كالعادة فتحت النيران على كل من ارتبط بالمنتخب الوطني وإخفاقاته التي ظلت سمة ملازمة له منذ عام 1970 ولكنا ظللنا منذ ذلك الوقت ننسب الإخفاق للأشخاص ونتجاهل تماماً العلة في النظام الرياضي أو الهيكل الرياضي، وليس صحيحاً أن نحمل الإخفاق للأشخاص بينما الحقيقة تقول إن الإخفاق يرجع لخلل في البنيان الرياضي، وطالما أن البنيان نفسه متصدع وخرب فإنه بلا شك المسؤول عن الإخفاقات، وإن كان هذا لا يعفي الأشخاص من المسؤولية ولكن بلا شك لا يحق لنا أن نحملهم وحدهم هذه المسؤولية حيث أننا تحت ظل هذا البنيان الرياضي لن نحقق أي وجود خارجي في مواجهة دول تتمتع ببنيان رياضي مؤهل لتحقيق هذه النتائج وبكوادر إدارية صاحبة خبرة وكفاءة عالية. بجانب ذلك فغننا في نفس الوقت نفتقد على المستوى البشري وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فأغلبية عناصر البنيان البشري في غير مكانها وموقعها لهذا اجتمعت عناصر الفشل بنياناً وكادراً بشرياً. فعلى المستوى الرسمي الدولة غائبة ومغيبة لهذا كان من الطبيعي أن يكون دورها سالباً. إدارات الاتحادات على كل المستويات أكثريتها غريبة ووافدة على الكيان الرياضي لأسباب ودوافع غير رياضية، وهكذا الحال في الأندية ولعل من المفارقات الغريبة في النظام الكروي في السودان فإنه لا يعرف وجوداً على أي مستوى لنجوم اللعبة الدوليين من أصحاب المؤهل والكفاءة والخبرة، سواء على مستوى الإدارة في الاتحادات أو الأندية أو الحكام . ويمتد واقعنا الغريب أن هذه الأندية مؤسسات رياضية يحكمها قانون لا وجود له في الواقع، حيث أنّ قاعدة هذه الأندية، بل والاتحادات تقوم على كوادر مستجلبة بغرض الصوت الانتخابي بكل الوسائل حتى غير المشروعة وليست كوادر لها ارتباط باللعبة لهذا يغيب دورها الرقابي، بل هي أدوات تحرك عند اللزوم مما غيب المحاسبة الواعية عن هذه المؤسسات الرياضية بل الأخطر من هذا أن المشجع العادي والذي لا يربطه بالنادي إلا انتماء عاطفي فقد أصبح صاحب قرار في النادي بانفعالاته ولم يعد الجادون منهم يكتسبون عضوية هذه المؤسسات لتكون تدخلاتهم مشروعة ومسنودة بقانون أو عبر شلليات تعمل لحساب الإداريين وليت الأمر يقف عند هذا الحد فكثير من الصحفيين تخلوا عن مهامهم المحايدة وبالرغم من ضعف تأهيلهم الفني وتحت دافع العاطفة أو الولاء للإداريين انصرفوا عن مهامهم الصحفية وأصبحوا طرفاً في تسجيلات اللاعبين وهذا ما لا يحق لهم أياً كان دافعهم فليس لهم أن يبدوا رأياً في من يسجل ومن يشطب، وإن أرادوا ذلك فلينتقلوا لساحة العضوية في الأندية حيث يصبح من حقهم هذا التدخل. نظرة واحدة اليوم لما تشهده أنديتنا من انتقالات اللاعبين وشطبهم لما صعب على أي مراقب أن يرصد الخلل فيما يحدث في كرة القدم حتى صعب علينا أن نفهم من هم الذين يقومون بالإحلال والإبدال في الأندية ولعل من أغرب السلوكيات أن نشهد كيف أن أنديتنا في نفس الدرجة الممتازة وهي مقبلة على الدورة الثانية والتي نعول عليها لتكون نداً للقمة يرفعون مستوى التنافس، فها هي نفسها تتاجر بأفضل لاعبيها للقمة وتسترد مكانه المرتجع منهم مما يؤكد عدم أهليتها كأندية منافسة بسبب فارق الإمكانات مما يؤكد أنها أندية هامش وستبقى كذلك. لهذا نحتاج لمناقشة القضية بشجاعة لبحث عدم أهلية البنيان وإعادة النظر في الكادر البشري حتى يتم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن تتم إعادة صياغة البنيان الرياضي حتى يكون مؤهلاً وعلى قدر مسؤوليته ليفرز أندية متكافئة وليست تمامة عدد، أما أن نفتقد كلا العنصرين، ثم نتباكى على الفشل الذي أدمنّاه ولا نستحق غيره، فهذا ما يجعلنا (نعرض خارج الزفة) ومن لا يعرف جوهر مشكلته لن يعرف طريق الحل. نحن عاجزون عن فهم المشكلة وإن عرفناها نفتقد السلطة التي تملك الشجاعة لمعالجتها. فلماذا تبكون على حال الرياضة وتطلبون منها ما لا تملك أن تعطيه. (يلا بلا لمة).