أكتب هذه المقالة قبل أن يعرف مصير (تالت التلاته) أهلي شندي وأتمنى أن يكون وفِّق في مشواره حتى لا تكتمل الفضيحة التي تخوفت منها في مقالتي السابقة من أن يتم طلاق السودان بالتلاتة. ولعنة الله على هذه البرمجة التي تزامنت الهزيمة فيها وحالة الطلاق التي أكرر أمنيتي ألا تكون بالتلاتة تزامنت مع ليلة السابع من أبريل اليوم العالمي للوقاية والحماية من الضغط العالي لتكون (هدية) القمة في هذا اليوم ولشعب السودان كله ليلة الإصابة بالضغط وليس الوقاية منه ولكنها إرادة الله وما شاء الله فعل وإن كانت المسؤولية على الإعلام الذي زرع في المساكين والبسطاء أملاً في من لا أمل فيهم بلغة الحساب والمستوى الفني ولكنها التجارة الرابحة فبمثلما تاجروا بزراعة الأمل الكاذب سيتاجرون بالهزيمة المتوقعة وستشهدون من بشروا وبالغوا وهيأوا المسرح مسبقاً لتظاهرات الفرح بالنصر المضمون وستشهدونهم أنفسهم (سيبدعو) في إثارة ذات الجمهور ضد الهزيمة وضد كل المستهدفين منهم إرضاء لانفعالات الجماهير والمتاجرة بمشاعرهم التي كانوا السبب في رفع معدلات الأمل الكاذب في نفوسهم بعكس ما يؤكده المستوى المتواضع للقمة من واقع عروضها في الملعب. المتاجرة بالقمة للترويج للصحف ولأجهزة الإعلام المرئية والمسموعة أصاب القمة في مقتل فبدلاً من أن تشتعل حرب المنافسة بينهما على حصد البطولات فقد أصبح التنافس بينهما على من يكون أقل سوءاً من الآخر وليس من يحقق البطولة منهم لتشكل هذه المنافسة الغريبة سوقاً للترويج الإعلامي حيث لم يعد مهما أن يحققوا إنجازات بالبطولات وإنما المهم ألا يكون الهلال أو المريخ أكثر سوءاً من غريمه لينشروا الفرح في الأقل سوءاً ويكيلوا السباب لمن هو أكثر سوءاً لهذا لا إكابر إذا قلت إن مسؤولية الإعلام أكبر من مسؤولية الإدارات بالرغم من الإخفاقات الإدارية. وبسبب مسؤولية الإعلام شهدت لقاءات القمة انفلاتاً جماهيرياً ما كان ليحدث لو أن الإعلام هيأ هذا الجمهور للنتيجة المتوقعة حسب مستوى الفريقن المتواضع والذي أكدته لقاءات الفريقين الأخيرة مع أن أداء الفريقين في المنافسات المحلية وأمام فرقنا المتواضعة كانت مؤشراً واضحاً لتدني مستوى الفريقين ولكن الإعلام تاجر بالوهم وسيتاجر بالفشل فقد سافرت قمتنا للعب على أرض الخصم وعاد الفريقان بخسارة لقاء الذهاب أمام فرق متواضعة وجديدة على ساحة التنافس وبالرغم من أن النتيجة سيئة ومخيبة للفريقين فى مرحلة بدائية وأمام فرق حديثة عهد، بل بعضها من هو في مؤخرة دوريه المحلي إلا أن الصحافة وكتابها من كل صوب وجهوا سهامهم للهلال لأنه كان الأكثر سوءاً من المريخ حسب النتيجة وليفرط الإعلام في مدح المريخ الذي عاد بنتيجة سيئة كما هو حال الهلال إلا أنه كان أقل سوءاً فاستحق التهليل والكبير الذي أصبح موضة في عصرنا هذا وأفرطوا في ذم الهلال فكان ذمهم للهلال حافزاً له في لقاء الإياب ومدحهم للمريخ زرع فيه التعالي والغرور.. ثم جاء يوم لقاء الإياب وليخسر الفريقان التأهل ويفقدا التأهل لدور ال16 وأظنها أول مرة في تاريخ الكرة السودانية أن يودعا معاً في توقيت واحد التصفيات في هذه المرحلة ولكن جاءت النتائج هذه المرة لتقول إن المريخ الذي أفرطوا في مدحه الأكثر سوءاً من الهلال الذي أفرطوا يومها في ذمه لزوم التجارة فجاءت نتيجته وإن كانت لا تقل سوءاً عن المريخ طالما فقد التأهل بالرغم من أنه كسب اللقاء على أرضه ولكنه كما هو حال المريخ المهزوم خسر الهلال التأهل ليتساويا في المحصلة النهائية ولكنه هذه المرة كان الأقل سوءاً من المريخ.. وهكذا انقلب الحال ليتصاعد ذم المريخ مقارنة بالهلال فقبيلة الهلال باتت سعيدة رغم ثورتها الانفعالية بعد أن انتزع منها المريخ لقب الأكثر سوءاً وأن هلالها أصبح الأقل سوءاً من المريخ. بذمتكم هل يمكن أن يكون هذا حال التنافس بين قمة الكرة السودانية وهل يمكن أن يكون هذا دور الإعلام في أي بلد؟ أكرمك الله يا خالد وأنت تصحو في رحاب الله فجعنا أول أمس برحيل الأخ والصديق خالد أحمد إدريس الذي أكرمه الله وهو يرحل عنا بلا سابق إنذار وفي صمت وهو يستسلم لسريره كعادته كل ليلة استعداداً لمواصلة عمله في اليوم التالي فإذا به يصحو من نومه ليجد نفسه في رحاب الله وفي دنيا أفضل من دنيانا تحت رحمة ورعاية من يعرف قدر الرجال ويحسن الجزاء لمن كان رمزاً في القيم والإخلاق. خالد فقد كبير فجعنا بخبر نعيه المفاجئ ودعوانا له أن يتوله الله برحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم ذريته الصبر والسلوان والى جناة الخلد يا خالد وستبقى خالداً في نفوسنا بما خلفته من ذكرى طيبة لكل من عرفك وارتبط بك في ساحة العمل. إنا لله وإنا اليه راجعون.