الحلقة الثالثة دستور السودان المؤقت لسنة 2005 له الحاكمية على كل القوانين وقد نص هذا الدستور على أن السودان دولة لا مركزية تقوم على نظام فيدرالي قوامه الحكومة القومية والجنوب (قبل الانفصال) والولايات وحدد الدستور اختصاصات كل من المكونات الثلاثة كما حدد الاختصاصات التي تخرج عن دائرة أي منها بما أسمته الاختصاصات المشتركة وهي اختصاصات لا يجوز لأي عنصر من الثلاثة أن يمارسها منفرداً لأنها لا تقع تحت اختصاصه. وذهب الدستور لأن يؤكد بصورة واضحة وقاطعة أنه لا يجوز لأي من مكونات النظام اللامركزي أن يتغول على اختصاصات أي مستوى منها. مسودة القانون المقترح لسنة 2013 تحت مسمى قانون الشباب والرياضة القومي لسنة 2013 والذي تتولى تقديمه وتختص به وزارة مسمى بوزارة الشباب والرياضة القومية. إذن أول ما يتبادر للذهن هنا، بل هو في حقيقة الأمر ملزم للمشرع للقانون أن يراعي فيه توافقه مع دستور 2005 لأنه ليس هناك قانون لا يستند على دستور والسودان يحكمه الآن دستور 2005 لحين وضع دستور جديد يجري الحوار حوله الآن. ولتأكيد ما ذهبت إليه لنترك دستور 2005 يتحدث عن نفسه (وعند جهينة الخبر اليقين): 1. في صفحة -3- منه وفي المادة 2 منه تحت عناون السيادة نص على ما يلي (السيادة للشعب وتمارسها الدولة وفقاً لنصوص هذا الدستور والقانون دون إخلال بذاتية الجنوبوالولايات (وهذا تاكيد لحق المكونات الثلاثة) 2.المادة -3- تحت عنوان حاكمية الدستور القومي الانتقالي ونصت على (الدستور القومي الانتقالي هو القانون الأعلى للبلاد ويتوافق مع الدستور الانتقالي للجنوب ودساتير الولايات وجميع القوانين) 3. في صفة 10 الفصل الرابع تحت عنوان نظام الحكم اللامركزي ومستويات الحكم نص في المادة 24 على ما يلي: ( السودان دولة لا مركزية وتكون مستويات الحكم فيه على الوجه التالي: أ- مستوى الحكم القومي ب- الجنوب ج-مستوى الحكم الولائي الذي يمارس السلطة على مستوى الولايات في كل أنحاء السودان 4. في صفحة 11 تنص المادة 26 تحت عوان الروابط بين مستويات الحكم ما يلي: ( تحترم مستويات الحكم عند إدارة النظام اللامركزي للبلاد المبادئ الآتية التي تحكم الروابط فيما بينها) في الفقرة (ب) من الروابط في نفس المادة جاء مايلي: 0 تراعي كل مستويات الحكم وعلى وجه الخصوص المستوى القومي ومستوى جنوب السودان والمستوى الولائي فيما يتصل بعلاقاتها فيما بينها أو مع الأجهزة الحكومية الأخرى ما يلي: أولاً احترام كل منها لذاتية الآخر) 5. وفي نفس الصفحة الفقرة –ج- من نفس المادة 26-1- تنص الفقرة على ما يلي: (تؤدي أجهزة الحكم على كل المستويات مهامها وتمارس صلاحياتها بحيث: أولاً لا يتغول أياً منها على صلاحيات ووظائف المستويات الأخرى ثانياً: لا يتولى أي منها صلاحيات أو وظائف منحت لمستوى آخر الا وفق الدستور) على ضوء هذه الأحكام الدستورية الواضحة والملزمة يجب أن نقف على مشروع مسودة القانون المقترح لنرى لأي مدى يتوافق مع أحكام الدستور ثم بعد ذلك لنبحث توافق