على أعلى مستوى بين أندية القمة كل منها يفاخر بتميزه عن الآخر ولكن على الورق . والتسابق على إطلاق التصريحات لا يقف عند المدربين، بل يتسابق المدربون وقدامى اللاعبين على التبشير بالبطولات القادمة ولغرابة الأمر أن غالبيتهم يبنون أحكامهم على ما تورده الصحف لبعدهم عن المعسكرات . بل أدق الأسرار عن فترة الإعداد تتناولها الصحف بحرية تامة استناداً على مصادرها الرسمية فقد اطلعت مرة على حديث صحفي عن بعض اللاعبين بمسمياتهم أسقطهم المدرب من حساباته، بل ذهب من يقول إنه طالبهم أن يبحثوا عن أندية أخرى وهو حديث بالغ الخطورة حتى لو كان خبراً مدسوساً لما يتركه من آثار سالبة على اللاعبين. ولعل أكثر المدربين استعراضاً في الصحف وإعلاناً لأدق التفاصيل ما يصدر عن مدربي القمة فكل من مدربي الهلال والمريخ لا يكفون عن وعودهم وهم يبشرون جماهير القمة والصحف الموالية أن كأس الأندية الأبطال هو هديتهم اليهم وأنها مسألة وقت فقط، فهل تعاقدت معهم الأندية للتسابق في إطلاق الوعود واستعراض العضلات وبيعهم الأحلام . ليت المدربون يسمعون بالمثل السوداني الذي يقول (السواي ما حداث)، فيكفوا عن إطلاق الوعود والترويج للأوهام ليحدثونا في الملعب وليفرحونا يوم تنطلق صافرة الحكم معلنة الفوز بالكأس يومها فقط لا يحتاجون للحديث ولإطلاق التصريحات، فالملعب يتحدث عنهم لأن الإنجاز الكبير هو الذي يجيد لغة الحديث المفرح وليس حديث الوهم . حقيقة أن إدارات الأندية شريكة في صناعة الوهم والاتجار به في سوق الخداع غير المبرر لأنها بدلاً من أن تحد من التصريحات بلا حدود وأن تنتهج سياسة رشيدة تطوع بها الأجهزة الفنية حتى تحيط فترة الإعداد بسرية تامة تقدم لنا فرقاً مؤهلة للبطولات ولكن الإدارات نفسها تنتفخ غروراً وهي تنعم بخداع الجماهير الى أن يأتي يوم تتكشف الحقيقة ولا يبقى هناك غير بطل واحد الملعب وحده سيعلن من هو ويومها ينقلب الحال لتسود الانفعالات والانفجارات والتظاهرات والاعتصامات وتبادل الاتهامات بعد أن تنهار الوعود ويقول الملعب كلمته يوم يكف نجوم التصريحات عن الثرثرة ويتفرغ الأدعياء لخلق المشكلات لتدور الساعة ونعود للمربع الأول كما كنا في الموسم السابق و الأسبق وهكذا تدور بنا ساقية جحا. ارحمونا يرحمكم الله وليكن حديثكم يوم التتويج من الملعب حتى لا تبيعونا كؤوساً وإنجازات من الوهم. فلو أن البطولات تحرز على صفحات الصحف لتسيدنا العالم ولكنا نطمع في أن نتحدث من الملعب ليسجل التاريخ ولو مرة واحدة أن كأس الأبطال أخذ طريقه للسودان ليرتفع علم الوطن أمام العالم ويتحدث عن نفسه ويومها سنتحدث نحن عنكم ولن نحوجكم أن تحدثونا عن أنفسكم. أريحونا من تصريحاتكم دام فضلكم.