القانون مع قوانين المنظمات الدولية. حول الشق الأول والخاص بتوافق القانون مع أحكام الدستور فإنه يتعين علناً أن نراجعه بنداً بنداً وحرفاً حرفاً ونقطة نقطة وفق الدستور لهذا لا بد هنا أن نتوقف عن الاختصاصات التي حددها الدستور لكل مكونات الحكم اللامركزي وفق المواد المذكورة. لقد حدد الدستور اختصاصات كل مستوى من مستويات الحكم بجدول خص به المستوى المعين على ما يلي: 1. في صفحة 90 حدد اختصاصات الحكومة القومية بالجدول –أ- ويتكون هذا الجدول من 38 اختصاصاً للحكومة القومية ليس بينها أي إشارة الى أن الرياضة من اختصاص الحكومة القومية 2. صفحة 91 حدد الدستور اختصاصات الجنوب ولم يعد أمره يهمنا بعد الانفصال 3. صفحة 93 حدد الدستور اختصاصات مستوى الولايات بالجدول –ج- عددفيه 45 اختصاصاً للولايات وفي الفقرة 43 من هذا الجدول حدد أن الرياضة من اختصاص الولايات 4. في صفحة 95 حدد الدستور منا أسماها الاختصاصات المشتركة وهي اختصاصات لا تقف على مستوى بعينه من الحكم اللامركزي وإنما سماها الاختصاصات المشتركة وتشمل 32 اختصاص التي جاء في الفرقة 19 منها أن الاتفاقات الخارجية والدولية للرياضة تعتبر اختصاصاً مشتركاً بين الحكومة القومية والولايات . مما سبق توضيحه فإن: 1. الحكومة القومية ليس لها أي اختصاص بالرياضة وعليه لا يجوز أن يصدر عنها قانون ويجعل من الرياضة مسؤولية وزارة قومية تتبع للحكم القومي حيث أن من يعطي هنا لا يملك أن يعطي وفاقد الشئ لا يعطيه 2. الهيئات الرياضية التي تمارس نشاطاً محلياً من اختصاص الولايات فهي التي تصدر قوانينها التي تنظم الرياضة على مستوى الولاية وفق الدستور وهي مستويات تعمل باستقلالية عن الحكومة القومية والمنظمات الدولية. 3- الحكومة القومية هي شريك مع الولايات في الشأن القومي والخارجي للسودان رياضياً وعليه لا يجوز للحكومة القومية أن تشرع في شأن العلاقات الخارجية الرياضية دون مشاركة الولايات في هذا الأمر على نفس المستوى وهذا يتطلب أن تتفق الحكومة القومية والولايات على نوعية الكيان الذي يجمع بينهما لممارسة ما كفله لهم الدستور كاختصاص مشترك . لهذا فإن أصدرت الحكومة القومية قانوناً لتكوين وزارة رياضة تشرف على الرياضة محلياً وخارجياً فإنها تخالف الدستور ووتتغول على حقوق الولايات الدستورية حيث تصادر ما هو بحقها في الإشراف على الرياضة المحلية بالولاية وما هو حقها أن تكون شريكاً مع الحكومة القومية في الرياضة الخارجية. لهذا إن رأت الحكومة القومية تكوين وزارة للرياضة فإنها لا تملك أن تخولها ما لا تملك وإنما تكون ممثل لها مع الولايات في تكوين مشترك يتفق عليه ويختص فقط بالعلاقات الخارجية والنشاط القومي الذي يخرج عن حدود الولايات ومن هذا المنظور الدستوري دعونا لنراجع مسودة القانون المقترحة ثم نناقش القانون من منظور اللوائح الدولية الشريك الأصيل والأكبر في الرياضة الخارجية طالما قبلنا عضوية المنظمات الدولية. كان يجب أن يكون هذا موضعنا للحوار دون تغول أي جهة أواصل